بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أرجو أن تكونوا جميعا بخير، وكما وعدناكم.. ها هي الهدية أصبحت جاهزة بين أيديكم بفضل الله.. فهل أنتم مستعدون؟ ^^
بسم الله نبدأ..
تعبيرا عن حبي وتقديري لـ "سبستون"، وعرفانا بفضلها وجميل صنعها وما قدمته من اعلام ترفيهي هادف ومميز، يسعدني أن انشر حلقات "مدرسة الفروسية" حصريا ولأول مرة مجانا على الانترنت عبر موقعها..
وذلك نظراً لازدياد عدد السائلين عن الرواية، وعدم تمكنهم من الحصول عليها، إلى جانب عدم توفرها على النت حتى الآن!
وهكذا.. سيتم نشر الرواية بشكل حلقات متسلسلة على منتدى سبيستون - إن شاء الله- بحيث تكون في متناول الجميع، ليكون هذا هو الرابط الرسمي والوحيد للرواية على النت بإذن الله، وأرجو عدم تصديق أي إعلان أو موقع يدّعي بأنه يحتوي على رابط رواية "مدرسة الفروسية" كاملة!
علما بأن حقوق الرواية محفوظة بالكامل، ولا يحق لاي احد نشرها بأي شكل، دون إذن خطي من المؤلفة "زينب جلال الأصفر"، وبما أنني المؤلفة هنا.. فقد أعطيتُ الإذن لنفسي بنشرها على كوكب مغامرات
وهنا تجدون رقم الايداع الذي يؤكد حفظ الحقوق (للاحتياط)
المملكة الأردنية الهاشمية
رقم الإيداع لدى دائرة المكتبة الوطنية
(3135 /9/2013)
وقبل الدخول إلى عالم القصة؛ لا بد لنا من التنويه إلى أن جميع الأسماء والمسميات والأماكن الواردة في هذه القصة ليست حقيقية، فإن وُجد تطابق مع اسم موجود في الواقع فهو بغير قصد..
كما أن أحداثها تدور في عالم خيالي قديم، وهناك مصطلحات خاصة بعالم الرواية.. مثلا هناك ما يُعرف بـ "رقعة التجوال الجلدية"، وهي تقابل جواز السفر في عالمنا الحقيقي.. وهكذا ^^
ارجو أن تقضوا أوقات ممتعة ومفيدة، فهناك الكثير من الأحداث والمفاجآت، ولا تنسوا تفقد المناطق الواردة في القصة على الخريطة، لتعرفوا مواقعها جيدا (:
وكما قالت إحدى القارئات واسمها "لجين" :
" القصة جميلة جدا تذكرني بمسلسلات سبايس توون "
^^
ونحن نتمنى أن تكون عند حسن الظن، وتحوز على إعجابكم، فتابعونا، واذكرونا بصالح دعائكم..
ولننطلق على بركة الله مع سلسلة حلقات "مدرسة الفروسية"
الحلقة الأولى: الرحيل
عندما بدأت مملكة "رامان" تعلن مد أطماعها نحو (منطقة المروج الخضراء)، لخصوبة أراضيها ووفرة مياهها، والأهم من ذلك؛ لموقعها المميز الهام والذي يعد البوابة الرئيسة لسائر المناطق الأخرى، رفض أحرار المروج الخضراء الخضوع لذلك العدوان الظالم.. وهكذا.. اندلعت الحرب في المنطقة، بعد أن تصدى القائد "نور الدين منصور" ورجاله لجنود رامان، في مدينة "شمس"، ثم بدأت الأخبار تنتشر في المناطق الأخرى تدريجيا...
*****
وفي منطقة الجبال.. وتحديدا في مدينة "رياح"..
كانت الأمطار غزيرة ودوي الرعد يصم الآذان؛ عندما وصل فتى لم يتجاوز الثانية عشرة من عمره مدرسة (النصر للفروسية)، حافي القدمين ممزق الثياب، إلا أن بريق الأمل يشع من عينيه البريئتين، لم يجد اليأس طريقا إلى قلبه رغم ما أصابه، شديد الثقة بالله قوي العزيمة مصمما على تحقيق هدفه النبيل الذي يرنو إليه رغم صغر سنه وقلة خبرته في هذه الحياة، قال لنفسه- وهو يحدق في البناء الضخم أمامه:
- ها أنا أخيرا أمامك يا مدرسة الفروسية وسأحقق أحلامي بإذن الله..
جمع قواه وخطا خطوتين إلى الأمام طارقا الباب الذي فُتح بعد لحظات معدودة، حسبها سنوات طويلة من الانتظار..
حدق رجل بدا في العقد الخامس من عمره في وجه الفتى بدهشة، إلا أنه سرعان ما استدرك رد التحية شاعرا بشفقة لا حد لها على هذا الصغير، فأخذه إلى الداخل وساعده على تجفيف ثيابه أمام مدفأة خبا وهجها.
تنهد الفتى بارتياح رغم القلق الذي ساوره، فطمأنه الرجل بابتسامة مشجعة علت وجهه السمح قائلا:
- هل لك أن تخبرني يا بني بالذي جاء بك في هذا الجو العاصف، وقد أرخى الليل سدوله؟
ترقرقت عينا الفتى بالدموع لكنه تشجع قائلا:
- أود الالتحاق بهذه المدرسة يا عماه..
قفزت لعيني الرجل نظرة غريبة، وقال بنبرة لا تخلو من دهشة:
- يبدو أنك غريب عن هذه المنطقة فليس الالتحاق بالمدرسة بهذه السهولة عليك أن تمر باختبارات قبل الموافقة عليك، وقد جرى خلال هذا الأسبوع رَفضُ الكثيرين ممن هم أكبر منك سنا وأقوى بنية!
بدا على الفتى قليل من الارتباك إلا أنه رد بثقة قائلا:
- سأنجح بإذن الله، فقد واجهت الكثير من المصاعب قبل أن أصل إلى هنا، ولن أيأس أبدا إن شاء الله..
أُعجب الرجل بعزم الفتى وتصميمه، فابتسم قائلا:
- وفقك الله يا بني، سأدعك تستريح الآن ولن أرهقك بالأسئلة أكثر، فيبدو عليك التعب والإرهاق، وفي صباح الغد ستقابل المدير شامل إن شاء الله..
ثم أردف قائلا وهو يقوده إلى غرفة مريحة:
- لم تخبرني عن اسمك يا بني؟
ابتسم الفتى وهو يشعر بسعادة غامرة، ثم قال:
- اسمي علاء ، علاء نور الدين منصور..
تسمر الرجل مكانه كمن تلقى خبرا مفاجئا أذهله، فرد متأنيا:
- نور الدين منصور!
علت دهشة خفيفة قسمات وجه علاء فأومأ قائلا:
- أجل.. إنه أبي يا عماه..
فقال الرجل بحذر أكثر:
- تقصد القائد نور الدين منصور في منطقة المروج الخضراء؟!
فأجابه علاء وقد تهلل وجهه فرحا:
- أجل أجل إنه هو..
وأردف متسائلا:
- أو تعر فه أنت يا عماه؟
لم يتمالك الرجل نفسه، فمد يديه وعانق علاء بشدة وقد غمرت عيناه الدموع، وخرجت الكلمات متهدجة من فمه:
- ومن منا لا يعرف القائد المجاهد نور الدين منصور، الذي أرق مضاجع "رامان" بأسرها، أعظم ممالك هذا الزمان!
ثم تابع:
- إننا نتوق شوقا هنا لمعرفة أخبار إخواننا المجاهدين هناك، ومن نعمة الله علينا أن أنشأت دار الأخبار السريعة جدارا لها بالمدينة، إذ لم يعد جدار الأخبار الموثقة يفي بحاجتنا الملحة لمتابعة الأخبار أولا بأول.. صحيح أنها قد تكون مشوبة بالشائعات والمبالغات، لكنها تصلنا على أية حال..
وتنهد كمن يخاطب نفسه:
- لم أحلم أبدا بمقابلة ابن ذلك القائد..
وأغمض عينيه كمن يسترجع أحداثا أثرت فيه كثيرا- وعلاء يتأمله بدقة حتى يفهم بعمق ما يعني له ذكر اسم نور الدين من معاني عظيمة- ثم فتحهما أخيرا كمن أفاق من حلم طويل مطلقا تنهيدة أطول:
- لازلت أذكر أول يوم سمعنا فيه عن القائد نور الدين، كان ذلك منذ ثلاثة أشهر تقريبا.. يومها شعرنا بالفخر والاعتزاز، وحمدنا الله الذي سخر لهذا الدين من يذود عنه..
ثم استدرك فجأة:
- هل تعني أنك جئت من منطقة المروج الخضراء؟
ولم ينتظر الرجل جوابا بل قال وقد غلبته عاطفة الأبوة الحانية:
- لاشك أنك متعب وجائع أيضا يا بني، وليس من اللباقة أن أثقل عليك أكثر؛ رغم لهفتي وشوقي لسماع أخبارك..
وابتسم بمرح:
- لم أعرفك بنفسي بعد.. إنني عاطف.. المشرف على الطلاب في هذه المدرسة..
وتابع مبتسما:
- ولن أبالغ في مدح نفسي إن قلت لك انني بمثابة الأب الحنون لهم أيضا، وأقولها لك من الآن بأن لا تتردد بإخباري عن أي شئ يضايقك..
