فى مركز التدريب ...
دلفنا خلف المندوب في طابور ... ثم اجلسونا على الارض وفوقنا مظلة ... شعرت بالملل .. نظرت حولي فإذا بالثرثرة تبدأ من جديد ... ثم دار حديث بيني وبين زميل عن يميني وآخر عن يساري ... اما الذي عن يميني فقد اصبح رفيقي فى عنبر النوم لاحقاً ... واما من كان عن يساري فلم اراه قط طوال فترة مركز التدريب رغم انه معي فى نفس المركز ... ثم وجدت ابراهيم بعيداً هناك يضاحك من حوله فى ابتسامة عريضة تظهر اسنانه وشىء من اللثه الحمراء اثناء ضحكه يصحبها اهتزاز اكتافه .. تلك ضحكته المعتاده منذ ان رأيته اليوم ...
اقبل عسكري الامن وكان ذو جسد نحيل وبشرة سمراء ... بصوت جهوري :
اللى معاه موبايل يطلعه بالزوووء ... اللى معاه شريحة خط يقووول ...
عشان الموبايل اللى هيتمسك هيتكسر قدام عينيك ...
ثم اكمل خطبة طويلة ...
قمنا فى طابور مرة اخري ومررنا للتفتيش وبالفعل من كان معه هاتف كانوا يكسرونه امام اعين صاحبه مهما كان الهاتف باهظ الثمن ... لكني لم اراهم يكسرون شريحة موبايل بعد ... او ربما لم الاحظ ...
هنا بدأنا نشعر بالتعب حقاً ... لكن لا يزال يتبقي طابور استلام (المخلة) وهي عبارة عن 2افارول والذي يعني زي العسكرية 3 بطاطين و بيادة والتى تعني حذاء الجندي وغير ذلك الكثير من جوارب وقايش اي حزام الجندي ...
عند التاسعة انتهي امر استلام المخلة جميعنا يشعر بالتعب وكذلك بالنوم ... يااااه مااا اجمل النوووم !! ... اخبرونا انه اليوم الوحيد الذي سنتاخر فيه هكذا في النوم لان اليوم ينتهي عند الثامنه والنوم يبدأ عند التاسعه ...
الان سنذهب في طابور آخر للميس وهو مكان طعام الجنود ... اشعر ايضاً بالجوع ... لكن لدي فكرة مسبقه عن طعام الجيش كما قيل لي ... ويبدو انني لست الوحيد الذي يعلم فالجميع بدأ يسخر من الطعام المتوقع ويهول الوضع ... استلمت السرفيس ... ما يقارب ال3 ملاعق من الفول الذي الملىء بالسوس الذي يصدر صوت تكسير فتات الزجاج عند مضغ الفول في فمك ...حبة الفول الواحدة كثيرة الثقوب والتي تتقابل وتنفتح على بعضها البعض من الداخل حتي كادت تشبه قطعة الجبن التي يحملها جيري الفأر ويهرب بها من توم القط ....
القليل من المربي عديمة الطعم ... والتى من غرابتها لا اتذكر طعمها ...
بعد تناول الطعام حان وقت النوم .. وبعد ان تختر عنبراً ثم سريراً مناسباً سيأتي الصول ليشرح لك كيف ترتب سريرك على الطريقة العسكرية ...
كنت برفقة عبدالله وابراهيم فى نفس العنبر ...
لم تكد اجسامنا المتعبة ترتاح من يومها الطويل حتي ايقظونا عند الخامسة صباحاً ... على صفارة مدوية ... قمنا على وجه السرعه ... اصوات الصولات تجهر فى ارجاء الساحة .. الان يبدأ طابور الحمّام ثم طابور غسل الوجه ... ثم يبدأ حصر الجنود ثم بعض التهديد والسباب من الصولات ثم النظافة من الساعة السادسة حتي السابعه صباحاً .. تحية العلم ... طابور اللياقة .. جري لمسافة كيلو متر بالاضافة الي بعض التمارين الرياضية ... نذهب لتغيير الملابس وارتداء الملابس العسكرية لبدء التدريب العسكري ... التعامل مع السلاح ...معلومات عن الذخائر ... شرح السلاح واجزاءه وكيفية فكه وتركيبه ... تعلم حركات الجنديه ... والمشية العسكرية ... الخطوة المعتادة ... حتى الثانية حيث يبدأ الغداء ... المعكرونة المسلوقة المعجنه وبعض الخضار ... راحة جتى الرابعه عصراً ........ثم الاستئناف ... طابور الهتاف ... ثم النوم عند التاسعة ... وهكذا ... كل يوم كسابقه فى روتين ممللللل ... حيث يسير الزمن بخطوات متثاااااااااااقله ...
يا لها من ايام .... زاد فيها حنيني لكل من احب وما احب ... بعد اليوم الاول تبدأ آثار الضغط النفسي والقلق والتوتر تظهر على الجميع .... كوابيس مزعجة ... الاستيقاظ اثناء النوم ... لا شىء يعكر صفوك او يشعرك بالحسره اكثر من الاستيقاظ فى نصف المده ... فالنوم اغلى الاشياء عليك هناك ... لانه حتي الطعام تكرهه ... وساعات النوم فى الاساس قليله .. فمابالك بالاستيقاظ بضعة مرات فى وسطها ... صعوبه فى التنفس اثناء النوم ... تكسير فى الجسد وارهاق بالغ يصعب معه الاستغراق في النوم ....
ذات يوم استيقظت مفزوعاً ... اصوات الشخير هنا وهناك تتداخل وتترافد ... البعض يتكلم وهو نائم ... والاخر يسعل عدة مرات ... البعض يئن فى نومه كأنين المرضي ... واحدهم يقول ااااااه بدل اصوات الشخير ... قام احدهم من مرقده ... مازال نائما .. مشي خطوتين وهو نائم ... يا الاهي ... لقد خطا الخطوتين بالطريقه العسكريه .. تكلم بما يشبه : تمااام يا فندم ... ثم ارتطم بالحائط .. فسقط ارضاً .. قام مفزوعاً ... لم يدري كيف اتي الى هنا .. عاد الى سريره وارتمي ... عاد صوت الشخير ... وعدت انا للنوم ... هل كان هذا حلما ام حقيقه ... لا ادري ... لكن كل ما شعرت به .. وما تخيلت به قد حدث ... قيل بالضبط من الآخرين كما لو انهم راوا ما رأيت ....