في مركز الترحيل ...
وصلنا عند ال8 صباحاً ...دخلنا بعد التفتيش .. والوقوف فى طابور طويل منحني ومنكسر وملتوي حول سور مركز الترحيل من الخارج .. مللنا حتي بمجرد الوقوف فيه مع علمنا بأن الملل لم يبدأ بعد ...
بداخل كنا كثيرون وكانت القبائل مازالت تتوافد الشباب منتشرون في الساحة جماعات وفرادي واصوات الثرثرة في الخلفيه ... الحروف مشوهه ... والاحاديث امواج تتلاطم وتتداخل ... الضحكات المجنونة .. وصرخات الغضب ... كل ذلك كان اشبه برجل فقد عقله واخذ يثرثر بفمه كالمعتوه مصدراً اصواتاً غير مفهومه ... الصداع يزداد وحرارة الشمس تزداد ايضا كأن الشمس تشتاط غضباً ... الوقت يمر وكأنه لا يمر ... كل حين يأتينا ضابط صف يحدثنا ببعض النصائح والكثير من التوبيخ ... وبنفس القدر من التهديد ... بعد عدة ساعات بدون جدوي أتانا ضابط برتبة رفيعه ... اخبرونا قبل ان ياتي ان نفق له انتباه فقد اصبحنا من الان جنوداً ...
أتي الضابط بالفعل .. بزي مهندم مهيب خطب فينا خطبة مهمة ... كانت مليئة بالتحذيرات والنصائح ... الترهيب والترغيب ..
كان مما قال لنا :
_ اهم حاجة 3 ؛ فلوسك ! ... مهماتك ! ... شرفك ! ...
كان مما حذرنا :
_ ابعد عن الاحكام العسكرية ... نفذ الاوامر .. حاضر ونعم بتريح .. ابعد عن المخدرات ...
بعد فترة نودي على اسمائنا تم توزيعنا ... مهلا ليس في مجموعتي احد من الاصدقاء الذين كنت معهم كان قد نودي على محمد ابا رحمة اولا ثم انا ثم مضي وقت طويل لم اسمع اسماء باقي الاصدقاء نظرت خلفي اتفقدهم ما وجدتهم فى اماكنهم التى تركتهم فيها ... فقدت الامل فى الاطمئنان على الجميع ... ليتنا مضينا الوقت في الحديث طول الرحلة ... ما كنت اعرف انني سأشتاق لهم كل هذا القدر ... فى النهاية وجدت ابراهيم فى مجموعتي .. رمقته بنظره فأبتسم واشاح لي كاد يخرج من الطابور يإندفاعه المعتاد ليقف بجانبي لكنه ادرك انه اليوم فى الحياة العسكرية لا المدنية ...
كانت ساعات النداء مملة اشد الملل ... حتي ان كثرة ذكر نفس الاسماء فى تراكيب مختلفة يشعرك بالضجر .... فكم هو ممل ان تسمع اسم محمد 1253 مرة مثلاً او عادل 938 مرة يتلوها كلمة افندم ! التي سنظل نسمعها ونقولها من الان فصاعداً ..
كانوا قد اشاروا لنا الى (الكانتين) لشراء شنطة من هناك بالاضافة الى بعض المستلزمات التى سنحتاجها لا محالة مثل قفل ..قلم ... رباط حذاء .. طعام ...
اخيراً حان موعد الترحيل من هنا ... الساعة الان حوالي الرابعه عصراً ... حقا هذا اليوم طويل او بالاحري سيكون طويلاً فمازال في اليوم بقية ....