ابتسم علاء شاكرا:
- جزاك الله خيرا يا عمي..
قدم عاطف وجبة عشاء خفيفة لعلاء، و هم بإطفاء السراج فاستوقفه علاء بأدب قائلا:
- عفوا يا عمي، هل لك أن تخبرني عن اتجاه القبلة من فضلك؟
علت نظرات التقدير والإعجاب وجه عاطف الذي أجاب مشيرا بيده:
- باتجاه النافذة..
ثم اتجه إلى مقعد في زاوية الغرفة، تناول من فوقها سجادة خضراء، فرشها بذلك الاتجاه، ثم أشار إلى باب جانبي قائلا:
- وهناك الميضأة..
فشكره علاء ممتنا، ثم صمت برهة قبل أن يتابع على استحياء:
- أيمكنك إيقاظي لصلاة الفجر إذا سمحت يا عمي، فأخشى أن تفوتني!
ابتسم عاطف موافقا:
- يسرني ذلك يا بني، أما الآن فالأفضل أن تخفف في صلاتك حتى لا تتأخر عن نومك أكثر، فجسمك بحاجة إلى الراحة وإن لبدنك عليك حقا، وسأبقى بانتظارك حتى أطمئن عليك..
علت حمرة خفيفة وجه علاء وهو يقول:
- اعذرني يا عمي لن أطيل، فسأصلي ركعتي الشفع والوتر فحسب إن شاء الله، فقد أديت صلاتي المغرب والعشاء قصرا وجمعا بحمد الله في مسجد قابلته قبل وصولي إلى هنا..
أطفأ عاطف السراج أخيرا، وهو يلقي نظرة حانية على علاء، الذي غط فورا في نوم عميق، وردد في سره:
- حفظك الله يا بني وجعلك ذخرا للمسلمين..
ثم أغلق الباب خلفه برفق..
***
أخذت أشعة الشمس الذهبية تتسلل من النافذة لتوقظ علاء بلطف، فتذكر بصعوبة أنه أدى صلاة الفجر، لكنه لم يذكر أبدا كيف عاد إلى النوم من جديد، بل انه حاول جاهدا أن يذكر كيف استيقظ للصلاة أصلا دون جدوى، حتى قطع عليه عاطف حبل أفكاره:
- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
وبعد أن تدارك علاء نفسه، رد التحية مبتسما:
- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، صباح الخير يا عمي..
فبادله عاطف ابتسامته بوجه متهلل صبوح وقد اطمأن على حالته:
- أصبحنا وأصبح الملك لله، الحمد لله؛ أرى أنك نمت جيدا هذه الليلة بفضل الله، فوجهك يطفح بشراً وبهاء، ما شاء الله..
ثم تابع مبتسما:
- أليس كذلك أيها الفتى المغوار؟
أومأ علاء مبتسما، وقد علت وجنتيه حمرة خفيفة، فقال عاطف مشجعا:
- يجب أن تستعد لمقابلة المدير، بعد أن تتناول طعام الإفطار، فلا تنس أن تعد نفسك جيدا..
ثم تابع جملته وهو يغمزه بعينه ليدخل روح الحماس إلى قلبه:
- لا شك أن المدير في شوق لرؤيتك أيضا..
لم يدر علاء كيف مرت تلك اللحظات وما بعدها حتى وجد نفسه أخيرا أمام المدير الذي كان في عمر عاطف، لولا ذلك الشيب الغزير الذي غزا لحيته الكثة، فبدا أكبر من سنه بكثير، كان عظيما بعمامته، أنيقا في هيأته، ورغم ذلك النور الذي يشع من وجهه الوقور، وتلك الابتسامة الهاشة الباشة التي توجته؛ إلا أن رعشة خفيفة سرت في جسد علاء، إذ لم تكن الهيبة تنقص المدير شامل شاهين على الإطلاق، الرجل الأول في مدرسة النصر للفروسية، فابتدر علاء بوجه طلق صبوح، وهو يشير إلى مقعد أمامه:
- تفضل، استرح يا بني.. سررنا بمعرفتك، فهل لك أن تخبرنا بقصتك كاملة..
أطبق علاء جفنيه للحظات يسترجع أحداث قصة طويلة..
***
فما هي الأحداث التي مرت بعلاء قبل أن يصل إلى المدرسة؟
وكيف تمكن من الوصول إلى منطقة الجبال البعيدة عن مدينته "شمس" في منطقة المروج الخضراء؟
وماذا حدث لوالديه؟
هذا ما سنعرفه في الحلقات القادمة إن شاء الله (:
وحتى ذلك الحين.. لا تنسونا من صالح دعائكم
وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم