النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: تجربة علمية، من عالم مدرسة الفروسية (حلقة خاصة) ^^

  1. #1
    ~¤ سبيستوني هادئ ¤~ الصورة الرمزية alfurussiah
    تاريخ التسجيل
    05 Jun 2019
    الحنس:
    أنثى
    المشاركات
    245

    تجربة علمية، من عالم مدرسة الفروسية (حلقة خاصة) ^^

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (:
    كيف حالكم يا محبي العلوم وعشاقه؟؟
    كما وعدناكم، في الحلقة الثامنة والعشرون من "مدرسة الفروسية" على مغامرات؛
    ها نحن أتيناكم، وجئناكم بالحلقة العلمية الخاصة من رواية مدرسة الفروسية، لتتابعوا بالتفصيل خطوات التجربة العلمية التي أجراها أبطال المستوى السادس في مدرسة النصر للفروسية ^^
    للتذكير هنا:

    رابط الحلقة 28

    فهل أنتم مستعدون؟؟


    إذن هيا بنا، إلى قاعة التجارب العلمية، في مدرسة النصر للفروسية..

    *****


    أنهى المعلم برهان كتابة الهدف من التجربة فوق لوح قاعة التجارب في المدرسة، قبل أن يلتفت إلى طلبة المستوى السادس المتحلقين حوله، قائلا:
    - والآن إن فهمتم هدفنا من تجربة اليوم، ووعيتم تماما النتيجة التي نحن بصدد الوصول إليها، فستسهل عليكم إيجاد الخطوات المناسبة لتحقيقها..
    و رغم أن تجارب علم الطبيعة من أكثر التجارب العلمية التي تثير حماسة الطلبة، إلا أن علاء بدا غير قادر على التركيز في أي شيء، وعقله مشتت بين الوثيقة التي يحاول وعي ما ورد فيها، والاختبار الذي يسعى للترشح إليه، وهو يحدث نفسه:
    - لا شك أن أبي ورجاله سيقفون في وجه أي مخطط شرير يستهدف المروج الخضراء، ولكن ماذا عني أنا!! إلى متى سأظل بعيداً عنهم!! لا خيار آخر، ولا وقت لدي، يجب أن أُرشح للاختبار القادم بأي ثمن وعليّ أن أعود إلى مدينتي بسرعة...
    لكنه انتبه من شروده ذاك فجأة على صوت المعلم برهان، الذي خاطبه بقوله، وهو يضع الساعة الرملية على المنضدة الكبيرة لتبدأ بالعد التنازلي:
    - ما الذي تنتظره يا علاء لقد بدأ رفاقك إعداد أنفسهم للتجربة، فماذا عنك؟
    تلعثم علاء قليلا وأخذ يلتفت يمنة ويسرة إذ وجد أنه الوحيد الذي لم يتحرك من مقعده بعد إنهاء شرح المعلم برهان لهدف التجربة الرئيس، وبدا حائرا حتى أنقذه نداء حسام بقوله:
    - هيا يا علاء تعال بسرعة لتختار الجزء الذي ستقوم به، فقد بدأ طلال بتوزيع المهام..
    فنهض علاء من مكانه وأسرع باتجاه أصحابه الذين كانوا يتناقشون في خطوات عمل التجربة وهم يستعرضون ما لديهم من أدوات، استعدادا للبدء في تنفيذها، وحمد الله في سره، أن العمل تعاوني، وإلا لوجد نفسه في موقف لا يحسد عليه..
    وكأن المعلم برهان قد قرأ ما جال بخاطره فقال:
    - لا داعي لنذكركم بأن العمل الجماعي لا يعني الاتكال على الآخرين..
    وابتسم المعلم برهان وهو يراقب الطلبة المتحلقين حول طلال- قائد المجموعة في تجارب علم الطبيعة- قبل أن يخرج من القاعة كعادته حتى يشجع الطلبة على إنجاز التجربة بأنفسهم والتفكير بالخطوات المناسبة دون اللجوء إليه إذا ما استعصى عليهم أمر..
    أعاد طلال على مسامع الجميع المعلومات الرئيسة، وهو يركز عينيه في عيني علاء، بنظرات ذات مغزى:
    - اتفق العلماء منذ القدم على صحة ما قال به أرخميدس، من أن للسائل قوة تدفع الجسم الموضوع فيها للأعلى، وأطلقوا عليها اسم قوة الطفو، ويمكننا إثبات ذلك ببساطة؛ لأن وزن الجسم في السائل أخف كما نعلم، فهذا يعني أن هناك قوة تدفعه للأعلى..
