[اجلسي !!]
قالتها ليفيا وهي تنظر لها بطرف عينها بكره واضح ، هذه المرأة غريبة الاطوار لم تضعها ايرينا في نظرها اطلاقا ، أعني
من الاحمق الذي سيحاول قتل فتاة لا حول لها و لا قوة ؟ بالتأكيد هي مجنونة .
ابتسمت ايرينا و اتجهت الى ابعد مقعد عنهم و جلست بأدب ، هذه هي المرة الثانية التي تستدعى فيها لتناول الافطار مع العائلة الملكية .
لكونها ابنة احد معارف الملك ، فهي محظوظة لأنهم لم يقتلوها يوم ولادتها ، فبمعرفتها لمزاج ليفيا شعرت بالغرابة لانها لم تقتلها ، عندما سألت عمتها كارتي ذات مرة اجابتها بأن ذلك بسبب والدها الذي لم يشعر برغبة في قتلها فأبقاها محبوسة في غرفتها منذ ذلك اليوم ، اظنت عمتها انها حقا صدقت ذلك ؟
تنهدت في قلبها قبل ان ترفع نظرها الى والدها ، ايرينا فتاة ذكية لذلك تعلم انه استدعاها لسبب ما ، و بمعرفتها لوالدها فعلى الاغلب هو سبب سيئ لكنها اتت متفاائلة على اية حال .
وضع الطعام بألوانه الممتعة للنظر ، كان تبذيرا حقا رغم حال البلاد التي بالكاد تقترب من خط المجاعة ، لكن كالعادة لا يبدو ان هذه العائلة تهتم بعامة الشعب عدى اخيها ، متى سيصبح ملكا و يريح الشعب ؟ عبرت هذه الافكار في رأس ايرينا عندما بدأوا بتناول الطعام بصمت لم يخلوا من نظرات اخوتها و كانهم يقولون "شخص بمقام الخادمات يتجرأ بالاكل معنا ؟"
لم تعرهم ايرينا اي اهتمام و كأنهم غير موجودين . فزاد غضبهم ..
عندما انتهوا اتى الخدم و حملوا الصحون و غادروا..
[ايرينا..]
تحدث والدها اخيرا بعد تجاهله الطويل ، رفعت رأسها لتواجهه بابتسامة عذبة .. /نعم والدي ؟/
/سأرسلك لتتزوجي امير مملكة هانك/
وقعت الكلمات عليها كالصخرة و فهمت اخيرا سبب ضحكات اخوتها .. و لكن هيهات ان تسلم نفسها بسهولة ..
/ اتسمح لي بكلمة يا والدي ؟ /
نظر لها لتتحدث فأكملت / بصفتي ابنة احد معارفك فلا اظن ان اميرا ذو فخر و كبر كامير مملكة هانك سيقبل بي كزوجة له ، و ان سمحت لي افترض او اختى الكبري هي الانسب لهذا /
*احد معارف الملك : يعني انها ليست من اقارب الملك و لا من العائلة الملكية *
نظر لها مطولا بعينيه و كأنه يبحث عن شيئ ما في ابتسامتها قبل ان يبعد نظره ../ عودي لغرفتك /
ابتسمت ايرينا بانتصار ./حاظر/. انحنت له باناقة و غادرت قاعة الطعام وهي تسمع صراخ ليفيا و اعتراض اختها ، كانت تعلم بأن هذا من تدبيرها لكونها يأست من قتلها فاتجهت الى هذه الاساليب ، و لا امل لها عندما تواجه اريرينا فعلى اية حال كانت تشعر دوما أن والدها يرغب في ابقائها امام عينيه ، عدى ذلك لم سيخبرها مباشرة بأمر الزواج ؟ اتملك هذه الرفاهية باعلامعا عن زواجها بل و من فم والدها ؟ ربما اراد اسكات ليفيا فقط ، تلك العفريتة .
على اية حال طفح الكيل معها، عادت الى غرفتها و هي تبتسم بحماس . " ليفيا الحمقاء .. انا حزينة لعدم قدرتي على اخبارك بقراري هذا لكنني بالفعل عزمت ان اهرب لذلك و رغم انني لن اخبرك باملكانك ان تريحي بالك "..
لقد اتت الى هذا القصر عندما كان عمرها 10 سنوات بعد وفاة والدتها ، تحملت طوال الوقت حتى تصبح اكبر و تقرأ ايضا كل المكتبة الملكية ، بعد كل شي الكتب هي عنصر باهض الثمن .
وقع اختيارها على هذا اليوم المنتظر .. جهزت كل شيئ لرحلتها في حقيبة كتف بنية اللون .. وضعت بعض المال و الملابس البسيكة ثم حشرت خريطة قديمة في النهاية ، توقفت للحظة و حدقت بذلك الكتاب ذو الغلاف الاسود و الحروف الذهبية المميزة بعنوان الغرباء ، كتاب والدتها ، ابتسمت ووضعته بعناية قبل ان تغلق الحقيبة ..
/بهذا اكون جاهزة / .. بقي شيئ واحد وهو رين .. طلبت منه ان يأتي في وقت الغروب ان كان متفرغا ، بالطبع سيأتي ان كان لاجل اخته الصغيرة ..
وقفت و نظرت للغرفة التي عاشت فيها لسبعة سنوات كاملة ، رغم انها بسيطة و تحمل اساسيات الحياة الا انها تحمل بعد كل شيئ العديد من الذكريات ، ابتسمت و جلست على الكرسي امام الطاولة ..
بعد 10 دقائق طرق باب غرفتها لتجده رين ، اغلقت الباب بحذر لتتأكد من عدم وجود احد .. ثم نظرت لأخيها المبتسم ..
/اخي ، انا../
قاطعها بهدوء،/ اعلم بما تريدين الحديث عنه ، لقد عزمت قرارك اخيرا ؟/
ثم اكمل / اختي اللطيفة تذكري بأن اخاك الاكبر موجود دوما ان احتجت لاي مساعدة/
شعرت ايرينا بحرارة في قلبها فهي حقا تمتلك اشخاصا يهتمون بها بدون مقابل ، ابتسمت بسعادة / هذه كلماتي فلولا وجودك معي هنا في هاذا المكان القذر لكنت مت منذ زمن طويل /
قال رين بقلق و هو ينظر لعينيها الذهبية / احذري فعالم القراصنة قاسي /..
/اعلم .. لكنني قررت بالفعل يا اخي /..
منذ طفولتها و هي تحب قراءة قصص القراصنة .. فهي ترى فيهم الحرية و الاستقلال ، بامكانهم ان يصبحوا شرارا ان ارادوا او حتى طيبين ، رغم ان الحرب الاخيرة قد ابادت معضمهم
في الواقع كان رين رافضا تماما لقرارها لكنه تنهد وربت على رأسها .. / اتمنى لك الحظ الجيد /
اعطته ابتسامة كبيرة وهي تضرب كتفه / ولك ايضا اخي / ..
اطفئت شموع غرفتها .. ثم فتحت النافذة ليدخل هواء الليل الرطب .. اخذت حقيبتها و صعدت على اطار النافذة و اعطت لاخيها ابتسامة اخيرة قبل ان تقفز ببراعة الى الشجرة المقابلة
ظل رين في مكانه لفترة و هو يصارع نفسه .. " لقد ذهبت ، انا اعلم انها ذكية لذلك لن يمسكها احد ، حتى ابي .. ايرينا ان حدث و عدتي فسأكون حينها قد اصبحت ملكا بعد ابي .. حينها لن ادع احدا يمسك بسوء، اختي الصغيرة اللطيفة "..
أغلق النافذة ثم تنهد و التفت خارجا بينما يتحدث ببرود / اذهبوا و امنعوا حراس والدي ، تأكدوا
ان تغادر دون مشاكل/
في وسط ذلك الظلام تحركت العديد من الظلال بصمت ...