النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: سر الآلة رقم 11- تآبع لحملة أكشن للإثآرة والغموض

  1. #1
    ~¤ سبيستوني هادئ ¤~ الصورة الرمزية alfurussiah
    تاريخ التسجيل
    05 Jun 2019
    الحنس:
    أنثى
    المشاركات
    245

    سر الآلة رقم 11- تآبع لحملة أكشن للإثآرة والغموض

    بسم الله الرحمن الرحيم

    والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

    يسعدني المشاركة في هذه الحملة المثيرة، وبالطبع سأختار قصة قصير، استوحيتها- مع قليل من الاضافة والتغيير- من حادثة حقيقية حدثت معي شخصيا


    وفي نهاية القصة؛ سأرفق بعض الصور المتعلقة بالقصة إن شاء الله، آملة لكم قضاء وقت ممتع ومفيد ومسلي


    والآن.. اترككم مع موعد من المغامرة والاثارة والغموض في قصة:


    سر الآلة رقـــــــــــ11ـــــــــــ م

    بدى الوجوم على وجه هبة وهي تبحث في حقيبتها بقلق واضح، عندما لاحظتها نجمة، فسألتها باهتمام:
    - خير إن شاء الله؟
    فترددت هبة قبل أن تقول:
    - يبدو أنني نسيت محفظة نقودي!!
    فما كان من نجمة إلا أن هتفت بحماسة:
    - هذا يعني أنك على موعد مع المغامرة!
    غير أن نظرات هبة المندهشة، جعلت نجمة تبادر للتوضيح قائلة:
    - إنني فعلا اتفهم موقفك يا عزيزتي، وأشعر معك، فمن المزعج أن ينسى الانسان محفظة نقوده بلا شك، ولكن هل تدركين كم من المغامرات يمكنك خوضها بسبب هذا!
    ولم يخفَ على نجمة ملاحظة الضيق الباد على وجه هبة، وهي تتابع البحث في حقيبتها، فابتسمت مشجعة:
    - قد تقولين في نفسك: ما لي ولهذه الفلسفة العقيمة، فأنا ليس لدي الوقت لهذا الآن، ولكن هلا استمعتِ لما حدث معي البارحة فقط؟
    عندها رفعت هبة رأسها وتنهدت قائلة:
    - حسنا، لا يمكنني انكار صحة توقعك عما كان يجول بخاطري فعلاً، فهناك الكثير من الأمور التي يجب عليّ إنجازها بعد نهاية الدوام، أما وقد تبين أنني لا أمتلك النقود الكافية لذلك، فما عاد باليد حيلة!
    فابتسمت نجمة:
    - يمكنني اقراضك المال، فلدي ما يكفي منه الآن والحمد لله، ولكن دعيني أخبرك بما حدث معي أولاً!
    فضحكت هبة وقد انفرجت أساريرها:
    - بما أنك متحمسة لإخباري بذلك، فلا مانع لدي من الاستماع لك، فأنا مدينة لك بالنهاية لإقراضي النقود..
    فما كان من نجمة إلا أن قطبت بين حاجبيها- لتمثل دور الاستياء مما سمعته- معترضة:
    - في هذه الحالة، سيكون استماعك لي وكأنه "رِبا" لا يمكنني قبوله، فكل قرض جر نفعا فهو ربا كما تعلمين!!
    فطمأنتها هبة بقولها:
    - حسنا حسنا.. إنني أرغب بالاستماع لك بكامل ارادتي، حتى ولو لم تقرضيني النقود، لذا أرجوك أخبريني يا صديقتي العزيزة نجمة، بما حدث معك البارحة، قبل أن أموت من شدة الشوق لسماع ذلك!
    قالت هبة جملتها تلك؛ وانفجرت الاثنتان ضحكاً، قبل أن تبدأ نجمة قصتها..


    ***


    بينما كنتُ ذاهبة مع أختي إلى المكتبة العامة، لأستعير كتابا هاماً جدا بالنسبة لي من أجل إتمام بحثي، ولم يكن بإمكاني شراؤه في ذلك الوقت؛ اكتشفنا أننا لا نمتلك سوى دينارين اثنين فقط! في حين أن تكلفة سيارة الاجرة نحو المكتبة تزيد عن ذلك قليلا! وبعدها لن نمتلك أجرة العودة بالطبع!
    وهنا كنا أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما، الرجوع إلى نقطة الصفر أو المضي قدما!! وبالطبع اخترنا الخيار الثاني، وقررنا أن نقطع نصف الطريق مشياً على الأقدام، فالرياضة مفيدة لصحتنا قبل أي شيء! فإن كان هناك من يدفع نقوده من أجل ممارسة الرياضة، فنقص النقود قد يُساهم في ذلك أيضا، وكانت هذه الفكرة بحد ذاتها كفيلة بإسعادنا! ورغم أن طريق الذهاب أمامنا كانت منحدرة على الطريق الجبلي، خلاف طريق العودة الصاعد؛ إلا أن شمس الظهيرة التي كانت تراقبنا بحماسة شديدة، وتلوّح لنا بأشعتها الذهبية في السماء؛ شجعتنا على ركوب سيارة أجرة، مرت بمحاذاتنا بإغراء شديد! وبعد أن أعلمنا السائق بوجهتنا، تركّزت أعيننا على لوحة العداد؛ نراقب تقلب أرقامها باهتمام شديد، حتى إذا ما اقترب الرقم من (الدينار) همست أختي:
    - الآن!
    أجبتها بتوجس وعيناي مثبتتين على الشاشة:
    - ما زال أمامنا عدة قروش حتى نبلغ الدينار، علينا استغلال كل قرش، فنحن سندفع الدينار كاملاً على أية حال!
    وبدأ التوتر يظهر جليا في نبرة أختي وهي تقول:
    - أن نخسر بضعة قروش أفضل من التورط بدفع جزء من الدينار الثاني المخصص للعودة! فربما لن يتمكن السائق من التوقف مباشرة عندما يشير العداد لمائة قرش!!
    لم يستغرق هذا الحوار القصير أكثر من دقيقة أو ربما نصف دقيقة أو أقل، لكنه كان حواراً مصيريا بالنسبة لنا، نجح في تأهّب أعصابنا لحالة الطواريء القصوى، بانتظار لحظة الصفر! وما أن لاح الرقم "97 قرش" على العداد، حتى هتفنا:
    - عندك لو سمحت، الله يعطيك العافية!
    وبسرعة توقف السائق وعلامة استفهام واضحة تعلو وجهه، لكنه لم يعلق بشيء، فربما شعر وكأننا تذكرنا شيئا هاما قبل وصولنا إلى الوجهة التي حددناها له في البداية، وبغض النظر عما جال في خاطره؛ فقد كانت سعادتنا كبيرة بتحقيق الهدف الأول!! دينار واحد لا أكثر!
    ثم بدأنا رحلة المشي باتجاه المكتبة، ولم ننسَ التقاط الصور لعدد من المشاهد، التي من النادر أن نتأملها فيما لو تابعنا طريقنا بالسيارة!! وكان من أبرز ما استوقفنا مشهد فتاة شابة تكنس التراب أمام باب متجر لا يبدو مشابها لغيره من المتاجر المنتشرة، بل كان أشبه ما يكون بمنزل أثري، لا سيما وقد تزينت واجهته بالعديد من التحف الاثرية، والقطع الخشبية، والاقمشة الملونة والمنقوشة برموز ذات معنى! فلم أقاوم السؤال بعد أن ألقينا السلام على الشابة:
    - هل هذا متجر لبيع الاشياء؟
    فأجابتني الشابة بابتسامة مرحبة:
    - اجل، تفضلوا.. هذا محل (أنتيك) ولدينا العديد من القطع القديمة والنادرة!
    قلتُ لها بدهشة:
    - لا أذكر أنني رأيتُ هذا المكان من قبل!
    فأجابت الشابة:
    - هذا المحل جديد، فلم يمضِ على افتتاحه أكثر من شهر!
    وبينما كنتُ أتجول داخل المتجر، شعرتُ وكأنني دخلتُ في قصة تاريخية، أو انتقلتُ لعالم خيالي، أو أنني سافرت عبر الزمن، لأجد نفسي في منزل أحد القادة أو العلماء أو الفرسان الشجعان!! لقد حملت سيفاً لأول مرة في حياتي!! كان سيفاً حقيقيا، ذو مقبض ذهبي منقوش، وغمد مزخرف، ومطعم بأحجار فضية لامعة، رُصّت معاً لتكوّن شهادة التوحيد!
    ويبدو أن صاحب المحل شعر بما يجول بخاطري من أفكار وقصص وخيالات حماسية، فقال مشجعا:
    - لم لا تلتقطين صورة وأنت تحملين السيف!
    هنا شعرتُ بأنني على وشك التلويح بالسيف بقوة، بعد أن سحبته من غمده قائلة:
    - أنا الفارسة "نجمة"، فهل هناك من سيعترض طريق أحلامي!!
    وانتقلتُ من زاوية إلى أخرى، أتأمل كل قطعة فيها بتمعن، فهذه كرة أرضية قديمة كبيرة الحجم نسبيا، دقيقة في تفاصيلها ومعلوماتها، وتلك ساعة خشبية محفورة بنقوش مذهلة، وهناك جهاز التشغيل الاسطواني القديم، كما تصفحت عدد من الكتب القديمة، أعجبني مظهرها فوق الرفوف لتضيف جوا مميزا للمكان، بالاضافة لعدد من الاواني والأدوات التي تجبرك على تخيل القصص التي ارتبطت بها، حتى توقفتُ عند وعاء نقش عليه تاريخ صنعه قبل مائتي عام، بالاضافة لعدة جُمَل نُسخت عليه بخط عربي جميل، استوقتني منها عبارة:
    "القلب يعشق كل جميل"
    أجل.. كم هذا صحيح، وإن كانت معلومة بالبديهة، لكنها بدت جملة فريدة، تعبر تماما عما كنت أشعر به في تلك اللحظة بالذات!
    وبشكل عفوي سألتُ الشابة:
    - كم ثمن هذا الوعاء؟
    فأجابتني:
    - طقم الأوعية هذا بألف دينار!!
    أو ربما قالت ألفين أو أكثر! لم أكن متأكدة من الثمن بالضبط، فعقلي لم يكن ليستوعب تلك الارقام في ظل الظروف الراهنة، رغم أن هذا الثمن يعتبر مناسبا- أو ربما زهيدا جدا- لسلعة كهذه!
    ومع ذلك، لم أتورع عن الاستفسار عن أسعار معظم القطع هناك من شدة الفضول أو ربما الاهتمام، فمن يدري.. قد أقتني مثل هذه الاشياء يوما ما! ويبدو أن صاحب المحل تعاطف مع اهتمامي الشديد هذا، فأخذ يقترح علي أسعارا مخفضة:
    - يمكنك أخذ الكرة الارضية بثلاثين دينار فقط!
    سعر مغري فعلا، ولكن ليس لشخص لا يمتلك سوى دينار واحد لطريق العودة!!
    كان ذلك هو حالي عندما أعادتني أختي إلى أرض الواقع هامسة في أذني:
    - هل نسيتي أمر المكتبة والبحث الهام؟
    وهنا تذكرتُ وجهتنا الاساسية لهذا اليوم!
    صحيح نحن ذاهبون للمكتبة، من أجل كتاب هام!!
    وبينما كنا نهم بالمغادرة بعد أن شكرنا الشابة وصاحب المحل، قام الأخير بإهداء "علاقة مفاتيح" منقوشة بآية "قل أعوذ برب الناس"، لكل واحدة منا!!


    ***


    التقطت نجمة أنفاسها، بعد أن صمتت قليلاً، فيما سألتها هبة باهتمام:
    - لقد شوقتِني لزيارة هذا المحل، فأين يقع بالضبط؟
    ابتسمت نجمة مشجعة:
    - إذا قررتِ الذهاب مشياً للمكتبة من هنا، فستجدينه على الطريق!
    واستطردت قائلة:
    - هذا جزء بسيط مما اكتشفناه في رحلتنا تلك! هل تعلمين أننا عدنا إلى المنزل في النهاية؛ دون أن نصرف الدينار الثاني؟!!
    فشهقت هبة:
    - ماذا!! لا تقولي أنكم عدتم لمنزلكم من المكتبة مشيا على الأقدام، بما في ذلك صعود الطريق الجبلي؟!!
    فضحكت نجمة:
    - تلك حكاية أخرى، اكتشفنا فيها شيئا جديدا أيضا!!
    بدت هبة متلهفة لسماع ذلك الشيء، فيما قالت نجمة:
    - هذه ليست المرة الوحيدة التي اتعرف فيها على أشياء وأماكن جديدة؛ بعد موعد مفاجيء مع المغامرة!!
    فسألتها هبة:
    - تقصدين عندما لا يكون معك نقود كافية؟؟
    فهزت نجمة رأسها ضاحكة:
    - بالضبط.. معظم مغامراتي المثيرة كانت بسبب النقود! أو ربما عندما تطلب مني أمي طلبا مفاجئاً دون سابق إنذار، فأخرج مسرعة لأجد نفسي فجأة أمام اكتشاف مذهل، كما حدث عند جسر الآثار! أو عندما لا تسير الأمور بحسب ما أريد، فتتغير طريقي تلقائيا دون تخطيط مسبق، لأخوض تجربة جديدة ما كانت تخطر لي ببال، كما حدث في مغامرة "جبل القلعة"!
    فابتسمت هبة بفضول:
    - أنتِ حقاً بارعة في تشويقي يا نجمة! ما قصة "جبل القلعة" هذا؟ وما هو اكتشاف جسر الآثار؟!!
    غير أن نجمة تظاهرت بالتثاؤب قائلة:
    - ربما في وقت آخر، فقد انتهت استراحة الظهيرة، وسكتت نجمة عن سرد مغامراتها الخطيرة!

    لكن هبة استوقفتها قائلة:
    - لحظة لحظة.. لا يزال هناك بعض الوقت، وأنت لم تخبريني بعد عن الكيفية التي عدتم بها إلى المنزل ذلك اليوم؛ دون صرف الدينار الثاني؟
    فغمزتها نجمة باسمة:
    - لقد اعتمدنا بشكل رئيس على الآلة رقم 11!
    فعلقت هبة:
    - أنا اتحدث بجدية يا نجمة!
    فردت نجمة بتبرة مشابهة:
    - وأنا أتحدث بجدية أيضا، لقد استخدمنا الآلة نفسها التي استخدمها خالي في الماضي!
    قطبت هبة بين حاجبيها بتساؤل واضح، في حين بادرتها نجمة بضحكة مرحة:
    - دعيني اخبرك عن قصة هذه الآلة أولاً، وعندها ستعلمين بأنني لا أمزح!


    ***


    عندما كنتُ صغيرة، كنا نقضي معظم إجازة الصيف في بيت جدتي رحمها الله، حيث يعتبر منزلها من أوائل المنازل التي بنيت في منطقة خلاء فسيحة، بعد أن قررتْ الابتعاد عن ضوضاء المدينة، لذا كنا نقضي الوقت باللعب فوق الصخور، ومراقبة الاغنام، والقيام بالعديد من المغامرات الممتعة، التي تنتهي عادة بخدوش أو جراح مؤلمة، وملابس ممزقة!
    غير أن أكبر أمنياتنا التي لم تتحقق هي مرافقة خالي في مغامراته الخاصة! إذ كنا نستمع لحكاياته بانبهار شديد، والذي يبدأ عادة بجواب على سؤال بسيط:
    - خالي، لماذا تستخدم هذه العصا؟
    وهنا تبدأ الحكاية!! كان ماهرا بحكاية القصص، بإخراج مسرحي يحبس الانفاس، ولا زلتُ أذكر حتى الآن ما أخبرنا به من مواجهة الكلاب الشرسة، التي كانت تطارده إثناء ذهابه لصلاة الفجر!! فالمنطقة غير مؤهولة، والطريق للمسجد بعيد، وحتى يختصر الطريق كان بسير عبر الجبل المليء بالاشواك بحذر شديد!!
    كنا نتمنى أن نتمكن من المشاركة في مغامرة صلاة الفجر المثيرة!!
    وذات يوم، ورغم أنني نسيت التفاصيل، لكنني لا زلتُ أذكر لهفتنا الشديدة لمعرفة كيف عاد خالي إلى المنزل ذلك اليوم! لقد قال لنا بثقة بعد أن باءت محاولات تخميننا بالفشل:
    - لقد استخدمت الآلة رقم 11!
    وهنا بدأت الحماسة تشتعل من جديد، وبفضول الأطفال وخيالهم الواسع بدأت الأسئلة تنهمر على خالي بغزارة:
    - أين هذه الآلة؟
    - أرنا إياها يا خالي أرجوك!
    - كيف شكلها؟
    - من أين حصلت عليها؟
    - هل يمكننا استعمالها نحن أيضا؟
    وبعد معاناة شديدة، قُتل فيها الفضول بداخلنا قتلاً؛ أجابنا خالي باسما وهو يشير إلى ساقيه:
    - هاتين الساقين هما أفضل آلة أنعم الله بها علينا، ألا تشبهان الرقم 11؟
    وهنا عرفنا سر الآلة رقم 11 أخيراً، ولا زلتُ أقدّر استعمالها بشدة، حتى هذه اللحظة!


    ***


    ضحكت هبة بعد أن انهت نجمة سرد ذكرياتها، قائلة:
    - يا لهذه الآلة العجيبة، لقد شوقتيني لاستخدامها أيضاً..
    لكنها هتفت فجأة:
    - هل هذا يعني أنكم عدتم في ذلك اليوم مشيا إلى المنزل من المكتبة العامة؟؟ مستحيل فالمكان بعيد جدا!!
    فابتسمت نجمة:
    - لم يكن الأمر كذلك بالضبط، فبعد خروجنا من المكتبة العامة، سلكنا الطريق الذي اكتشفته في مغامرة سابقة تشبه قصة ليلى والذئب! كان الطريق يؤدي إلى "وسط البلد"، وهناك ركبنا حافلة مجانية، اكتشفتُ وجودها في وقت سابق، بكونها تابعة للأمانة العامة! وهكذا نزلنا عند أقرب نقطة قد توصلنا إلى المنزل، على أمل أن نعثر على سيارة أجرة، لتصعد بنا الطريق الجبلي!! وبالطبع كنا سعداء جدا، لأن صعود الطريق الجبلي في سيارة الأجرة لن يكلفنا أكثر من دينار واحد بالعادة، وهكذا ضمنا طريق العودة!!
    لكن انتظارنا طال جدا، حتى ازداد ظلام الليل، دون أن تظهر أمامنا سيارة أجرة فارغة!! وهنا اقترحت أختى صعود الدرج الذي لم أكن أعلم عن وجوده سابقا، لكنها أكدت لي:
    - أذكر أنني نزلته مع أمي قبل مدة، إنه يختصر الطريق كثيرا!
    وبالطبع، ما دمنا قد قررنا أن نفقد الأمل بالعثور على سيارة أجرة؛ فلم يكن أمامنا بد من الذهاب مشيا إلى المنزل، وسيكون الدرج المختصر هو الحل المثالي بلا شك، بدل السير على الطريق الممهد للسيارات، والملتف حول الجبل صعودا إلى قمته!
    لا أنكر أنني تحمستُ للفكرة في البداية، فلم أكن قد سمعتُ عن هذا الدرج من قبل، لا سيما وأنه كان شبه مخفي بين البيوت، كما أنه لم يكن عريضا بما فيه الكفاية لتتم ملاحظته بوضوح!
    صعدنا الشارع شديد الانحدار بالبداية ونحن نلتقط انفاسنا بصعوبة؛ حتى وصلنا إلى بداية الدرج! ولأن الظلام قد حل، فلم نتمكن من رؤية نهايته، رغم أننا شاهدنا ما يشبه الجدار على مد البصر أمامنا، وقد خمنتُ في البداية أنه سيكون نهاية الدرج الذي سيوصلنا للشارع العلوي!! كانت البيوت على جانبي الدرج مظلمة، حتى شككتُ أن هناك من يسكنها من الانس!! ومما زاد من شكوكي هو رؤيتنا لبيت مهجور قد تهدمت جدرانه على الجانب الايمن من الدرج!! كان الجو يصلح بشكل مثالي لإخراج قصة رعب من الدرجة الأولى! استعذنا بالله من الشيطان الرجيم، وتأكدنا من قراءة اذكار المساء مرة أخرى، وتابعنا الصعود، حتى لاح أمامنا الجدار الأبيض بشكل واضح!! كدت اصرخ:
    - لا تقولي أن الطريق مسدود بعد هذا كله؟!! هل أنت متأكدة من أنه الدرج نفسه الذي نزلتيه مع أمي؟ إنه يقطع الانفاس!
    فدافعت أختي عن نفسها بحدة:
    - بالفعل نزلناه، ولكن حدث هذا من فترة طويلة، ربما أجروا بعض التعديلات عليه!! ثم إن نزول الدرج ليس كصعوده، عليك أن تعلمي هذا بالبديهة!!
    كادت الحيرة أن تقتلنا! هل نتايع صعود هذا الدرج المتعب حتى نتأكد بأنفسنا إن كان الطريق مسدودا أم لا؟ أم ننزل الدرج بعد أن قطعنا شوطا كبير فيه، لنسلك طريق السيارات الطويل الملتف!!!
    ومن لطف الله بنا، أن شاهدنا امرأة بشرية تنشر الغسيل على سطح احد البيوت في الجانب الأيسر من الدرج، فألقينا عليها التحية بصوت عال، قبل أن نسألها:
    - هل هذا الدرج يؤدي إلى الشارع العلوي؟
    فطمأنتنا السيدة بإجابتها التي شجعتنا على المتابعة..
    الحمد لله، هناك بشر هنا على الأٌقل!!
    وصلنا الجدار الأبيض أخيرا بشق الأنفس، فإذا به فتحة مواربة تؤدي إلى بقية الدرجات الصاعدة للأعلى، ويا للهول!! اكتشفنا أننا لم نصعد سوى نصف الدرج فقط!!! يبدو أن الجدار تم بناؤه حتى يُخفي هذه الحقيقة المرة عن الصاعدين، فلا يصيبهم الاحباط من طول الدرج في البداية!!!
    شعرتُ بصداع في رأسي، وكأن فرق الضغط الجوي بدأ يؤثر بي (أو هذا ما توهمته في تلك اللحظة، فنحن لا نصعد جبال الهملايا على أية حال!!) أما أختى فقد قررت الجلوس:
    - لا يمكنني المتابعة، أكاد أموت من التعب!
    ورغم صداع رأسي، لكنني بقيت صامدة باستماتة شديدة:
    - ماذا!! هل سنجلس هنا في هذا المكان الموحش! نحن لا نعرف هذه المنطقة، ولا نعرف من قد يخرج لنا من هذه البيوت!! أو من سيفاجئنا على هذا الدرج، والظلام قد اصبح حالكا أكثر!!
    غير أن أختي بدت غير مبالية أبداً بكل ما سمعته! ولستُ ألومها، فقد كانت تساعدني في حمل الكتاب الضخم الذي استعرته من المكتبة، ومن واجبي أن أحرص على راحتها، خاصة وأن الخدمة التي تقدمها لي الآن لا تقدر بثمن!!
    ومع ذلك.. قررتُ متابعة الصعود على أمل أن تلحق بي، ولعلي اطمئن قليلا برؤية أنوار الشارع! وبينما أنا كذلك، إذ سمعتُ صوت شاب خلفي!
    يا إلهي!! ما الذي تفعله أختي! لقد أصبحنا بعيديتن عن بعضنا البعض! ربما كان علي الانتظار إلى جانبها؟ لكنني لم أتوقع أن تبقى جالسة حتى الآن! أرجو أن لا يكون هذا الشاب شريرا، وإلا فالله وحده يعلم ما الذي قد يحل بنا!
    حبستُ أنفاسي قليلا، وبدا الشاب مشغولا بالحديث في هاتفه، ولا أظنه انتبه لوجودنا أصلا، الحمد لله هذا أفضل!
    توقفت قليلا حتى لحقتني أختى، دون أن يخفى علينا ملاحظة رشاقة الشاب في صعود الدرج ما شاء الله، وكأنه يقفز في الهواء، حتى وصل الشارع قبلنا!! يبدو أن الآلة رقم 11 الخاصة بنا تعاني من بعض الصدأ، وتحتاج لمزيد من التمرين!!
    وصلنا الشارع أخيرا والحمد لله، ولكن.. تبين لي أننا لم نقطع سوى ربع الطريق نحو المنزل!! لقد خيّل لي من طول الدرج بأننا إذا وصنا نهايته فسنكون أمام شارع منزلنا!! ولكن الحمد لله، اصبحت الشوارع أمامنا الآن أقل انحدار، وأكثر إيناسا بأنوارها الساطعة، فتابعنا المشي بهدوء!!
    كانت تلك هي المرة الأولى التي اعود فيها للمنزل مشيا من هذا الطريق! وبلا شك؛ كانت فرصة مناسبة للرد على تحدي أختي التي قالت لي ذات مرة أن المجيء من هذا الطريق أقرب لمنزلنا من الطريق الطويلة الأخرى!
    لا أظنها الآن ستصر على قولها بأن هذا الطريق أفضل!

    ******

    تنفست نجمة الصعداء وهي تنهي قصتها، فيما قالت هبة:
    - الحمد لله على سلامتكم!
    وابتسمت متابعة:
    - لا شك أن أنفاسك تقطعت مرة أخرى وأنت تستشعرين صعود الدرج، لذا سأدعك تستريحين الآن، قبل أن أسألك عن مغامرتك السابقة وعلاقتها بقصة ليلى والذئب؟
    فضحكت نجمة:
    - يا لك من صديقة كريمة، وهكذا يمكن لنجمة أن تأخذ استراحة من سرد مغامراتها العظيمة!
    غير أن هبة استدركت قائلة:
    - لحظة لحظة، هل هذا الباص المجاني التابع للأمانة حقيقي؟
    فأومأت نجمة برأسها مؤكدة:
    - وهل تظنيني انسج قصصا من وحي الخيال! هناك الكثير من الاشياء التي نجهلها عن مدينتنا، حتى متحف القلعة، دخلته مجانا!
    فهتفت هبة بحماسة:
    - تقصدين تلك المتعلقة بغامرة "جبل القلعة"؟
    فتنهدت نجمة منهية الحديث بابتسامة:
    - لقد تشعبنا بعد أن كدنتُ على وشك الراحة، وهكذا حان لنجمة أن تأخذ استراحة..

    سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك..

    ** تمت**


    وأخيرا.. من الجدير بالذكر أن مكان أحداث هذه القصة تقع بشكل رئيسي في عمان- الأردن، وهذه بعض الصور




    أولا: هذه صورة تجمع بعض المشاهد من المتجر
    (قمت بتجميعها في صورة واحدة بعد تصويرها ^^)







    ثانيا:
    هنا صور لبعض الادراج في مناطق عمان الجبلية
    (أخذتها من الانترنت)



















    أرجو أن يكون الموضوع قد أعجبكم، فلا تنسونا من صالح دعائكم، وبالتوفيق للجميع (:
    وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم



    التعديل الأخير تم بواسطة st.asma1 ; 07-25-2019 الساعة 10:42 AM سبب آخر: تكرار القصة مرتين
    أهلا بكم في رواية الأنمي العربية الأولى من نوعها "مدرسة الفروسية" على مغامرات:

    رواية "مدرسة الفروسية" حصريا ولأول مرة مجانا على النت ^^


    ولا تنسونا من صالح دعائكم
    وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

  2. #2
    ~¤ سبيستوني صادق ¤~ الصورة الرمزية syury
    تاريخ التسجيل
    08 Oct 2016
    الحنس:
    أنثى
    المشاركات
    4,488
    مرحبًا ^^
    يآ لهآ من آلة
    !! تشبه فعلًا الرقم 11
    والحمد لله على كل نعمة
    علينآ .. القصة مذهلة
    بكل معنى الكلمة من أحدآث
    حمآسية
    مشوقة وفعلًا هذه المغآمرآت تحدث معي
    إن كآنت نقودي قليلة
    :>
    لكن أول مرة أسمع عن بآص مجآني ههههه
    لآ أعلم مآذآ أقول بعد ذلكـ
    3:
    أمم للأسف الصور لآ تظهر عندي لكن من وصفكـِ
    للأشكآل تخيلت شكلهآ
    الجميل
    شكرًا للقصة الجميلة والمفيدة





  3. #3
    ~¤ سبيستوني ألف ¤~ الصورة الرمزية ishtako
    تاريخ التسجيل
    27 Aug 2018
    الحنس:
    أنثى
    المشاركات
    1,230
    مرحبا موضوع رائع شكرا
    على جهودك يا عزيزتي
    ̅ y ̅α̅s ̅ρ̅ℓ̅υ̅s ̅c̅є ̅q̅υ̅̅̅'υ̅и̅є ̅ρ̅σ̅s̅ɪ̅τ̅ɪ̅v̅є ̅ɒ̅α̅и̅s ̅c̅є̅τ̅τ̅є ̅v̅ɪ̅є ̅ɒ̅є ̅f̅я̅α̅ɪ̅s̅є

    .̅ɢ̅ℓ̅σ̅я̅ɪ̅α.

  4. #4
    ~¤ سبيستوني مخترع ¤~ الصورة الرمزية assen
    تاريخ التسجيل
    29 Aug 2012
    الحنس:
    أنثى
    المشاركات
    7,928
    مراحب بالمبدعة ^^
    آلة رقم 11 0.0
    وآآآه صدمتني
    كان عليكِ ان تشاهدي ردة فعلي وردة
    فعل أختي عندما علمنا ما كان قصدكـِ
    بآلة رقم 11
    صراخ ونحن نقول :
    - اهاااااااااا هكذا إذا ><
    هههههههـ الحمد للهـ ع هذه النعمة
    الطيبة التي رزقنا اللهـ اياها
    وبالفعل قصة جميلة ومغامرة خطيرة بالفعل
    اضيفي ع ذلك انها محمسة :]
    ادام اللهـ ابداعكِـ ^^



    اشعــــر بفـــراغ داخـــــلي ، وكــــأنني دونــــــات

    مدونتــــــ◄عشوائــ♥ــيا ت حروفـ►ـــي



  5. #5
    ~¤ سبيستوني مخترع ¤~ الصورة الرمزية assen
    تاريخ التسجيل
    29 Aug 2012
    الحنس:
    أنثى
    المشاركات
    7,928
    + للأسف الصور لم تظهر "<
    كنت اتمنى لو رفعتي الصور من موقع أخر ^^




    اشعــــر بفـــراغ داخـــــلي ، وكــــأنني دونــــــات

    مدونتــــــ◄عشوائــ♥ــيا ت حروفـ►ـــي



  6. #6
    ✾سبيستوني ملك✾ الصورة الرمزية yuossef
    تاريخ التسجيل
    01 May 2006
    الحنس:
    ذكر
    المشاركات
    174,353
    و عليكم السلام و رحمة الله وبركاتة
    و عليه أفضل الصلاه و السلام
    قصه مثيــره مشكوره عليها


  7. #7
    ✾ سبيستوني حالم ✾ الصورة الرمزية artimis
    تاريخ التسجيل
    08 Jan 2017
    الحنس:
    أنثى
    المشاركات
    37,206
    مرحبا حلوة بزاف قصة هذه الحمد لله على نعمة كريمة ^^

    تساءلت عن ف بداية عن آلة 11 وظننت انها روبوت .....♡

    قصصك مميزة وذات فائدة و معنى تسلمي على مجهودك رائع .^^


    ( ليانا المحاربة الشرسة. آيريس المحاربة الأسطورية. كآثرين أسطورة غامضة ) ♡

    يمنع إستخدام أي من أسماءي ف المنتدى و شكرآ ♥




  8. #8
    ~¤ سبيستوني هادئ ¤~ الصورة الرمزية alfurussiah
    تاريخ التسجيل
    05 Jun 2019
    الحنس:
    أنثى
    المشاركات
    245
    جزاكم الله خيرا لمروركم واهتمامكم ^^

    بالنسبة للصور.. لا أعرف لماذا لم تظهر عند البعض ): ولا أعرف طريقة اخرى لتحميلها للأسف!!

    بالنسبة للباص المجاني، فهو موجود فعلا وتابع للأمانة وخط سيره من وسط البلد (عمان العاصمة) ويمر ببداية راس العين ^^

    _____


    وكل عام وانتم بخير بمناسبة عيد الاضحى المبارك (:

    وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
    أهلا بكم في رواية الأنمي العربية الأولى من نوعها "مدرسة الفروسية" على مغامرات:

    رواية "مدرسة الفروسية" حصريا ولأول مرة مجانا على النت ^^


    ولا تنسونا من صالح دعائكم
    وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 37
    آخر مشاركة: 08-20-2019, 06:35 PM
  2. مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 07-30-2019, 05:28 PM
  3. مشاركات: 26
    آخر مشاركة: 07-24-2019, 10:38 PM
  4. مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 07-24-2019, 04:30 PM
  5. مشاركات: 24
    آخر مشاركة: 07-16-2019, 05:57 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •