السلام عليكم
كيف الحال والأحوال؟
سأقدم لكم موضوع جميل ^^
عالم البحار السحري
يزخرُ عالمُ البحارِ بِكائناتٍ ومخلوقاتٍ عجيبةٍ تُثيرُ دهشةَ الإنسانِ وتُحيّرُ فكرَهُ،لِما يراهُ منْ سحْرِ جمالِها،وتناسُقِ تكوينِها.
إنَّ أوّلَ ما يُلاحظُهُ المُتأمّلُ في عالمِ هذهِ المخلوقات ذلكَ التّناسُبُ الدّقيقُ بينَ شكلِ هذه الكائناتِ ووظائِفِها،فالشّكلُ الانسيابيُّ هوَ الغابُ على طائفةٍ كبيرةٍ منْها؛وذلكَ لأنّهُ يُساعدُهاعلى التّنقُّلِ والسّباحةِ، ويُخفِّفُ-إلى حدٍّ بعيدٍ-منْ مُقاومةِ ضغطِ الماءِ لِحركتِها.كما أنَّ اللهَ-عزَّ وجلًّ-وهبَها أعضاءً تُناسِبُ وظيفتَها،فالسَّمكُ الطّائِرُ-مثلًا-مُزوَّدٌ بِزعانِفَ تُشبِهُ الإجنحةَ،تُساعدُهُ على مُضاعفةِ سُرعتِهِ إذا إرادَ إنْ يلحَقَ خَصْمَهُ،أوْ أرادَ الهروبَ منْهُ
السمك الطائر
،وبعضُ الأسماكِ زُوِّدَ بِزعانفَ تُمكِّنُهُ منَ الدّورانِ والمُناورةِ بِسرعةٍ كبيرةٍ، وبعضُها يمتلكُ جِسمًا مُفلطحًا يُساعدُهُ على تحمُّلٍ شدَّةِ ضغطِ المياهِ إنْ كانَ يعيشُ في الأعماقِ.
وفي عيونِ السّمكِ خواصُّ فريدةٌ تتجلّى فيها قدرةُ الخالقِ الكريمِ ودقّةُ صُنعِهِ،فبعضُ الإسماكِ كشّافًا ضوئيًّا في الجزءِ الإسفلِ في كلِّ عينٍ تستخدمُهُ السّمكةُ في إفزاعِ أيِّ عدوٍّ يتّجهُ نحوَها، أوْ في التّخاطُبِ معَ أفرادِ نوعِها منَ الإسماكِ، إذْ إنَّها تتحكَّمُ في إطفاءِ هذا الكشاّفِ أوْ إضاءتِهِ؛ولا تستخدمُهُ إلّا عندَ حُلولِ الظّلامِ الدّامسِ.ويستعملُ كثيرٌ منْ هذهِ الحيواناتِ البحريّةِ وسائلَ فريدةً ومثيرةً في التّخفّي و التّمويهِ،سعيًا منْها إلى المُحافظةِ على حياتِها منَ الأخطارِ الخارجيّةِ الّتي تتهدّدُها.
..........
فمنْ هذهِ الكائناتِ ما يلجأُ إلى التّلوُّنِ بلونِ البيئةِ الّتي يعيشُ فيها حتّى لا يسهُلَ على أعدائِهِ التّعرُّفُ إليهِ، ومنها ما يُطلِقُ غمامةً منْ مادّةٍ سوداءَ تعمي عيونَ أعدائِهِ كما يفعلُ الحبّارُ. وقدْسُمّيَ هذا الحيوانُ البحريُّ بِهذا الاسمِ؛ لأنّهُ يقذِفُ مادّةً سائلةً لها لونُ الحبرِ عندَما يعتريهِ الخوفُ منْ عدوٍّ يتبعُهُ، وهوَ يبخُّ هذا السّائلَ في الماءِ لِيعكِّرّهُ، فيضلُّ عنهُ العدُّو التّابعُ.
الحبار
ويُعدُّ تنّينُ البحرِ سيّدَ التّمويهِ والتّخفّي في عالمِ البحارِ، فهو يُحاكي الطّحالبَ البحريّةَ المُنسابةَ، ويتحرّكُ بهدوءٍ مُتربِّصًا بفرائِسهِ، وبهذهِ الطّريقةِ يتمكّنُ منَ الإجهازِ عليها، أوْ حمايةِ نفسِهِ منْ أيِّ خطرٍ يتوقّعُهُ.أمّا إذا أخفقَ التّمويهُ في حمايتِهِ منَ الحيواناتِ المفترسةِ، كالقرشِ والإسماكِ الكبيرةِ؛ فإنّهُ يحاولُ إنْ يصدَّ الهجومَ أحيانًا باستخدامِ زوائدَ شوكيّةِ حادّةِ منتشرةٍ في جميعِ أجزاءِ جسمِهِ.
تنين البحر
القرش
وفي قاعِ البحرِ تنتشرُ أحياءٌ بحريّةٌ تُشكِّلُ حدائقَ ذاتَ بهجةٍ، فالأصدافُ الجميلةُ، والأزهارُ البحريّةُ، والصّخورُ الّتي تآلفتْ معَ الإحياءِ في تكويناتٍ هندسيّةٍ دقيقةِ الصُّنعِ هيَ إقربُ ما تكونُ إلى حدائقِنا الحافلةِ بمُختلفِ الإزهارِ.
وتبدو الطّحالبُ البحريّةُ بألوانِها الزّاهيةِ في أعماقِ البحرِ في منظرٍ بديعٍ، وهيَ خليطٌ منْ ألوانِ الطّيفِ لا يُضاهيها في الجمالِ إلّا ألوانُ الأسماكِ الّتي ترتعُ حولَها في هذا العالمِ الغريبِ الّذي يسودُهُ سكونٌ شاملٌ، وصمْتٌ مطبِقٌ، لا تُعكِّرُ صفوَهُ إلّا ذبذباتٌ مُنتظةٌ لحيوانِ مِروحةِ البحرِ، أوْ لِحيواناتِ المَرجانِ الذّقيقةِ، وهيَ ترشُفُ غذاءَها بوساطةِ أهدابٍ لا تَرى العينُ إلّا أثرَها.
حيوان مروحة البحر
كمْ فـي عالـمِ البحارِ منْ سحْرٍ وجـمالٍ! وكمْ فيهِ منْ آياتٍ تفتِنُ النّاظرَ، وتُدهِشُ المتأمِّلَ، وتُسحرُ العيونَ!
(مصطفى جزائري، سحر عالم البحار).