نعاني كلنا من مشاكل او نقص في جزء معين في حياتنا اليومية نتمنى لو نتقنه, بعضنا سيء في الرسم ويتمنى ان يكون رساما, واخر يعشق الموسيقى ولكن لا درب له او قد تكون تحب ان تكون عالما وليس عندك السبل! تجري الرياح بما لا تشتهي السفن.
لا يخفى على أحد اليوم أهمية اللغة الأنكليزية كونها اللغة الأكثر انتشارا (ولكنها ليست اكثر لغة يتحدث بها العالم فاللغة الصينية تحتل تلك المرتبة)
ان هذا الأنتشار الواسع في مختلف بقاع الأرض جعلها لغة اساسية فاليوم كل ألعاب الحاسوب تحتوي على اللغة الأنكليزية, وكذلك كل برامج الحاسوب ومواقع التواصل الأجتماعي وان اغلب المواقع وان كانت اللغة الرسمية ليست الأنكليزية فستجد اللغة الأنكليزية كلغة ثانوية
وهذا ينطبق على كل من الأفلام والألعاب والبحوث العلمية والأدوية والخ.
كثيرون من تعلموها ولكن بعضنا لم يتقنها ولم يحبها وعلى الأغلب حتى اليوم يعاني منها ويتجنبها دراسيا وواقعيا فأن وجد فيلما يبحث عن ترجمة
وان حدثت له مشكلة يبحث بلغته الأصلية متجاهلا ما كان يمكن لتعلم اللغة الأنكليزية من أمكانات تسهل كل امور الحياة.
"كان عيش احد اقربائي في الريف سببا في تجاهل هذه اللفة ففي الريف الحياة بسيطة دراسة وبعدها عمل, لم يكن احد يستخدم هذه اللغة ليس في بيته فقط فوالداه فلاحان ولكن في المنطقة كلها لم يكن احد يستخدم اي كلمة أنكليزية, كان مجتهدا في دروسه الأخرى ويحاول ان يناغم بين الدراسة والعمل وكان الحياة تسير بسلاسة حتى الصف السادس ابتدائى حين تلقى درجة 55 من مئة في أمتحان البكالرويا بينما كانت كل درجاته الأخرى فوق ال80
بدأ يلاحظ صعوبة اللغة فمع تقدم الصفوف تصبح اللغة أعقد وتدخل مصطلحات أخرى تحتاج معرفة بالمصلطحات التي مرت عليك سابقا وهذا ما جعلها تصبح اصعب واصعب بعد يوم فرغم مثابرته على الدراسة لم يرغب بتعلم اللغة بل أتجه الى طريق الخلاص منها حيث كان يدرس لينجح فقط من دون ان يتعلمها
كانت الصدمة الثانية أشد بكثير فقد رسب في الثالث متوسط (الصف التاسع) باللغة الأنكليزية وحدها وبسبب قانون بلدي (العراق) فعلى كل من يرسب بدرس ان يعيد السنة كلها بجميع الدروس الأخرى حتى وان نجح فيها جميعا, كان الأمر مغيظا جدا له فكان عليه ان يدرس من جديد كل ما درسه السنة السابقة
ترك العمل في حق والده وبدأ يدرس من جديد بهمة أكبر لسنة كاملة فقط ليرسب في الدور الأول كانت صدمة موجعة
ان خوفه من الرسوب مرة ثانية دفعه الى تكثيف جهوده التي كللت في الأخير بالنجاح بصعوبة بدرجة 57 في اللغة الأنكليزية في الدور الثاني.
في السنوات التي تلتها كان النجاح في اللغة الأنكليزية في ألأمتحان النهائي في الصفيين الرابع اعدادي والخامس اعدادي اشبه بمعجزة فكان في كل الأمتحانات على شفا حفرة من الوقوع في هاوية الرسوب. ولكن في السادس اعدادي ( الصف 12 ) النجاح بالمعجزات لا يعمل
ففي بلدي هذه السنة مصيرية ولهذا فأن جميع الأسئلة في جميع المواد لن تكون سهلة ولا يوجد هناك ذرة مساعدة او رحمة لأي شخص فهذا الأمتحان سيحدد مستقبله واي جامعة سيدخل.
لم يتفاجئ أحد برسوبه في أول سنة له لدورين متتاليين في اللغة الأنكليزية فقط بينما نجح في كل المواد الصعبة الأخرى بكل سهولة
حتى أنه قال " ان الأحباط الذي شعرت به كان كبيرا, رغم توقعي لهذه النتيجة فأن ذلك التوقع لم يقلل من الأحباط شيئا"
بدأت السنة الثانية وكما فعل في المرة الماضية تخلى عن العمل لبعض الوقت مع والديه وأتجه للدراسه بشكل أكبر
" توقعت ان انجح في السنة الثانية ولو على الأقل في الدور الثاني الا صدمتي كانت عند حصولي في الدور الأول والثاني على درجة 30 فقط, لم يكن نجاحي في كل المواد الأخرى بدرجات جيدة مهما ففي النهاية سأعيدها جميعا"
تنافش مع والداه فحتى لو كان الأبن الأكبر وله مهام كثيرة كان لابد له ان يتفرغ كليا للدراسة لذلك ترك العمل بشكل كامل هذه السنة
"ظننت ان المشكلة في الوقت, ولكني فقط لا اعرف كيف أدرسها ان قرائتي لساعات طويلة لم يجد نفعا فانا حينما ارى نفسي اليوم في السنة الثالثة لا أجد فرقا في معلوماتي عن السنة التي مضت ولا عن التي قبلها"
ان الشعور باليأس بدأ يخيم عليه ولا غبار على ان الرسوب لسنتين متتاليتين وللسنة الثالثة في حياته بسبب المادة نفسها هو نفسه مدعاة لليأس والأحباط المستمران في كل مرة تقرأ فيها الكلمات نفسها.
كانت السنة الثالثة تبشر بالخير فقد دخل في دورات تقوية ودروس خاصة للغة الأنكليزية فقط رغم كلفتها عليه ولكنها كانت اشبه بما يكون فرصته الأخيرة.
وكما هو متوقع رسب للسنة الثالثة على التوالي في اللغة الأنكليزية فقط.
"كان أقناع نفسي بالأستمرار شبه مستحيل ففي النهاية لكوننا في الريف ولكوني أعمل مسبقا لم يكن للدراسة ذلك التأثير علينا ولم نكن بحاجتها أصلا
ولكوني أستفذت كل السنوات المسموحة لي بالدراسة الصباحية كنت اظن الأمور قد انتهت , الا اني في يوم أستلام النتائج رغم علمي بالرسوب شاهدت مجموعة من الشباب من نفس المنطقة يتناقشون فيما بينهم عن الكليات التي سوف يذهبون اليها, احدهم يريد السفر للخارج والاخر يريد ان يصبح مهندسا والاخر يريد ان يرى العالم من منظور الطالب الجامعي, كانت تلك شرارة في قلبي اشتعلت كرها وحقدا على اللغة التي حرمتني بهؤلاء زملائي الئين رسبوا السنة الماضية في الرياضيات وقد قمت بتدرسيهم واليوم نجحوا وبقيت أنا وانا كنت أكبر طالب في الصف عمرا فلماذا انا الأخير في التخرج ؟"
لم نتوقع ابدأ حينما سمعنا ان دخل الدراسة المسائية ليكمل مسيرة الصف السادس أعدادي بعد 3 سنوات رسوب.
"امضيت النصف الأول من السنة بدراستي وحدي للغة الأنكليزية فقط , لم اذاكر اي مادة أخرى ففي النهاية دراستي لتلك المواد لثلاث سنوات جعلتني أستاذا بها فلم اجد الحاجة لمراجعتها اطلاقا الا انني قبل الأمتحانات النهائية عشت كابوسا من خوف الرسوب في الدروس الأخرى لكوني أهملتها"
كنا نتأمل وندعوا له لينجح الا ان رسوبه في الدور الأول كان صدمة شبه قاتله لوالداه الذان وصلا مرحلة اليأس تقريبا من نجاح ابنهما الكبير.
" لم ارغب بدخول دورات التقوية والدروس الخاصة المكلفة مرة أخرى الا ان والدي اقنعني انها فرصتي الأخيرة واني كلفته أكثر بكثير من سعر هذه الدروس الخصوصية فرضخت للأمر الواقع ودخلت من جديد في فترة 3 أشهر ما بين الدورين"
ثاني خبر سمعته كان ان والده قد جمعنا نحن اقربائه على وليمة شرف نجاح أبنه الكبير بعد 3 سنوات رسوب متتالية لينجح في السنة الرابعة أخيرا
لا أزآل اذكر حينما سألته عن اي كلية سيذهب او ماذا سيدرس التاريخ؟ ام الرياضيات؟ لكونهما درجاته الأعل
فأجابني " أنا في الحقيقة ربما اذهب لهما لكني أفكر في شي اخر ومختلف"
لن اخفي انني وأهلي وكل اقربائي تفاجننا حينما سمعنا خبر تقديمه لكلية اللغات / قسم اللغة الأنكليزية
لم ادر ما كان ذلك أنتحار؟ ضرب من الجنون؟ ام ماذا؟
حينما سألته " لم يتبق احد في الكون لم يسألني لماذا اخترت كلية اللغات وبالتحديد اللغة الانكليزية, ببساطة لأني اكره ان تدمر لغة حياتي لقد ضيعت 4 سنين حتى الان بسببها ولذلك لابد لي من انتصر على من كان عقدة حياتي وسبب ضياع سنيني"
لم اكن مقتنا بجوابه ولا اهلي ولا اهله ولا أحد
كان عنيدا فبعد كل شيء من ثابر 4 سنوات لا يخفى ان يكون بذلك العناد. توقعنا ولكون الكلية كللها تتمحور حول اللغة الأنكليزية فأنه سيتطور وسيتحسن وسينجح ولكنه فاجئ الجميع حينما رسب في جميع الدروس للسنة الأولى في الدورين الأول والثاني
" أقنعي والدي بأخذ السنة القادمة كعطلة وراحة مع نفسي فبعد 4 سنوات في السادس الأعدادي ورسوب مباشرة أحتجت حقا بعض الراحة , بدأت افكر ربما أخطأت في أختياري ؟ ربما عنادي الذي أخرجني من كابوس الرسوب لم يكون كافيا للنجاح هذه السنة بل للنجاح للسنوات القادمة فاذا كنت رسبت في جميع دروس المرحلة الأولى فكيف بالمراحل القادمة التي يفترض ان تكون اصعب واعقد؟
شككت حتى في نفسي ولا سيما اني جيد في الرياضيات وجيد في دروس أخرى ربما علي ان اغير كليتي واجد طريقا أخر فبعد كل شيء لا يمكن ان تتقن شيئا لا تحبه, كنت حتى في هذه اللحظة قررت ان أغير كليتي الى كلية الرياضيات وكانت هذه قناعتي حتى جاء والدي احد أصدقائه طالبا من أبنه الكبير ان يدرس في احدى المدارس الأعدادية التي مرض استاذ اللغة الأنكليزية ولأنهم يعيشون في الريف لم يكن هناك أستاذة أخرى قريبون او شاغرون فكل من يتكلم اللغة الأنكليزية في الريف يعد عملة نادرة"
تحت ضغط والديه ورغبة في مساعدة طلاب المدرسة قرر ان يشاكرهم كل ما يعرف فحتى لو لم يفهم من اللغة شيئا, فهو يعرف كيف ينجح فيها
"كانت اسئلة الطلاب خناجرا على قلبي فحتى لو أعدت لهم الطرق ألف مرة لم يفهموا الأمر, وسيكون محرجا لو وصل الخبر الى مدير المدرسة الذي ترجى والدي لأدرس عنده
