اخي الكريم لو سمحت قصر ردك اخي الكريم من اجل الصفحات ومن هذا الذي سيأقرأ ردك الطويل العريضبــــــسم الله الــرحـــــــــــــــمن الـرحـــــــــــــــــيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاتهكيف حالكم أيها الأبطال؟ وكيف حال أهاليكم؟ وعائلتكم؟ وذويكم؟ كيف حالكمأيها الأصدقاء الصديقات الصغار؟ وكيف حالك مراقبينا الأعزاء وكيف حالكالنجمة الجميلة؟ أتمنى من أعماقي قلبي أن تكون بخير وعلى أحسن حال...وسعادةلا تفارق قولبكم ودامت شفاهكم باسمة
حقيقة لقد انهالت علي الواجبات الدراسية فبالكاد أستطيع الجلوس!! لذا كاندخولي أو يكون دخولي إلى الانترنيت بصفة عامة ومنتدى سبيس تون على وجهالخصوص قليلا جدا ..
وبسبب هذه الضغوطات التي أواجهها حاليا ً أردت أن أقاسمكم السؤال حتى لا تغصب مني صديقتنا مروةبالنسبة للسؤال المطروح من طرف أختنا الغالية مروة سؤال وجيه جدا وخاصة فيهذا الشهر الكريم أتمنى أن يدخله الله علينا باليمن والبركات.. فكان لحدثالهجرة النبوية أثر كبير على التاريخ الإسلامي والبشري فإبتداءً من الهجرةبدأ تدوين التأريخ.. وسبب وحي الله عزل وجل للرسول صلى الله عليه وسلمبالهجرة من مكة إلى المدينة(يثرب) وبعدأن تمت بيعة العقبة الثانيةونجح الإسلام في تأسيس وطن له وسط صحراء تموجبالكفر والجهالة وهو أخطركسب حصل عليه الإسلام منذ بداية دعوته ـ أذنرسول الله صلى الله عليه وسلمللمسلمين بالهجرة إلى هذا الوطن أي المدينة المنورة.
ولم يكن معنى الهجرة إلا إهدار المصالح، والتضحية بالأموال، والنجاة بالشخص فحسب، مع الإشعاربأنه مستباح منهوب قد يهلك في أوائل الطريق أو نهايتها، وبأنه يسير نحومستقبل مبهم، لا يدرى ما يتمخض عنه من قلاقل وأحزان.
ومن هنا سأتركبين أيديكم موضوعاً شاملاً وجدته عبر بحثي في صفحات الانترنيت لعله يعوضعدم مشاركتي كما أنه أفضل من ألا أشارك نهائياً !
وبدأالمسلمون يهاجرون وهم يعرفون كل ذلك، وأخذ المشركون يحولون بينهم وبينخروجهم؛ لما كانوا يحسون به من الخطر، وهاك نماذج من ذلك:
1 ـ كان من أول المهاجرين أبو سلمة ـ
هاجر قبل العقبة الكبرى بسنة على ما قاله ابن إسحاق ـ وزوجته وابنه، فلماأجمع على الخروج قال له أصهاره: هذه نفسك غلبتنا عليها، أرأيت صاحبتناهذه؟ علام نتركك تسير بها في البلاد؟ فأخذوا منه زوجته، وغضب آل أبيسلمة لرجلهم،فقالوا: لا نترك ابننا معها إذ نزعتموها من صاحبنا، وتجاذبواالغلام بينهم فخلعوا يده، وذهبوا به. وانطلق أبو سلمة وحده إلىالمدينة.
وكانت أم سلمة رضي الله عنها و بعد ذهاب زوجها وضياع ابنها تخرج كل غداةبالأبطح تبكى حتى تمسى، ومضى على ذلك نحو سنة، فرق لها أحد ذويها وقال:ألا تخرجون هذه المسكينة؟ فرقتم بينها وبين زوجها وولدها، فقالوا لها:الحقى بزوجك إن شئت، فاسترجعت ابنها من عصبته، وخرجت تريد المدينة ـ رحلةتبلغ حوالى خمسمائة كيلو متر تمر بين شواهق الجبال ومهالك الأودية ـ وليسمعها أحد من خلق الله. حتى إذا كانت بالتَّنْعِيم لقيها عثمان بن طلحة بنأبي طلحة، وبعد أن عرف حالها شيعها حتى أقدمها إلى المدينة، فلما نظر إلىقباء، قال: زوجك في هذه القرية فادخليها على بركة الله، ثم انصرف راجعًاإلى مكة.
2 ـ وهاجر صُهَيْب بن سِنان الرومى
وذلك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أرادالهجرةقال له كفار قريش: أتيتنا صعلوكًا حقيرًا، فكثر مالك عندنا، وبلغت الذيبلغت، ثم تريد أن تخرج بمالك ونفسك؟ والله لا يكون ذلك. فقال لهمصهيب: أرأيتم إن جعلت لكم مالى أتخلون سبيلى؟ قالوا: نعم، قال:فأني قد جعلت لكم مالى، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (ربح صهيب، ربح صهيب).
3 ـ وتواعد عمر بن الخطاب، وعَيَّاش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص بن وائل موضعًا اسمه التَّنَاضُب فوق سَرِف يصبحون عنده، ثم يهاجرون إلى المدينة، فاجتمع عمر وعياش، وحبس عنهما هشام.
ولما قدما المدينة ونزلا بقباء قدم أبو جهل وأخوه الحارث إلى عياش ـ وأمالثلاثة واحدة، وهي أسماء بنت مُخَرِّبَة ـ فقالا له: إن أمك قد نذرت ألايمس رأسها مشط، ولا تستظل بشمس حتى تراك، فَرَقَّ لها. فقال له عمر:يا عياش، إنه والله إن يريدك القوم إلا ليفتنوك عن دينك فاحذرهم، فوالله لوآذى أمك القمل لامتشطت، ولو قد اشتد عليها حر مكة لاستظلت، فأبي عياش إلاالخروج معهما ليبر قسم أمه، فقال له عمر: أما إذ قد فعلت ما فعلت فخذناقتى هذه، فإنها ناقة نجيبة ذلول، فالزم ظهرها، فإن رابك من القوم ريبفانج عليها.
فخرج عليها معهما، حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال له أبو جهل: يابن أمي،والله لقد استغلظت بعيري هذا، أفلا تعقبني على ناقتك هذه؟ قال: بلى،فأناخ وأناخا ليتحول عليها، فلما استووا بالأرض عدوا عليه فأوثقاه وربطاه،ثم دخلا به مكة نهارًا موثقًا، وقالا: يا أهل مكة، هكذا فافعلوابسفهائكم، كما فعلنا بسفيهنا هذا.
هذه ثلاثة نماذج لما كان المشركون يفعلونه بمن يريدالهجرةإذا علموا ذلك. ولكن على رغم ذلك خرج الناس أرسالًا يتبع بعضهم بعضًا.وبعد شهرين وبضعة أيام من بيعة العقبة الكبرى لم يبق بمكة من المسلمين إلارسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعلى ـ أقاما بأمره لهما ـ وإلا مناحتبسه المشركون كرهًا، وقد أعد رسول الله صلى الله عليه وسلم جهازه ينتظرمتى يؤمر بالخروج، وأعد أبو بكر جهازه.
روى البخاري عن عائشة قالت: قال رسول الله صلىالله عليه وسلم للمسلمين: (أني أريت دار هجرتكم، ذات نخل بينلابَتَيْن) ـ وهما الحرتان ـ فهاجر من هاجر قبل المدينة، ورجع عامة منكان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة، وتجهز أبو بكر قبل المدينة، فقال لهرسول الله صلى الله عليه وسلم: (على رِسْلِك، فأني أرجو أن يؤذنلي). فقال له أبو بكر: وهل ترجو ذلك بأبي أنت؟ قال: (نعم)،فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه، وعلف راحلتينكانتا عنده ورق السَّمَر ـ وهو الخَبَطُ ـ أربعة أشهر.
في دار الندوة [برلمان قريش]
ولما رأى المشركون أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تجهزواوخرجوا، وحملوا وساقوا الذرارى والأطفال والأموال إلى الأوس والخزرجأصابتهم الكآبة والحزن، وساورهم القلق والهم بشكل لم يسبق له مثيل، فقدتجسد أمامهم خطر حقيقى عظيم، أخذ يهدد كيانهم الوثني والاقتصادي.
فقد كانوا يعلمون ما في شخصية محمد صلى الله عليه وسلم من غاية قوة التأثيرمع كمال القيادة والإرشاد، وما في أصحابه من العزيمة والاستقامة والفداءفي سبيله، ثم ما في قبائل الأوس والخزرج من القوة والمنعة، وما في عقلاءهاتين القبيلتين من عواطف السلم والصلاح، والتداعي إلى نبذ الأحقاد،ولاسيما بعد أن ذاقوا مرارة الحروب الأهلية طيلة أعوام من الدهر.
كما كانوا يعرفون ما للمدينة من الموقع الاستراتيجي بالنسبة إلى المحجةالتجارية التى تمر بساحل البحر الأحمر من اليمن إلى الشام. وقد كان أهلمكة يتاجرون إلى الشام بقدر ربع مليون دينار ذهب سنويًا، سوى ما كان لأهلالطائف وغيرها. ومعلوم أن مدار هذه التجارة كان على استقرار الأمن في تلكالطريق.
فلا يخفي ما كان لقريش من الخطر البالغ في تمركز الدعوة الإسلامية في يثرب، ومجابهة أهلها ضدهم.
شعر المشركون بتفاقم الخطر الذي كان يهدد كيانهم، فصاروا يبحثون عن أنجحالوسائل لدفع هذا الخطر الذي مبعثه الوحيد هو حامل لواء دعوة الإسلاممحمدصلى الله عليه وسلم.
وفي يوم الخميس 26 من شهر صفر سنة 14 من النبوة،الموافق 12 من شهر سبتمبر سنة 622م ـ أي بعد شهرين ونصف تقريبًا من بيعةالعقبة الكبرى ـ عقد برلمان مكة [دار الندوة] في أوائل النهارأخطراجتماع له في تاريخه، وتوافد إلى هذا الاجتماع جميع نواب القبائل القرشية؛ليتدارسوا خطة حاسمة تكفل القضاء سريعًا على حامل لواء الدعوة الإسلامية؛وتقطع تيار نورها عن الوجود نهائيًا. وكانت الوجوه البارزة في هذاالاجتماع الخطير من نواب قبائل قريش:
1 ـ أبو جهل بن هشام، عن قبيلة بني مخزوم.
2، 3، 4ـ جبير بن مُطْعِم، وطُعَيْمَة بن عدى، والحارث بن عامر، عن بني نَوْفَل بن عبد مناف.
5، 6، 7ـ شيبة وعتبة ابنا ربيعة وأبو سفيان بن حرب، عن بني عبد شمس بن عبد مناف.
8 ـ النَّضْر بن الحارث، عن بني عبد الدار.
9، 10، 11ـ أبو البَخْتَرِى بن هشام، وزَمْعَة بن الأسود، وحَكِيم بن حِزَام، عن بني أسد بن عبد العزى.
12، 13ـ نُبَيْه ومُنَبِّه ابنا الحجاج، عن بني سهم.
14ـ أمية بن خَلَف، عن بني جُمَح.
ولما جاءوا إلى دار الندوة حسب الميعاد، اعترضهم إبليس في هيئة شيخ جليل،عليه بَتٌّ له، ووقف على الباب، فقالوا: من الشيخ؟ قال: شيخ من أهلنجد سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون، وعسى ألا يعدمكم منهرأيًا ونصحًا. قالوا: أجل، فادخل، فدخل معهم.
النقاش البرلماني والإجماع على قرار غاشم بقتل النبي صلى الله عليه وسلم
وبعد أن تكامل الاجتماع بدأ عرض الاقتراحات والحلول، ودار النقاش طويلًا.
قال أبو الأسود: نخرجه من بين أظهرنا وننفيه من بلادنا، ولا نبالي أين ذهب، ولا حيث وقع، فقد أصلحنا أمرنا وألفتنا كما كانت.
قال الشيخ النجدى: لا والله ما هذا لكمبرأي، ألم تروا حسن حديثه، وحلاوة منطقه، وغلبته على قلوب الرجال بما يأتىبه؟ والله لو فعلتم ذلك ما أمنتم أن يحل على حى من العرب، ثم يسير بهمإليكم ـ بعد أن يتابعوه ـ حتى يطأكم بهم في بلادكم، ثم يفعل بكم ما أراد،دبروا فيه رأيًا غير هذا.
قال أبو البخترى: احبسوه في الحديد وأغلقواعليه بابًا، ثم تربصوا به ما أصاب أمثاله من الشعراء الذين كانوا قبله ـزهيرًا والنابغة ـ ومن مضى منهم، من هذا الموت، حتى يصيبه ما أصابهم.
قال الشيخ النجدى: لا والله ما هذا لكمبرأي، والله لئن حبستموه ـ كما تقولون ـ ليخرجن أمره من وراء الباب الذيأغلقتم دونه إلى أصحابه، فلأوشكوا أن يثبوا عليكم، فينزعوه من أيديكم، ثميكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركم، ما هذا لكم برأي، فانظروا في غيره.
وبعد أن رفض البرلمان هذين الاقتراحين، قدم إليه اقتراح آثم وافق عليه جميع أعضائه، تقدم به كبير مجرمى مكة أبو جهل بن هشام.
قال أبو جهل: واللهإن لى فيه رأيًا ما أراكم وقعتم عليه بعد. قالوا: وما هو يا أباالحكم؟ قال: أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابًا جليدًا نَسِيباوَسِيطًا فينا، ثم نعطى كل فتى منهم سيفًا صارمًا، ثم يعمدوا إليه، فيضربوهبها ضربة رجل واحد، فيقتلوه، فنستريح منه، فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمهفي القبائل جميعًا، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعًا، فرضوا منابالعَقْل، فعقلناه لهم.
قال الشيخ النجدى: القول ما قال الرجل، هذا الرأي الذي لا رأي غيره.
ووافق برلمان مكة على هذا الاقتراح الآثم بالإجماع، ورجع النواب إلى بيوتهم وقد صمموا على تنفيذ هذا القرار فورًا.
هجـرة النبـي صلى الله عليه وسلم
بين تدبير قريش وتدبير الله سبحانه وتعالى
من طبيعة مثل هذا الاجتماع السرية للغاية، وألا يبدو على السطح الظاهر أيحركة تخالف اليوميات، وتغاير العادات المستمرة، حتى لا يشم أحد رائحةالتآمر والخطر، ولا يدور في خلد أحد أن هناك غموضًا ينبئ عن الشر، وكان هذامكرًا من قريش، ولكنهم ماكروا بذلك الله سبحانه وتعالى، فخيبهم من حيث لايشعرون. فقد نزل جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم بوحى منربه تبارك وتعالى فأخبره بمؤامرة قريش، وأن الله قد أذن له في الخروج،وحدد له وقتالهجرة، وبين له خطة الرد على قريش فقال: لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه.
وذهب النبي صلى الله عليه وسلم في الهاجرة ـ حين يستريح الناس في بيوتهم ـ إلى أبي بكر رضي الله عنه ليبرم معه مراحلالهجرة،
قالت عائشة رضي الله عنها: بينما نحن جلوس في بيت أبي بكر في نحرالظهيرة، قال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متقنعًا،في ساعة لم يكن يأتينا فيها، فقال أبو بكر: فداء له أبي وأمى، والله ماجاء به في هذه الساعة إلا أمر.
قالت: فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.، فاستأذن،فأذن له فدخل، فقالالنبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: (أخرج مَنْ عندك). فقال أبوبكر: إنما هم أهلك، بأبي أنت يا رسول الله. قال: (فأني قد أذن لىفي الخروج)، فقال أبو بكر: الصحبة بأبي أنت يا رسول الله؟ قال رسولالله صلى الله عليه وسلم: (نعم).
ثم أبرم معه خطةالهجرة،ورجع إلى بيته ينتظر مجىء الليل. وقد استمر في أعماله اليومية حسبالمعتاد حتى لم يشعر أحد بأنه يستعد للهجرة، أو لأي أمر آخر اتقاء مماقررته قريش.
تطويق منزل الرسول صلى الله عليه وسلم
أما أكابر مجرمي قريش فقضوا نهارهم في الإعداد سرا لتنفيذ الخطة المرسومةالتى أبرمها برلمان مكة [دار الندوة] صباحًا، واختير لذلك أحد عشررئيسًا من هؤلاء الأكابر، وهم:
1ـ أبو جهل بن هشام.
2ـ الحَكَم بن أبي العاص.
3ـ عُقْبَة بن أبي مُعَيْط.
4ـ النَّضْر بن الحارث.
5ـ أُمية بن خَلَف.
6ـ زَمْعَة بن الأسود.
7ـ طُعَيْمة بن عَدِىّ.
8 ـ أبو لهب.
9ـ أبي بن خلف.
10ـ نُبَيْه بن الحجاج.
11ـ أخوه مُنَبِّه بن الحجاج.
وكان من عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينام في أوائل الليل بعدصلاة العشاء، ويخرج بعد نصف الليل إلى المسجد الحرام، يصلي فيه قيام الليل،فأمر عليًا رضي الله عنه تلك الليلة أن يضطجع على فراشه، ويتسجى ببردهالحضرمي الأخضر، وأخبره أنه لا يصيبه مكروه.
فلما كانت عتمة من الليل وساد الهدوء، ونام عامة الناس جاء المذكورون إلىبيته صلى الله عليه وسلم سرًا، واجتمعوا على بابه يرصدونه، وهم يظنونهنائمًا حتى إذا قام وخرج وثبوا عليه، ونفذوا ما قرروا فيه.
وكانوا على ثقة ويقين جازم من نجاح هذه المؤامرة الدنية، حتى وقف أبو جهلوقفة الزهو والخيلاء، وقال مخاطبًا لأصحابه المطوقين في سخرية واستهزاء:إن محمدًا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم، ثمبعثتم من بعد موتكم، فجعلت لكم جنان كجنان الأردن، وإن لم تفعلوا كان لهفيكم ذبح، ثم بعثتم من بعد موتكم، ثم جعلت لكم نار تحرقون فيها.
وقد كان ميعاد تنفيذ تلك المؤامرة بعد منتصف الليل في وقت خروجه صلى اللهعليه وسلم من البيت، فباتوا متيقظين ينتظرون ساعة الصفر، ولكن الله غالبعلى أمره، بيده ملكوت السموات والأرض، يفعل ما يشاء، وهو يجير ولا يجـارعليه، فقـد فعـل مـا خاطب به الرسول صلى الله عليه وسلم فيما بعد:
{وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْلِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُاللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}
[الأنفال:30].
الرسول صلى الله عليه وسلم يغادر بيته
وقد فشلت قريش في خطتهم فشلًا ذريعًا مع غاية التيقظ والتنبه؛ إذ خرج رسولالله صلى الله عليه وسلم من البيت، واخترق صفوفهم، وأخذ حفنة من البطحاءفجعل يذره على رءوسهم، وقد أخذ الله أبصارهم عنه فلا يرونه، وهو يتلو:
{وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} [يس:9].
فلم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابًا، ومضى إلى بيت أبي بكر،فخرجا من خوخة في دار أبي بكر ليلًا حتى لحقا بغار ثَوْر في اتجاه اليمن.
وبقى المحاصرون ينتظرون حلول ساعة الصفر، وقبيل حلولها تجلت لهم الخيبةوالفشل، فقد جاءهم رجل ممن لم يكن معهم، ورآهم ببابه فقال: ما تنتظرون؟قالوا: محمدًا. قال: خبتم وخسرتم، قد والله مر بكم، وذر على رءوسكمالتراب، وانطلق لحاجته، قالوا: والله ما أبصرناه، وقاموا ينفضون الترابعن رءوسهم.
ولكنهم تطلعوا من صير الباب فرأوا عليًا، فقالوا: والله إن هذا لمحمدنائمًا، عليه برده، فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا. وقام علىٌّ عن الفراش،فسقط في أيديهم، وسألوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لا علملي به.
من الدار إلى الغار
غادر رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته في ليلة 27 من شهر صفر سنة 14 منالنبوة، الموافق 12/13 سبتمبر سنة 622م. وأتى إلى دار رفيقه ـ وأمنّالناس عليه في صحبته وماله ـ أبي بكر رضي الله عنه. ثم غادر منزل الأخيرمن باب خلفي؛ ليخرجا من مكة على عجل وقبل أن يطلع الفجر.
ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن قريشًا سَتَجِدُّ في الطلب، وأنالطريق الذي ستتجه إليه الأنظار لأول وهلة هو طريق المدينة الرئيسى المتجهشمالًا، فسلك الطريق الذي يضاده تمامًا، وهو الطريق الواقع جنوب مكة،والمتجه نحو اليمن، سلك هذا الطريق نحو خمسة أميال حتى بلغ إلى جبل يعرفبجبل ثَوْر وهو جبل شامخ، وَعِر الطريق، صعب المرتقى، ذو أحجار كثيرة،فحفيت قدما رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: بل كان يمشى في الطريقعلى أطراف قدميه كى يخفي أثره فحفيت قدماه، وأيا ما كان فقد حمله أبو بكرحين بلغ إلى الجبل، وطفق يشتد به حتى انتهي به إلى غار في قمة الجبل عرف فيالتاريخ بغار ثور.
إذ هما في الغار
ولما انتهيا إلى الغار قال أبو بكر: والله لا تدخله حتى أدخل قبلك، فإن كان فيه شيء أصابني دونك، فدخل فكسحه،
ووجد في جانبه ثقبًا فشق إزاره وسدها به، وبقى منها اثنان فألقمهما رجليه،ثم قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ادخل، فدخل رسول الله صلى اللهعليه وسلم، ووضع رأسه في حجره ونام، فلدغ أبو بكر في رجله من الجحر، ولميتحرك مخافة أن ينتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسقطت دموعه على وجهرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (ما لك يا أبا بكر؟) قال:لدغت، فداك أبي وأمي، فتفل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب ما يجده.
وكَمُنَا في الغار ثلاث ليال، ليلة الجمعة وليلةالسبت وليلة الأحد. وكان عبد الله بن أبي بكر يبيت عندهما. قالتعائشة: وهو غلام شاب ثَقِف لَقِن، فيُدْلِج من عندهما بسَحَرٍ، فيصبح معقريش بمكة كبائت، فلا يسمع أمرًا يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلكحين يختلط الظلام، و [كان] يرعى عليهما عامر بن فُهَيْرَة مولى أبيبكر مِنْحَة من غنم، فيريحها عليهما حين تذهب ساعة من العشاء، فيبيتان فيرِسْل ـ وهو لبن مِنْحَتِهما ورَضيفِهما ـ حتى يَنْعِق بها عامر بنفُهَيْرَة بغَلَس، يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالى الثلاث، وكان عامربن فهيرة يتبع بغنمه أثر عبد الله بن أبي بكر بعد ذهابه إلى مكة ليُعَفيعليه.
أما قريش فقد جن جنونها حينما تأكد لديها إفلات رسول الله صلى الله عليهوسلم صباح ليلة تنفيذ المؤامرة. فأول ما فعلوا بهذا الصدد أنهم ضربواعليًا، وسحبوه إلى الكعبة، وحبسوه ساعة، علهم يظفرون بخبرهما.
ولما لم يحصلوا من عليّ على جدوى جاءوا إلى بيت أبي بكر وقرعوا بابه، فخرجتإليهم أسماء بنت أبي بكر، فقالوا لها: أين أبوك؟ قالت: لا أدرىوالله أين أبي؟ فـرفع أبو جهل يـده ـ وكان فاحشًا خبيثًا ـ فلطم خـدهالطمـة طـرح منها قرطها.
وقررت قريش في جلسة طارئة مستعجلة استخدام جميعالوسائل التي يمكن بها القبض على الرجلين، فوضعت جميع الطرق النافذة من مكة[في جميع الجهات] تحت المراقبة المسلحة الشديدة، كما قررت إعطاءمكافأة ضخمة قدرها مائة ناقة بدل كل واحد منهما لمن يعيدهما إلى قريش حيينأو ميتين، كائنًا من كان.
وحينئذ جدت الفرسان والمشاة وقصاص الأثر في الطلب، وانتشروا في الجبال والوديان، والوهاد والهضاب، لكن من دون جدوى وبغير عائدة.
وقد وصل المطاردون إلى باب الغار، ولكن الله غالب على أمره،
روى البخاري عن أنس عن أبي بكر قال:
كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار، فرفعترأسى فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت: يا نبي الله، لو أن بعضهم طأطأ بصرهرآنا. قال: (اسكت يا أبا بكر، اثنان، الله ثالثهما)، وفي لفظ:(ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما).
وقد كانت معجزة أكرم الله بها نبيه صلى الله عليه وسلم، فقد رجع المطاردون حين لم يبق بينه وبينهم إلا خطوات معدودة.
في الطريق إلى المدينة
وحين خمدت نار الطلب، وتوقفت أعمال دوريات التفتيش، وهدأت ثائرات قريش بعداستمرار المطاردة الحثيثة ثلاثة أيام بدون جدوى،تهيأ رسول الله صلى اللهعليه وسلم وصاحبه للخروج إلى المدينة.
وكانا قد استأجرا عبد الله بن أُرَيْقِط الليثى، وكان هاديًا خِرِّيتًا ـماهرًا بالطريق ـ وكان على دين كفار قريش، وأمناه على ذلك، وسلما إليهراحلتيهما، وواعداه غار ثَوْر بعد ثلاث ليال براحلتيهما،
فلما كانت ليلة الاثنين ـ غرة ربيع الأول سنة 1هـ / 16 سبتمبر سنة 622م ـ
جاءهما عبد الله بن أريقط بالراحلتين، وكان قدقال أبو بكر للنبى صلى الله عليه وسلم عند مشاورته في البيت: بأبي أنت يارسول الله، خذ إحدى راحلتى هاتين، وقرب إليه أفضلهما، فقال رسول الله صلىالله عليه وسلم بالثمن. وأتتهما أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهابسُفْرَتِهما، ونسيت أن تجعل لها عِصَامًا، فلما ارتحلا ذهبت لتعلق السفرة،فإذا ليس لها عصام، فشقت نطاقها باثنين، فعلقت السفرة بواحد، وانتطقتبالآخر فسميت: ذات النطاقين.
ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه وارتحل معهماعامر بن فُهَيْرة، وأخذ بهم الدليل ـ عبد الله بن أريقط ـ على طريقالسواحل.
وأول ما سلك بهم بعد الخروج من الغار أنه أمعن في اتجاه الجنوب نحو اليمن،ثم اتجه غربًا نحو الساحل، حتى إذا وصل إلى طريق لم يألفه الناس، اتجهشمالًا على مقربة من شاطئ البحر الأحمر، وسلك طريقًا لم يكن يسلكه أحد إلانادرًا.
وقد ذكر ابن إسحاق المواضع التي مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الطريق،
قال: لما خرج بهما الدليل سلك بهما أسفل مكة، ثم مضى بهما على الساحلحتى عارض الطريق أسفل من عُسْفَان، ثم سلك بهما على أسفل أمَج، ثم استجازبهما حتى عارض بهما الطريق بعد أن أجاز قُدَيْدًا، ثم أجاز بهما من مكانهذلك فسلك بهما الْخَرَّار،
ثم سلك بهما ثَنَّية الْمَرَّة، ثم سلك بهما لِقْفًا، ثم أجاز بهمامَدْلَجَة لِقْف، ثم استبطن بهما مَدْلَجة مِجَاج، ثم سلك بهما مَرْجِحمِجَاح، ثم تبطن بهما مَرْجِح من ذى الغُضْوَيْن، ثم بطن ذى كَشْر، ثم أخذبهما على الْجَدَاجِد، ثم على الأجرد، ثم سلك بهما ذا سلم من بطن أعدامَدْلَجَة تِعْهِنَ، ثم على العَبَابيد، ثم أجاز بهما الفَاجَة، ثم هبطبهما الْعَرْج، ثم سلك بهما ثنية العَائِر ـ عن يمين رَكُوبة ـ حتى هبطبهما بطن رِئْم، ثم قدم بهما على قُباء.
وهاك بعض ما وقع في الطريق
1ـ روى البخاري عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال:
أسرينا ليلتنا ومن الغد حتى قام قائم الظهيرة وخلا الطريق، لا يمر فيهأحد، فرفعت لنا صخرة طويلة، لها ظل لم تأت عليها الشمس، فنزلنا عنده، وسويتللنبي صلى الله عليه وسلم مكانًا بيدى، ينام عليه، وبسطت عليه فروة،وقلت: نم يا رسول الله، وأنا أنفض لك ما حولك، فنام، وخرجت أنفض ما حوله،فإذا أنا براع مقبل بغنمه إلى الصخرة، يريد منها مثل الذي أردنا، فقلتله: لمن أنت يا غلام؟ فقال: لرجل من أهل المدينة أو مكة. قلت:أفي غنمك لبن؟ قال: نعم. قلت: أفتحلب؟ قال: نعم. فأخذ شاة،فقلت: انفض الضرع من التراب والشعر والقَذَى، فحلب في قعب كُثْبة من لبن،ومعى إداوة حملتها للنبي صلى الله عليه وسلم، يرتوى منها، يشرب ويتوضأ،فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فكرهت أن أوقظه، فوافقته حين استيقظ، فصببتمن الماء على اللبن حتى برد أسفله، فقلت: اشرب يا رسول الله، فشرب حتىرضيت، ثم قال: (ألم يأن للرحيل؟) قلت: بلى، قال: فارتحلنا.
2ـ وكان من دأب أبي بكر رضي الله عنه أنه كانردفًا للنبى صلى الله عليه وسلم، وكان شيخًا يعرف، ونبى الله صلى الله عليهوسلم شاب لا يعرف، فيلقى الرجل أبا بكر فيقول: من هذا الرجل الذي بينيديك؟ فيقول: هذا الرجل يهدينى الطريق، فيحسب الحاسب أنه يعنى بهالطريق، وإنما يعنى سبيل الخير.
3ـ وفي اليوم الثاني أو الثالث مر بخيمتى أم مَعْبَد الخزاعية، وكانموقعهما بالمُشَلَّل من ناحية قُدَيْد على بعد نحو 130 كيلو مترًا من مكة،وكانت أم معبد امرأة برزة جلدة تحتبى بفناء الخيمة، ثم تطعم وتسقى من مربها، فسألاها: هل عندها شيء؟ فقالت: والله لو كان عندنا شيء ماأعوزكم، القِرَى والشاء عازب، وكانت سَنَةٌ شَهْباء.
فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر الخيمة، فقال: (ماهذه الشاة يا أم معبد؟) قالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم، فقال:(هل بها من لبن؟) قالت: هي أجهد من ذلك. فقال: (أتأذنين لىأن أحلبها؟) قالت: نعم بأبي وأمي إن رأيت بها حلبًا فاحلبها. فمسحرسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ضرعها، وسمى الله ودعا، فتَفَاجَّتْعليه ودَرَّتْ، فدعا بإناء لها يَرْبِض الرهط، فحلب فيه حتى علته الرغوة،فسقاها، فشربت حتى رويت، وسقى أصحابه حتى رووا، ثم شرب، وحلب فيه ثانيًا،حتى ملأ الإناء، ثم غادره عندها فارتحلوا.
فما لبثت أن جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا عجافايتساوكن هزلًا، فلما رأي اللبن عجب، فقال: من أين لك هذا؟ والشاةعازب، ولا حلوبة في البيت؟ فقالت: لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارككان من حديثه كيت وكيت، ومن حاله كذا وكذا، قال: أني والله أراه صاحبقريش الذي تطلبه، صِفِيه لى يا أم معبد، فوصفته بصفاته الكريمة وصفًابديعًا كأن السامع ينظر إليه وهو أمامه ـ وسننقله في بيان صفاته صلى اللهعليه وسلم في أواخر الكتاب ـ فقال أبو معبد: والله هذا صاحب قريش الذيذكروا من أمره ما ذكروا، لقد هممت أن أصحبه، ولأفعلن إن وجدت إلى ذلكسبيلًا. وأصبح صوت بمكة عاليًا يسمعونه ولا يرون القائل:
جزى الله رب العرش خير جزائه ** رفيقين حَلاَّ خيمــتى أم مَعْبـَــدِ
هـمـا نزلا بالبِـــرِّ وارتحــلا بــه ** وأفلح من أمسى رفيق محمـــد
فيا لقُصَىّ مــا زَوَى الله عنكــم ** به من فعال لا يُحَاذى وسُــؤْدُد
لِيَهْنِ بني كعـب مكــان فَتاتِهـــم ** ومقعدُهــا للمؤمنـين بَمْرصَـــد
سَلُوا أختكم عن شاتهـا وإنائـهـا ** فإنكم إن تسألوا الشـاة تَشْـهَـــد
قالت أسماء: ما درينا أين توجه رسول اللهصلى الله عليه وسلم إذ أقبل رجل من الجن من أسفل مكة فأنشد هذه الأبيات،والناس يتبعونه ويسمعون صوته ولا يرونه حتى خرج من أعلاها. قالت: فلماسمعنا قوله عرفنا حيث توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن وجهه إلىالمدينة.
4ـ وتبعهما في الطريق سُرَاقة بن مالك.
قال سراقة: بينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومى بني مُدْلج، أقبل رجلمنهم حتى قام علينا ونحن جلوس، فقال: يا سراقة، أني رأيت آنفًا أسْوِدَةبالساحل، أراها محمدًا وأصحابه. قال سراقة: فعرفت أنهم هم، فقلت له:إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلانًا وفلانًا انطلقوا بأعيننا، ثم لبثت فيالمجلس ساعة، ثم قمت فدخلت، فأمرت جاريتى أن تخرج فرسى، وهي من وراءأكَمَة، فتحبسها عَلَىَّ، وأخذت رمحى، فخرجت به من ظهر البيت، فخَطَطْتُبزُجِّهِ الأرض، وخَفَضْتُ عاليه، حتى أتيت فرسى فركبتها، فرَفَعْتُهاتُقَرِّب بى حتى دنوت منهم، فعَثَرَتْ بى فرسى فخررت عنها، فقمت، فأهويتيدى إلى كنانتى، فاستخرجت منها الأزلام، فاستقسمت بها، أضُرُّهُمْ أم لا؟فخرج الذي أكره،
فركبت فرسي ـ وعصيت الأزلام ـ تُقَرّبُ بي، حتى إذا سمعت قراءة رسول اللهصلى الله عليه وسلم ـ وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات ـ سَاخَتْ يدافرسى في الأرض حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضت، فلمتَكَدْ تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماءمثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام، فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان، فوقفوا،فركبت فرسى حتى جئتهم، ووقع في نفسى حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أنسيظهر أمْرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: إن قومك قد جعلوافيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاعفلم يَرْزَأني، ولم يسألأني إلا أن قال: (أَخْفِ عنا)، فسألته أنيكتب لى كتاب أمْنٍ، فأمر عامر بن فُهَيْرة، فكتب لى في رقعة من أدم، ثممضى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي رواية عن أبي بكر قال: ارتحلنا والقوم يطلبوننا، فلم يدركنا منهم أحدغير سراقة بن مالك بن جُعْشُم، على فرس له، فقلت: هذا الطلب قد لحقنا يارسول الله،
فقال: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا} [التوبة:40].
ورجع سراقة فوجد الناس في الطلب فجعل يقول: قد استبرأت لكم الخبر، قدكفيتم ما ها هنا. وكان أول النهار جاهدًا عليهما، وآخره حارسًا لهما.
5 ـ وفي الطريق لقى النبي صلى الله عليه وسلم بُريْدَة بن الحُصَيْب الأسلمى ومعه نحو ثمانين بيتًا، فأسلم وأسلموا،
وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة فصلوا خلفه، وأقام بريدةبأرض قومه حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أُحُد.
وعن عبد الله بن بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتفاءل ولا يتطير،فركب بريدة في سبعين راكبًا من أهل بيته من بني سهم، فلقى النبي صلى اللهعليه وسلم، فقال له: (ممن أنت؟) قال: من أسلم، فقال: لأبيبكر: سلمنا، ثم قال: (مِنْ بني مَنْ؟) قال: من بني سهم.قال: (خرج سهمك)
6ـ ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي أوْستميم بن حَجَر أو بأبي تميم أوس بن حجر الأسلمى، بقحداوات بين الجُحْفَةوهَرْشَى ـ بالعرج ـ وكان قد أبطأ عليه بعض ظهره، فكان هو وأبو بكر على جملواحد، فحمله أوس على فحل من إبله، وبعث معهما غلامًا له اسمه مسعود،وقال: اسلك بهما حيث تعلم من محارم الطريق ولا تفارقهما، فسلك بهماالطريق حتى أدخلهما المدينة، ثم رد رسول الله صلى الله عليه وسلم مسعودًاإلى سيده، وأمره أن يأمر أوسًا أن يسم إبله في أعناقها قيد الفرس، وهوحلقتان، ومد بينهما مدًا، فهي سمتهم. ولما أتى المشركون يوم أحد أرسل أوسغلامه مسعود بن هُنَيْدَة من العَرْج على قدميه إلى رسول الله صلى اللهعليه وسلم يخبره بهم. ذكره ابن مَاكُولا عن الطبرى، وقد أسلم بعد قدومرسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وكان يسكن العرج.
7ـ وفي الطريق ـ في بطن رِئْم ـ لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير،وهو في ركب من المسلمين، كانوا تجارًا قافلين من الشام، فكسا الزبير رسولالله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثيابًا بياضًا.النزول بقباء
وفي يوم الاثنين 8 ربيع الأول سنة 14 من النبوة ـ وهي السنة الأولى منالهجرةـ الموافق 23 سبتمبر سنة 622م نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء.
قال عروة بن الزبير: سمع المسلمون بالمدينةبمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة، فكانوا يغدون كل غداة إلىالحَرَّة، فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة، فانقلبوا يومًا بعد ما أطالواانتظارهم، فلما أووا إلى بيوتهم أَوْفي رجل من يهود على أُطُم من آطامهملأمر ينظر إليه، فبصر برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مُبَيَّضِينيزول بهم السراب، فلم يملك اليهودى أن قال بأعلى صوته: يا معاشر العرب،هذا جدكم الذي تنتظرون، فثار المسلمون إلى السلاح. وتلقوا رسول الله صلىالله عليه وسلم بظهر الحرة.
قال ابن القيم: وسُمِعت الوَجْبَةُ والتكبيرفي بني عمرو بن عوف، وكبر المسلمون فرحًا بقدومه، وخرجوا للقائه، فتلقوهوحيوه بتحية النبوة، فأحدقوا به مطيفين حوله، والسكينة تغشاه، والوحى ينزلعليه: {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُالْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ}[التحريم:4].
قال عروة بن الزبير: فتلقوا رسول الله صلىالله عليه وسلم، فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف، وذلكيوم الاثنين من شهر ربيع الأول. فقام أبو بكر للناس، وجلس رسول الله صلىالله عليه وسلم صامتًا، فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله صلىالله عليه وسلم يحىى ـ وفي نسخة: يجىء ـ أبا بكر، حتى أصابت الشمس رسولالله صلى الله عليه وسلم، فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه، فعرف الناسرسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك.
وكانت المدينة كلها قد زحفت للاستقبال، وكان يومًا مشهودًا لم تشهد المدينةمثله في تاريخها، وقد رأي اليهود صدق بشارة حَبْقُوق النبي: إن الله جاءمن التيمان، والقدوس من جبال فاران.
ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء على كلثوم بن الهدم، وقيل: بل على سعد بن خَيْثَمَة، والأول أثبت.
ومكث على بن أبي طالب رضي الله عنه بمكة ثلاثًا حتى أدى عن رسول الله صلىالله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس، ثم هاجر ماشيًا على قدميهحتى لحقهما بقباء، ونزل على كلثوم بن الهَدْم.
وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء أربعةأيام: الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس. وأسس مسجد قباء وصلى فيه،وهو أول مسجد أسس على التقوى بعد النبوة، فلما كان اليوم الخامس ـ يومالجمعة ـ ركب بأمر الله له، وأبو بكر ردفه، وأرسل إلى بني النجار ـ أخواله ـفجاءوا متقلدين سيوفهم، فسار نحو المدينة وهم حوله، وأدركته الجمعة في بنيسالم بن عوف، فجمع بهم في المسجد الذي في بطن الوادى، وكانوا مائة رجل.
الدخول في المدينة
ثم سار النبي صلى الله عليه وسلم بعد الجمعة حتى دخل المدينة ـ ومن ذلكاليوم سميت بلدة يثرب بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، ويعبر عنهابالمدينة مختصرًا ـ وكان يومًا مشهودًا أغر، فقد ارتجت البيوت والسككبأصوات الحمد والتسبيح، وتغنت بنات الأنصار بغاية الفرح والسرور:
طـلـع الــبـدر عـلـينا **مـن ثـنيــات الـوداع
وجـب الشـكـر علـينا ** مـــا دعــا لـلـه داع
أيـهـا المبــعــوث فـينا ** جـئـت بـالأمـر المطاع
والأنصار وإن لم يكونوا أصحاب ثروات طائلة إلا أن كل واحد منهم كان يتمنىأن ينزل الرسول صلى الله عليه وسلم عليه، فكان لا يمر بدار من دور الأنصارإلا أخذوا خطام راحلته: هلم إلى العدد والعدة والسلاح والمنعة، فكان يقوللهم: (خلوا سبيلها فإنها مأمورة)،
فلم تزل سائرة به حتى وصلت إلى موضع المسجد النبوى اليوم فبركت، ولم ينزلعنها حتى نهضت وسارت قليلًا، ثم التفتت ورجعت فبركت في موضعها الأول، فنزلعنها، وذلك في بني النجار ـ أخواله صلى الله عليه وسلم ـ وكان من توفيقالله لها، فإنه أحب أن ينزل على أخواله، يكرمهم بذلك، فجعل الناس يكلمونرسول الله صلى الله عليه وسلم في النزول عليهم، وبادر أبو أيوب الأنصارىإلى رحـله، فأدخله بيته،فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:(المرء مع رحله)، وجـاء أسعد بن زرارة فأخـذ بزمام راحلته، فكانتعنــده.
وفي رواية أنس عند البخاري، قال نبى الله صلى الله عليه وسلم: (أي بيوت أهلنا أقرب؟) فقال أبو أيوب: أنا يا رسول الله، هذه دارى، وهذا بأبي. قال: (فانطلق فهيئ لنا مقيلًا)، قال: قوما على بركة الله.
وبعد أيام وصلت إليه زوجته سَوْدَة، وبنتاه فاطمة وأم كلثوم، وأسامة بنزيد، وأم أيمن، وخرج معهم عبد الله بن أبي بكر بعيال أبي بكر، ومنهم عائشة،وبقيت زينب عند أبي العاص، لم يمكنها من الخروج حتى هاجرت بعد بدر.
قالت عائشة: وقدمنا المدينة وهي أوبأ أرض الله، فكان بُطْحَان يجرى نَجْلًا، أي ماءً آجِنًا.
وقالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليهوسلم المدينة وعك أبو بكر وبلال، فدخلت عليهما فقلت: يا أبه كيف تجدك؟ويا بلال كيف تجدك؟ قالت: فكان أبو بكر إذا أخذته الحُمَّى يقول:
كل امرئ مُصَبَّحٌ في أهله ** والموت أدنى من شِرَاك نَعْلِه
وكان بلال إذا أقلع عنه يرفع عقيرته ويقول:
ألا ليت شِعْرِى هل أبيتَنَّ ليلة ** بـوَادٍ وحـولى إذْخِرٌ وجَلِيـــلُ
وهل أردْن يومــًا ميـاه مِجَنَّة ** وهل يَبْدُوَنْ لى شامة وطَفِيلُ
قالت عائشة: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته، فقال: (اللهم العن شيبة بن ربيعة، وعتبة بن ربيعة، وأمية بن خلف، كما أخرجونا من أرضنا إلى أرض الوباء).
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، وصححها، وبارك في صاعها ومدها، وانقل حماها فاجعلها بالجُحْفَة).
وقد استجاب الله دعاءه صلى الله عليه وسلم، فأرىفي المنام أن امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة حتى نزلتبالمَهْيَعَة، وهي الجحفة. وكان ذلك عبارة عن نقل وباء المدينة إلىالجحفة، وبذلك استراح المهاجرون عما كانوا يعانونه من شدة مناخ المدينة.
المصدر
كتاب الرحيق المختوم
الدروس والعبر التي يمكننا إستخلاصها جميعا من حدث الهجرة النبوية المباركة :
تلكم أيها الأحبة أحداثالهجرة،
وفيها من الدروس والعبر ما يضيق عنه المقام . فمنها :
1) درس فيالهجرة :
لقد أذن الله تعالى لنبيه وأصحابه بالهجرةلما ضاقت عليهم الأرض ، ومنعتهم قريش من إقامة دين الله .
إنالهجرةبالمعنى الشرعي ليست مجرد الانتقال من بلد إلى آخر فحسب ، بل هي هجرة عامةعن كل ما نهى عنه الله ورسولهصلى الله عليه وسلم، حتى يكون الدين كلهلله .
هجرة من الذنوب والسيئات ... هجرة من الشهوات والشبهات ... هجرة من مجالس المنكرات .. هجرة من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة .
2) الصبر واليقين طريق النصر والتمكين :
فبعد سنوات من الاضطهاد والابتلاء قضاها النبيصلى الله عليه وسلموأصحابه بمكة يهيأ الله تعالى لهم طيبة الطيبة ، ويقذف الإيمان في قلوبالأنصار ، ليبدأ مسلسل النصر والتمكين لأهل الصبر واليقين
{ إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم الأشهاد } .
إن طريق الدعوة إلى الله شاق محفوف بالمكاره والأذى . لكن من صبر ظفر .. ومن ثبت انتصر ..
{ والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون } .
[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image011.gif[/IMG]
3) درس في التوكل على الله والاعتصام بحبل الله :
لقد كانت رحلةالهجرةمغامرة محفوفة بالمخاطر التي تطير لها الرؤوس .
فالسيوف تحاصره عليه الصلاة والسلام في بيته وليس بينه وبينها إلا الباب ..
والمطاردون يقفون أمامه على مدخل الغار ..
وسراقة الفارس المدجج بالسلاح يدنو منه حتى يسمع قراءته ..
والرسولصلى الله عليه وسلمفي ظل هذه الظروف العصيبة متوكل على ربه واثق من نصره .
فمهما اشتدت الكروب ومهما ادلهمت الخطوب يبقى المؤمن متوكلاً على ربه واثقاً بنصره لأوليائه .
فالزم يديك بحبل الله معتصماً *** فإنه الركن إن خانتك أركان
4) درس في المعجزات الإلهية :
هل رأيتم رجلاً أعزلاً محاصراً يخرج إلى المجرمين ويخترق صفوفهم فلا يرونه ويذر التراب على رؤوسهم ويمضي ..
هل رأيتم عنكبوتاً تنسج خيوطها على باب الغار في ساعات معدودة ..
هل رأيتم فريقاً من المجرمين يصعدون الجبل ويقفون على الباب فلا يطأطيءأحدهم رأسه لينظر في الغار .. هل رأيتم فرس سراقة تمشي في أرض صلبه فتسيخقدماها في الأرض وكأنما هي تسير في الطين .. هل رأيتم شاة أم معبد الهزيلةيتفجر ضرعها باللبن .
إن هذه المعجزات لهي من أعظم دلائل قدرة الله تعالى ، وإذا أراد الله نصر المؤمنين خرق القوانين ، وقلب الموازين
)إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون(
[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image011.gif[/IMG]
5) درس في الحب :
وقد قال الحبيبصلى الله عليه وسلم :
" لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين " .
إن هذا الحب هو الذي أبكى أبا بكر فرحاً بصحبتهصلى الله عليه وسلم . . .
إن هذا الحب هو الذي جعل أبا بكر يقاوم السم وهو يسري في جسده يوم أن لدغ في الغار لأن الحبيب ينام على رجله .
إن هذا الحب هو الذي أرخص عند أبي بكر كل ماله ليؤثر به الحبيبصلى الله عليه وسلمعلى أهله ونفسه .
إن هذا الحب هو الذي أخرج الأنصار من المدينة كل يوم في أيام حارة ينتظرونقدومهصلى الله عليه وسلمعلى أحر من الجمر . فأين هذا ممن يخالف أمرالحبيبصلى الله عليه وسلمويهجر سنته ثم يزعم أنه يحبه !!!
يا مدعي حب أحمد لا تخالفه *** فالحب ممنوع في دنيا المحبينا
[IMG]file:///C:/DOCUME%7E1/ADMINI%7E1/LOCALS%7E1/Temp/msohtml1/01/clip_image011.gif[/IMG]
6) درس في التضحية والفداء :
لقد سطر النبيصلى الله عليه وسلموأصحابه صفحات مشرقة من التضحية ،والمغامرة بالأنفس والأموال لنصرة هذا الدين .. لقد هاجروا لله ولم يتعللوابالعيال ولا بقلة المال فلم يكن للدنيا بأسرها أدنى قيمة عندهم في مقابلأمر الله وأمر ورسولهصلى الله عليه وسلم .
فيوم أن بات علي في فراشهصلى الله عليه وسلموغطى رأسه كان يعلم أن سيوفالحاقدين تتبادر إلى ضرب صاحب الفراش ، ويوم أن قام آل أبي بكر عبداللهوأسماء وعائشة ومولاه عامر بهذه الأدوار البطولية كانوا يعلمون أن مجرداكتشافهم قد يودي بحياتهم .
هكذا كان شباب الصحابة فأين شبابنا ..
أين شبابنا الذين يضعون رؤوسهم على فرشهم ولا يضحون بدقائق يصلون فيها الفجر مع الجماعة .
نعم .. لقد نام شبابنا عن الصلاة يوم أن نام علي مضحياً بروحه في سبيل الله ، فشتان بين النومتين .
أين شبابنا الذين كلّت أناملهم من تقليب أجهزة القنوات ومواقع الشبكات . أين هذه الأنامل من أنامل أسماء وهي تشق نطاقها لتربط به سفرة النبي عليهالصلاة والسلام . ويوم القيامة ستشهد الأنامل على تضحية أسماء ، وستشهد علىالظالمين بما كانوا يعملون .
7) درس في العبقرية والتخطيط واتخاذ الأسباب :
لقد كانصلى الله عليه وسلممتوكلاً على ربه واثقاً بنصره يعلم أن اللهكافيه وحسبه ، ومع هذا كله لم يكنصلى الله عليه وسلمبالمتهاون المتواكلالذي يأتي الأمور على غير وجهها . بل إنه أعد خطة محكمة ثم قام بتنفيذهابكل سرية وإتقان .
فالقائد : محمد ، والمساعد : أبو بكر ، والفدائي : علي ، والتموين : أسماء ، والاستخبارات : عبدالله ، والتغطية وتعمية العدو : عامر ، ودليل الرحلة : عبدالله بن أريقط ، والمكان المؤقت : غار ثور ،وموعد الانطلاق : بعد ثلاثة أيام ، وخط السير : الطريق الساحلي .
وهذا كله شاهد على عبقريته وحكمتهصلى الله عليه وسلم، وفيه دعوة للأمةإلى أن تحذو حذوه في حسن التخطيط والتدبير وإتقان العمل واتخاذ أفضلالأسباب مع الاعتماد على الله مسبب الأسباب أولاً وآخراً .
8) درس في الإخلاص :
ثبت عنهصلى الله عليه وسلمأنه قال :
" إنه ليس أحدٌ أمنُّ علي في نفسه وماله من أبي بكر "
فقد كان أبو بكر} الذي يؤتي ماله يتزكى { ينفق أمواله على رسول اللهصلى الله عليه وسلم، وعلى الدعوة إلى دين الله .
لكن السؤال هنا هو
لماذا رفضصلى الله عليه وسلمأخذ الراحلة من أبي بكر إلا بالثمن ؟
قال بعض العلماء :
إنالهجرةعمل تعبدي فأراد عليه الصلاة والسلام أن يحقق الإخلاص بأن تكون نفقة هجرتهخالصة من ماله دون غيره . وهذا معنى حسن ، وهو درس في الإخلاص وتكميلأعمال القرب التي تفتقر إلى النفقة ( كنفقة الحج ، وزكاة الفطر ، وغيرها منالأعمال ) فإن الأولى أن تكون نفقتها من مال المسلم خاصة .
9) درس في التأريخ الهجري :
التأريخ بالهجرةالنبويةمظهر من مظاهر تميز الأمة المسلمة وعزتها . ويعود أصل هذا التأريخ إلى عهدعمر رضي الله عنه . فلما ألهم الله الفاروق الملهم أن يجعل للأمة تأريخاًيميزها عن الأمم الكافرة استشار الصحابة فيما يبدأ به التأريخ ، أيأرّخونمن مولده عليه الصلاة والسلام ؟ أم مبعثه ؟ أم هجرته ؟ أم وفاته ؟ .
وكانتالهجرةأنسب الخيارات . أما مولده وبعثته فمختلف فيهما ، وأما وفاته فمدعاة للأسف والحزن عليه . فهدى الله تعالى الصحابة إلى اختيارالهجرةمنطلقاً للتأريخ الإسلامي .
وظلت الأمة تعمل بهذا التأريخ قروناً متطاولة ، حتى ابتليت في هذا العصربالذل والهوان ، ففقدت هيبتها ، وأعجبت بأعدائها ، واتبعتهم حذو القذّةبالقذّة ، حتى هجرت معظم الدول المسلمة تأريخها الإسلامي فلا يكاد يعرف إلافي المواسم كرمضان والحج ، وأرخت بتواريخ الملل المنحرفة .
لقد نسينا تاريخنا فأنسينا تأريخنا .. وأضعنا أيامنا فضاعت أيامنا .. ومالم نرجع إلى ديننا الذي هو عصمة أمرنا .. فسلامٌ على مجدنا وعزنا .. واللهالمستعان .
وإن مما يفخر به كل مسلم ما تميزت به هذه البلاد بلاد الحرمين ومهبط الوحيومهاجر رسول اللهصلى الله عليه وسلممن اعتماد التأريخ الهجري النبويتاريخاً رسمياً لكافة مرافقها .
وبعد هذا الموضوع أتمنى لكم المتعة والفائدة كما أريد أن أكون قد توفقت في الاجابة ولو على جزء صغير من هذا الحدث العظيم
مع تحياتي وإحترامي
ولاكن لا بأس مرور جميل ورد محترم وتقبل مروري ع ردك******وشكرا ع الموضوع بأكمله وننتتظر المزيد من ابداعات متميزة شكرا تقبلي مروري بكرة عندي رحلة وانا مستانس ادعولي بالتوفيق هههههههه