تِبر النجوم- الفصل الرابع- خَطبٌ جلل
تفقد الشيخ مجاهد كبير المستشارين مجهراً ثم فزع الى خارطة عن يمينه
اعاد الكرّة ...
...غمغم متعجباً
ثم مضى فى طريقه وبيد انه غير راضٍ عمّا رأى .....
وفى قاعة بالقصر مبنية من لبنات من عقيق الإلبايت (Elbaite) ,الازرق اللون , يتوسط كرسى العرش المذهب والسلطان سيف الدين جالساً ومن امامه وزراءه ومعاونيه يناقشهم فى قضايا المملكة الداخلية .
الصورة لقطعة من عقيق الالبايت
تقدم الحارس عند بوابة القاعة يستأذن السلطان ادخال الشيخ مجاهد فأذن السلطان له , فأقبل الشيخ مجاهد يتوسط عجوزين يحملان خرائط وبوصلات ويتكئون بيد اخرى على عصيهم .
سيف الدين : يا ذا الحكمة ! , هات ماعندك !تنهد الشيخ مجاهد قائلاً : خَطبٌ جلل !, يا سلطان البلاد ,أرأيت اذ اصبحنا يومنا هذا نراقب السماء؟! , فاذ بنا نرى اضواءً غير معهودة تأتى من بقعة مظلمة وسط السماء , ليس من المتوقع انها سبباً فيها يُنفَذُ منه الى قطر بعيد من اقطار السماوات .
امسك سيف الدين لحيته يفكر فى اهتمام بالغ : فماذا عساه ان يكون ذلك ؟
تقدم الشيخ مجاهد خطوة بينما يستند بقبضتيه على عصاه ثم قال : والله انى لأظنهم بنى الوحش , قد عقدوا العزم ,وفى قلبهم نَزو , يبيّتون فى صُدُورِهِم نِيةَّ الغَزو , وقد اتخذوا سبباً جديداً فى السماء مجددين بذلك ما كانوا عليه من حَذو .
وقف سيف الدين بينما يسمع منه ذلك مثبتاً بصره الى منتصف الردهه , ثم قال فى جدية تامه بصوت يملأ الارجاء : اذاً أعدوا الجيش للقتال , وكونوا على استعداد تام , ولنعسكر عند السهل المديد .
وقف مستشاروه عندما هم السلطان واقفاً ....
قال المستشار جلال الدين احد قادة الجيش متعجباً : وهل اللقاءُ عند المديد يا مولاى !السلطان سيف الدين فى غضب : ألم تكن كلماتى واضحه يا جلال الدين !
شعر الجميع بتوتر بالغ , فنادراً ما يصل السلطان لمثل هذه الحالة , حتى فى احلك الحروب يحافظ على هدوء وتركيز عظيمين , ولم يكن الحاضرون معتادون من السلطان ان يكلم احدهم بتلك اللكنة , ولا بهذه العصبية , فقد كان فى غاية التواضع والحلم .
اشار جلال الدين بيديه شارحاً فى توتر بالغ قائلاً : ان نلقاهم كالعادة عند نجم قريب افضل من الاشتباك معهم على الارض هذا ما علمتنا اياه يا مولاى طوال سنين الحرب .
شعر السلطان بالقلق البالغ لاول مرة ولم يبد ذلك لاحد من حاشيته ثم رمق مجاهداً بنظره , فبادله الشيخ بمثلها .
اردف نصر الدين بن المسيّب فى حماس مبين : صحيح ! , هكذا والله اعتدنا من مولانا السلطان , اقترح على مولاى بأن يلقاهم عند نجم العِلّيّة فإنه والله لخير حِصن .
ونجم العليّة هو نجم يقع قريباً من البَسْرَة وهى احد الشموس الثلاثة التى تشرق على مملكة العقيق .
مضى السلطان سيف الدين عدة خطوات سريعة ثابته فى حزم شديد متجهاً نحو باب الردهه قائلا : اقتراحات مرفوضة ! .
لحق به الجميع فى هرولة ....
امسك السلطان سيفه الذى كان مستلقياً على حامله المذهب ثم التفت اليهم فى حماس ونقل بصره للجميع : بل امضوا قدما فيما امرت ! .ثم استطرد يقول فى اهتمام بالغ : أى مجاهد ! , كم يبقى على وصولهم الينا ؟
نظر الجميع الى مجاهد فى اهتمام وترقب شديدين...مط الشيخ مجاهد شفتاه يفكر ثم اجاب : قرابة ثلاثة ايام .
نظر سيف الدين للجميع واحداً تلو الاخر بينما قال : رائع ! , تلك فترة جيده للإعداد, اليس كذلك ؟
اومأ الجميع بالايجاب ...
ثم اردف قائلاً بينما يرتدى ازاره : وأما فرسانى المستبرقة يا (زاك) فهل تراهم على استعداد كامل؟
زاك فى ثقة كبيرة : واى استعداد يا مولاى , انهم طوع بنانك فى اى وقت , ترقبهم فى وجه الردى وافتخر بهم .
مضى سيف الدين بخطوات متسارعة نحو الباب الذى انفتح عن آخره بينما القى الحراس التحية والإنتباه والجميع يلحقون بالسلطان فى هرولة وحماس .
سيف الدين قائلاً : أى جلال الدين ! ونصر الدين! وزاك! , سيتعاون ثلاثتكم فى اعداد وتدريب الجيش .
اجاب الجميع مُرْدِفين : بأمر مولاى !
هكذا رفض السلطان اقتراحهم وقرر بأن تجرى المعركة على الارض ولم يكن يريد ان تصل الامور لمعركة كونية اخرى يضطر فيها ان يمتطى نجماً فى السماء وان يستخدم قوة التبر خاصته فى أعلى درجاتها وجاء ذلك القرار مخالفاً لتوقعات الجميع فقد كان السلطان يفضل العروج الى السماء فى كل مرة مهما تصعدت الامور حتى اذا تقهقرت الجيوش تكون له فرصة اخرى فى القتال فى السماء بعيداً عن حدود مملكته ....
مضى الجميع حيث امرهم السلطان بينما بقى الشيخ مجاهد خلف السلطان ثم كان بينهما حديث سرّىّ دام طويلاً ولم يُسمَع منه سوى همهمات وغمغمات غير مفهومة ....
*****
تأليف فارس العدالة
انتظروا الفصل الخامس ...
رد مع اقتباس