ان عدم تقبلهم لطرقي جعلني أدرك شيئا مهما فأنا لم أكن غبيا وعانيت مثلما يعانون مما يعني ان المشكلة ليست معي ومعهم بل ولابد ان بيننا قاسما مشتركا فلا يوجد شيء بهذه الصعوبة؟ وألا كيف ينجح كل العراقيين كل سنة بدون مشاكل في اللغة الانكليزية؟ لربما نتشارك الأساس نفسه فيكون هو المشكلة؟
ومن هنا خطر ببالي ان ادرس اللغة من أساسها بهدف التعلم لأستطيع تعليمها بدل من دراستها بهدف النجاح والخلاص منها
اشتريت كتب اللغة الأنكليزية للمراحل الأبتدائية والمتوسطة وبدأـ اذاكرها كل يوم كانت بسيطة وسهلة ومع بالصور جعلتني أتعلم الأساسيات في اقل من اسبوع
ان تدريس اللغة, ممتع ويجعلك في تواصل مع الجميع لم يعاملني احد كطالب بل عاملوني وأحترموني كأستاذ حقا فعمري كان بعمر الأستاذ ولم يعلم احد منهم اني كنت قبل سنة في نفس مستواهم او أسوئ"
استمرت مدة تدريسه شهران بدل الشهر وحينما عاد الأستاذ القديم, اشترى كتب الأعدادية للغة الأنكليزية وعدل عن قراره ليستمر في دراسة اللغة الأنكليزية جامعيا. التي كللها بالنجاح لأربع سنوات متتالية, لم يكن ضمن الأوائل والمتوفقين ولكنه كل سنة كان يحسن من مستواه وقدراته والذي كان بالنسبة له انتصار في معركة دامت سنين طويلة خسر فيها 5 سنوات من عمره
كان أختياره موفقا فقد عمل في بعض الشركات السياحية لفترة وجيزة ليسافر بعدها الى أمريكا ل4 سنوات ليعمل في شركة FedEx المشهورة عامليا بتوصيل البضائع وعاد الى العراق في سنة 2015 ليتزوج ويشتري قصرا العفو بيتا ويعمل في شركة TNT حتى اليوم
" كل يوم أدرس فيه أتذكر كيف أن تجاهلي لتلك اللغة ومحاولتي الخلاص منها والنجاح فقط بدل تعلمي لها كلفني خمس سنوات غالية وثمينة لا أحس اني عوضتها حتى اليوم ولكني أحاول ان استفيد قدر الأمكان من ما تعلمته لأعوض عما فاتني فالحياة لم تتوقف لأني رسبت خمس سنوات بل انها كادت ان تتوقف حينما قررت ان اغير قسمي لولا فضل الله الذي جعلني ابقى في ذلك المجال بسبب طلب المدير"
أن سلسلة لا ترتبك أخطاء غيرك, هي قصص تخصني او تخص أشخاص انا على أتصال وثيق بهم من اصدقاء واقارب
وتتضمن المشاكل والحلول التي قادتنا الى التخلص من هذه المشكلة لكي أشاركها لكم فلا ترتكبوها.
كثيرة هي القصص التي تحثنا على انلجاح والمثابرة وعدم اليأس والأستمرار بالطريق الذي نؤمن به
وخمس سنوات ثمنية هي فترة لم يختلف احد انها كثيرة بكل المقاييس ولا اخفي اني نفسي لا اتوقع ان اصبر نصفها ولربما استسلمت في السنة الثانية لا غير,
ولكنها بين طيات المثابرة وعدم اليأس والأستمرار تحمل معنى أهم وأعظم
وهو ان سبب المشكلة كان تردده في تعلم اللغة وقد حل المشكلة بالرجوع الى أساسها
فلا تتردد وأفعلها سواءا كنت تواجه مشكلة في الدروس ام في العمل او في الحياة
فاللف والدوران لن يفيدك
"فلا تتردد وأفعلها"
في المتعة فائدة