    فقال حسان:
    - حسنا لقد فهمنا هذه الجزئية وقلنا بأننا سندونها في أول التقرير، فلماذا الإعادة!!
    فوخزه ياسر بيده محاولا أن يفهمه بأن طلال يفعل ذلك من أجل علاء الذي لم يكن معهم في البداية، وكاد حسان أن يسأله بصوت عال عن معنى تلك الوخزة، لولا أن حسام أسرع يقول:
    - بما أننا متفقون جميعا على سهولة هذه الخطوة و سبق أن قلنا بأننا سنكتفي برسوم توضيحية لاتجاهات القوى في حالة جسم يسقط في الماء، ومقارنته بجسم يسقط في الهواء، فدعنا نعرج على الخطوة الثانية قبل أن يدركنا الوقت..
    ولم يكن طلال بحاجة إلى تذكيره بضرورة الانتباه إلى الوقت ولكنه أخذ ذلك بعين الاعتبار، فقال بابتسامة لم يخف معناها على حسام:
    - جزاك الله خيرا يا حسام لتذكيرنا بالوقت..
    وتابع وهو ينقل بصره بين الجميع:
    - والآن علينا أن نثبت بأن قوة الطفو هي نفسها وزن السائل الذي يزيحه الجزء المغمور من الجسم، ومن ثم نثبت أن حجم الجزء المغمور هو نفسه حجم السائل المزاح.
    فعلق أصيل مازحا:
    - وإذا لم يثبت ذلك معنا نكون قد اكتشفنا بأن كلام العلماء طوال القرون الماضية خاطئ!
    فرد عليه حسان متهكما:
    - بل سنضطر لإعادة التجربة مرة أخرى يا عزيزي!!
    فضحك حسام وهم بأن يقول شيئا؛ لولا أن طلال أعادهم بسرعة إلى صلب التجربة بقوله:
    - وقتنا محدود وعلينا أن نفكر بسرعة بأفضل الطرق التي تقلل من نسبة الخطأ في القياس والحساب..
    قال زيد وهو يستعرض المكعبات والأجسام المختلفة التي أحضرها من أحد الرفوف:
    - أظن أننا كلما استخدمنا أجساما كبيرة، كان ذلك أفضل..
    أضاف معاذ - الذي ملأ حوضا كبيرا بالماء ووضعه على الأرض:
    - يكفينا- على ما اعتقد- استخدام نوع واحد من السوائل، والماء يقوم بالغرض، أليس كذلك؟
    فأجابه طلال:
    - أجل فنحن بصدد دراسة العلاقة بين قوة الطفو وحجم الجسم، بغض النظر عن السائل المستخدم..
    فعلق ياسر:
    - إذن سنحتاج إلى أجسام مختلفة في الحجم، ثلاثة على الأقل!
    أومأ طلال بالإيجاب مضيفا:
    - نريد أجساماً مصنوعة من المادة نفسها أيضا، حتى نركز على اختلاف الأحجام وحسب..
    كان زيد يفرز المكعبات الكبيرة حتى أخرج ثلاثة مكعبات خشبية مجوفة، مفتوحة من جانب واحد، قائلا:
    - هذه ستفيدنا، سنضعها في الماء على شكل قارب..
    فقال طلال:
    - جيد فهذا سيسهل المهمة كثيرا عند قياس حجم الجزء المغمور، خاصة وأن سماكتها قليلة..
    ثم وجه خطابه لعلاء الذي بدا مشتت الفكر بعض الشيء:
    - هل هناك ما يشكل عليك يا علاء؟
    رد علاء ببعض الحرج متحاشيا النظر في عيني طلال:
    - في الحقيقة لم أفهم تماما الهدف الرئيس من التجربة بعد! وما هو الشيء الذي سنثبته بالتجربة!! ولكنني أخشى أن أكون سببا في تأخيركم!!
    فقال طلال يطمئنه:
    - لا تقلق، ستفهم كل شيء حالاً بإذن الله..
    وبتصرف سريع وجّه طلال كلامه لرفاقه:
    - دعونا نجمع الأدوات كلها أولا..
    قال جملته وهو يتجه نحو أحد الرفوف، ليحضر منه الميزان ذا الكفتين، في حين أحضر حسام حبال القياس والأثقال.. وبعد أن اكتملت الأدوات جلس الأصدقاء حولها في حلقة دائرية على الأرض، وأخذ حسام بتدوينها:
    - ثلاثة مكعبات كبيرة مختلفة الحجم، وعاء مملوء بالماء ،ووعاء آخر أكبر منه، ودلو ماء، حبال قياس، بالإضافة إلى الأثقال و الميزان..
    لكن أصيل سألهم فجأة:
    - لماذا هذه الأوعية الكثيرة؟؟ ألا يكفي وعاء واحد مملوء بالماء!!
    فأسرع حسان يجيبه:
    - وأين تريد أن تجمع الماء المزاح أيها الذكي!!
    فقال أصيل بجدية:
    - لن يكون الماء المزاح كثيرا فلماذا هذا الوعاء الكبير! ألا يكفينا وعاء صغير؟؟
    فأجابه معاذ:
    - وكيف ستضمن أنك جمعت الماء المزاح كله من جميع الأطراف! سنضع وعاء الماء المملوء داخل الوعاء الكبير؛ ومن ثم سنضمن أننا لم نضيّع قطرة واحدة من الماء المزاح، وبهذا نقلل نسبة الخطأ في القياس..
    هز أصيل رأسه متفهما، في حين علق ياسر:
    - نحتاج إلى دقة كبيرة في العمل، خاصة ونحن نضع وعاء الماء المملوء داخل الوعاء الكبير، حتى لا ينسكب الماء داخل الوعاء الكبير قبل أن نبدأ فيختلط علينا الماء المزاح مع الماء المسكوب من قبل، أظن أنه كان علينا أن نضع وعاء الماء في الوعاء الكبير أولا، ثم نملأه بالماء!
    جثا معاذ على ركبتيه وهو يحاول حمل الوعاء المملوء بالماء ليضعه في الوعاء الكبير، ورغم محاولاته الجاهدة للحفاظ على توازن الوعاء، إلا أن بعض القطرات انسكبت منه داخل الوعاء الكبير، عندها هب حسام واقفا وهو يهتف:
    - سنحتاج إلى منشفة لتجفيف الوعاء الكبير، هذا كل ما في الأمر!
    فتهلل وجه طلال:
    - لقد حلت مشكلة كبيرة، أضفها إلى قائمة الأدوات لو سمحت..
    ثم أخذ دلو الماء قائلا:
    - قبل ذلك سنحاول إعادة ملء الوعاء بالماء إلى فوهته تماما، ومن ثم نجفف الماء المسكوب في الوعاء الكبير دفعة واحدة
    وبمهارة شديدة استطاع طلال أن يضيف الماء بقطرات متتالية - أمام العيون المثبتة عليها بتوتر- حتى امتلأت الفوهة تماما دون أن تنزل قطرة واحدة إلى الوعاء الكبير، فوضع الدلو على الأرض بينما هتف حسام:
    - ما شاء الله، دقة متناهية يا طلال، كأنك حسبت عدد القطرات اللازمة لملئ الوعاء بالضبط، وأجزم أننا لو أضفنا قطرة واحدة فقط لانسكب الماء!
    فعلق أصيل ( متفلسفا):
    - الفضل في ذلك يعود لظاهرة التوتر السطحي!
    فابتسم حسام:
    - حسنا لقد عرفنا أنك فهمت تلك الظاهرة أخيرا..
    وضحك الجميع في حين قام طلال بتجفيف الوعاء الكبير بالمنشفة تماما، قبل أن يقول:
    - والآن الخطوة التالية، ما رأيكم أن نبدأ بإثبات كون حجم السائل المزاح هو نفسه حجم الجزء المغمور، وبعد ذلك نثبت الجزء الثاني لنخلص إلى النتيجة بأن قوة الطفو هي نفسها وزن السائل المزاح وهكذا نحقق الهدف من التجربة؟
    أعرب الجميع عن موافقتهم على الفكرة، فتابع طلال:
    - إذن فلنبدأ بوضع المكعب الكبير أولا برفق، حتى لا نزيح من الماء كمية أكبر مما سيزيحه المكعب بنفسه
    فأمسك زيد المكعب الكبير وجعل جانبه المفتوح للأعلى وهو يضعه برفق داخل الماء، وبعد أن تأكد من أن سطح المكعب السفلي قد لامس سطح الماء رفع يده، فانغمر ثلث المكعب تقريبا داخل الوعاء مزيحا كمية من الماء، لتنسكب داخل الوعاء الكبير
    وأخذ طلال يتأمل صفحة الماء المهتزة اثر وضع المكعب فيها قائلا:
    - هيا استعدوا لتدوين الملاحظات..
    كان ياسر قد أنهى رسم جدول بأربعة صفوف وأربعة أعمدة على لوح صغير، وكتب عنوان كل عمود في الصف الأول ( المكعب، حجم الماء المزاح، حجم الجزء المغمور من المكعب ، ملاحظات أخرى)


    ملاحظات أخرى
    حجم الجزء المغمور من المكعب
    حجم الماء المزاح
    المكعب



    الكبير



    الوسط



    الصغير


    فقال مبادرا:
    - سأبدأ بملاحظتي الأولى حول طريقة قياس الحجم، إذ لا داعي لها في هذا الجزء بما أن هدفنا هو أن نثبت فقط بأن حجم الجزء المغمور هو نفسه حجم الماء المزاح..
    فسأله أصيل بتعجب:
    - ما هذا الذي تقوله يا ياسر!! كيف سنثبت أن لهما الحجم نفسه دون أن نقيس حجم كل منهما، ومن ثم نقارن بينهما لنثبت أنهما متساويان؟؟
    لكن معاذ أسرع يجيبه وقد فهم قصد ياسر:
    - الأمر واضح، سنستفيد من كون المكعب مجوفاً مفتوحاً من الأعلى وذا سماكة قليلة، لقد خطرت الفكرة نفسها لي، عندما أشار طلال بأن المكعب المفتوح سيسهل المهمة!
    هز أصيل رأسه بطريقة مضحكة:
    - ما شاء الله عليكم، يبدو أنني آخر من يفهم الأشياء هنا!
    فابتسم حسان قائلاً:
    - لا تقلق فأنا معك، بالكاد وعيت الفكرة الآن!
    عندها التفت طلال نحو علاء الذي بدا وكأنه يتابع مشهدا لا يعنيه:
    - هيا يا علاء جاء دورك، عليك تحديد الجزء المغمور من المكعب..
    فنظر إليه علاء مستفهما:
    - كيف؟؟
    عندها انتبه أصيل فعلق قائلا:
    - كأنها الكلمة الأولى لك اليوم!! ما الذي أصابك يا علاء؟ هل أنت على ما يرام؟؟
    وقبل أن يحيد الموضوع عن مساره، قال طلال:
    - ضع إشارة بالقلم على المكعب تحدد الجزء المغمور منه بالماء ولكن انتبه حتى لا تدفع المكعب للأسفل فيزيح كمية إضافية من الماء، كن حذرا!
    أمسك علاء بالقلم- وكأنه يمسكه للمرة الأولى رغم أن فهمه لهدف التجربة بدأ يكتمل تدريجيا- وكانت العيون مثبتة على يد علاء بقلق؛ خشية أن تنسكب كمية إضافية من الماء، وهو يحاول رسم خط عند التقاء المكعب بسطح الماء بحذر شديد، وبعد أن رسم عدة خطوط صغيرة من جميع جوانب المكعب بنجاح، تنفس الجميع بارتياح وعلق حسام:
    - لقد أنجزت الجزء الأصعب من المهمة بسلام ولله الحمد، سأتابع تدوين الخطوات الآن وأنا مرتاح..
    ابتسم علاء:
    - جزاك الله خيرا على هذا التشجيع..
    فقال طلال:
    - لقد أحسنت فعلا يا علاء، والآن إلى الخطوة التالية..
    فأخرج علاء المكعب من الماء ووصل بين الخطوط المتقطعة ليكمل الخط الفاصل بين الجزء الطافي من المكعب خارج الماء والجزء المغمور منه فيه، ثم حاول جهده أن يرسم الخط الفاصل داخل المكعب بدقة. بعد ذلك قام معاذ بإخراج وعاء الماء من الوعاء الكبير ومن ثم سكب الماء المزاح الموجود داخل الوعاء الكبير في المكعب، وتجمعت العيون فوق المكعب ليتأكدوا من أن الماء المزاح فعلا أخذ حجم الجزء المغمور، ثم هتف أصيل بفرح:
    - لقد فهمت الفكرة أخيرا، حقا لا داعي لقياس الأحجام، فقد أخذ الماء المزاح حجم الجزء المغمور، وهذا يعني أن حجم الماء المزاح هو حجم الجزء المغمور من المكعب، فإذا تكررت النتيجة مع المكعبات الأخرى؛ نكون قد أثبتنا الجزء الأول من التجربة..
    فعلق حسام ضاحكا وهو ينظر إلى ياسر:
    - سجل هذه في قسم الملاحظات: أصيل فهمها أخيرا!
    وضحك الجميع، قبل أن يقول علاء وهو يدقق النظر داخل المكعب وخارجه وقد بدأ ينسجم مع التجربة:
    - كأن مستوى سطح الماء المزاح داخل المكعب اقل من الخط الفاصل، أي أن حجم الماء المزاح أقل من حجم الجزء المغمور من المكعب بقليل!
    فأجابه طلال موضحا:
    - خذ بعين الاعتبار أن هناك قطرات ماء ضائعة نتيجة الالتصاق بالوعاء الكبير، فإذا أخذنا نسبة الخطأ هذه بعين الاعتبار، كانت النتيجة مقبولة، ولذلك قال زيد أنه كلما كان حجم الأجسام أكبر كانت نسبة الماء الضائع إلى نسبة الماء المزاح أقل، وبالتالي نقلل نسبة الخطأ في التجربة..
    هز علاء رأسه متفهما:
    - هكذا إذن..
    لكن زيداً تساءل باستغراب:
    - غريب! صحيح أن سماكة أسطح المكعب قليلة جدا، ولكن يفترض أن حجم الوعاء من الداخل اقل من حجمه من الخارج ولو بنسبة قليلة، أفلم يعوض ذلك النقص في الماء المزاح؟؟
    فرد عليه طلال بعد تفكير:
    - يبدو أن كمية القطرات الضائعة من الماء المزاح أكثر، خذ بعين الاعتبار ظاهرة التبخر أيضا إضافة إلى كثرة الأسطح التي ستلتصق فيها القطرات وتسبب ضياعها..
    بدا علاء مذهولا وهو يستمع إلى ذلك النقاش العميق، حتى شعر بأنه يحتاج إلى سنوات كثيرة ليصل إلى هذا المستوى من التفكير، في حين قال ياسر:
    - لقد أضفت هذه الملاحظات في الجدول، فإذا تكررت الحال نفسها مع بقية المكعبات، وحسبنا نسبة الفرق بين الأحجام استطعنا أن نعرف كمية القطرات الضائعة أيضا
    فضحك أصيل الذي لم يكلف خاطره بالتفكير في ما دار بين زيد وطلال:
    - يا عيني عليك يا ياسر، لقد انضممت رسميا إلى معشر العلماء، ما رأيك أن نعدها قطرة قطرة!!
    فابتسم ياسر:
    - ليس إلى هذه الدرجة، كانت مجرد ملاحظة!
    فقال طلال:
    - ولكنها ملاحظة رائعة- ما شاء الله- لقد أعجبتني فعلا!
    واستطرد بسرعة، وقد خطرت بباله فكرة طارئة قبل أن يفسح المجال أمام تعليقات إضافية:
    - ما رأيكم أن نوزن هذا الماء المزاح أولا ونُثْبت أن قوة الطفو هي نفسها وزن الماء المزاح، قبل أن نكرر الخطوات السابقة مع المكعبات الأخرى؟
    فقال حسام متأملا:
    - تقصد أن نحقق هدف التجربة بجزأيها في خطوة واحدة!!
    ثم هتف:
    - فكرة جيدة ستختصر الوقت علينا
    لكن ياسر قال:
    - عندها علينا أن نضيف عموداً آخر للجدول، وأنا لم أعمل حسابا لهذا!
    فعاتبه أصيل:
    - كان عليك أن تعمل حسابا لخطوات مفاجئة أثناء العمل، فقد حدث معنا هذا من قبل!
    فقال زيد:
    - قدر الله وما شاء فعل..
    و قال حسان:
    - هذا جدول مبدئي و لا داعي لأن تكون الأعمدة متساوية أضف عموداً على الهامش، فنحن سنعيد رسمه على أية حال عندما نعد التقرير!
    وقبل أن يتم حسان جملته كان ياسر قد عدل في رسم الجدول دون أن تضيع الملاحظات التي دونها من قبل:



    وزن السائل المزاح
    ملاحظات أخرى
    حجم الجزء المغمور من المكعب
    حجم الماء المزاح
    المكعب




    الكبير




    الوسط




    الصغير












    أبدى طلال إعجابه قائلا:
    - جزاك الله خيرا يا ياسر، والآن إلى الخطوة التالية..
    وقبل أن يتم جملته قفزت فكرة طارئة أخرى لذهن حسام، فقال بحماسة:
    - ما رأيكم أن نستخدم أدوات القياس التي صممناها بأنفسنا في المستوى الخامس، بدلا من الأدوات المعتادة!
    فهتف معاذ و زيد بالموافقة:
    - فكرة ممتازة!!
    في حين قال حسان:
    - ستزيد نسبة الخطأ في التجربة في هذه الحال!
    لكن طلال قال:
    - بل ستكون فرصة مناسبة لنختبر مدى دقة أدواتنا، وسنفاجئ المعلم برهان بها
    فقال زيد:
    - إذن دعونا نستخدم ( التمراك) للوزن فهو أفضل المقاييس التي قدمناها كما قال لنا المعلم برهان..
    أما أصيل الذي بدأ يشعر بالملل فقد قال:
    - أخشى أن ينتهي الوقت ونحن لم نحقق الهدف المطلوب منا بعد!
    فأسرع طلال يرد عليه:
    - اطمئن من هذه الناحية، فقد أخذت ذلك بعين الاعتبار ولا تنس أننا قمنا بدمج خطوتين بخطوة..
    وبسرعة كان حسام قد نهض ليحضر الأدوات والأثقال من فوق الرف الخاص بها، قبل أن يعود إلى مكانه مرة أخرى وهو يضعها على الأرض أمامهم، وأخذ علاء يتأمل الأثقال المصنوعة من أنوية التمر، متسائلا:
    - ما هذا؟؟ أهذا هو التمراك الذي تحدث عنه زيد؟؟
    فأجابه طلال:
    - هذه احدى الموازين الخاصة التي قمنا بابتكارها السنة الماضية بعد أن درسنا أدوات القياس و الموازين، فكما تعلم فإن القيراط المستخدم في الأوزان يعادل وزن ثلاث حبات شعير، والمثقال المعروف يعادل أربعاً وعشرين قيراطا أي اثنتين وسبعين حبة شعير، و على هذا المنوال يبتكر العلماء مقاييسهم الخاصة، وقد كلفنا المعلم برهان السنة الماضية بعمل مماثل فكانت النتيجة هي أننا اتفقنا على استخدام أنوية التمر، وقمنا بإلصاق كل أربع حبات معاً كمقياس ثابت..
    فقال حسان:
    - هذا بالطبع بعد أن اتفقنا على نوع واحد من التمر و جمعنا عدداً كبيرا من الأنوية، وقمنا بوزنها عدة مرات قبل أن نخلص إلى ذلك المقياس الذي أطلقنا عليه اسم (تمراك)..
    فأضاف أصيل باسما:
    - كنا سنسميه طليل نسبة إلى العالم طلال كامل..
    فضحك حسام:
    - ألا يكفيك ما نالك منه في ذلك الوقت!!
    فشاركه أصيل الضحك والتعليق:
    - ذكرتني عندما حاولنا تكوين اسم للمقياس باستخدام حروف أسمائنا الأولى، كان أمرا مسليا جدا.. لقد فاتك يا علاء منظر طلال وقد بدأ يفقد أعصابه وقتها!!
    لكن طلال تابع بجدية:
    - لا وقت للسخرية الآن، وهيا بنا إلى الخطوة التالية..
    قال جملته الأخيرة وهو يحمل المكعب المملوء بالماء ليضعه على أحد كفتي الميزان الذي مال إلى الأسفل، في حين أخذ حسام يضع أثقال التمراك في الكفة المقابلة إلى أن مالت الكفة تقريبا بعد أن وضع حسام التمراك العاشر، فقال طلال:
    - حسنا سنكتفي بتسعة تمارك ومن ثم نزيد أجزاء التمراك المفردة..
    وبالفعل أخذ حسام يضيف نواة نواة من أنوية التمر المفردة والمعدة بشكل خاص، وبعد أن أضاف نواتين تساوت الكفتان تقريبا. فقال ياسر:
    - حسنا سأدون هذا: وزن المكعب مع الماء المزاح تسعة تمارك ونصف..
    وأردف طلال، وهو يرفع المكعب من فوق كفة الميزان، ويسكب الماء منه:
    - والآن سنزن المكعب وحده، لنحسب وزن الماء المزاح..
    فقال حسام وهو يناوله المنشفة:
    - لا تنس تجفيف المكعب جيدا تلافيا لخطأ القياس..
    فابتسم أصيل وهو يخاطب ياسر:
    - وأنت يا أخ دون ملاحظة، حول أهمية منشفة حسام في التجربة..
    فضحك حسام، وهو يضع أوزان التمراك في الكفة المقابلة، معلقا:
    - وسيكون من الجميل أيضا أن تضيف على ذلك أهمية الدور الذي أقوم به مع التمراك!
    عندها علق طلال باسما:
    - جاء دوري لأذكرك بعدم الغرور..
    وتابع وهو يلاحظ التمراك السابع الذي وضعه حسام:
    - تمهل قليلا الآن ودعنا نتابع اتزان الكفتين بإضافة نواة نواة..
    وبالفعل اتزنت الكفتان بعد ثمان تمارك وربع، وبعد أن دون ياسر هذه الملاحظة، قال زيد:
    - هذا يعني أن وزن الماء المزاح تمراك واحد وربع..
    فتساءل معاذ:
    - حسنا ماذا بعد؟؟ أوجدنا وزن الماء المزاح والآن علينا أن نجد قوة الطفو، فكيف سنحسبها؟؟
    خيمت لحظة صمت، قبل أن يقول طلال كمن يراجع معلوماته:
    - قوة الطفو هي الفرق بين وزن الجسم في الهواء ووزنه في السائل، ونحن قد أوجدنا وزن الجسم في الهواء، وبقي علينا أن نجد وزنه في الماء..
    فقال معاذ:
    - وهنا مربط الفرس، كيف سنجد وزن المكعب في الماء؟؟
    أطبق الصمت من جديد عليهم وهم غارقون بالتفكير قبل أن يقول طلال:
    - حسنا سنترك هذه الخطوة مؤقتا، ودعونا نكمل التجربة بإعادة الخطوات السابقة للمكعبات الأخرى..
    وبالفعل تناوب الأصدقاء بإعادة خطوات التجربة مع المكعب الأوسط ثم الصغير، ليحصلوا على النتائج نفسها تقريبا، ولم يبق أمامهم إلا الخطوة الأخيرة التي سيكملون من خلالها تحقيق هدف التجربة، وأخيرا قال حسام بعد أن أكمل تدوين خطوات العمل التي قاموا بها:
    - علينا أن نفكر بطريقة مختلفة، فلن يكون من السهل قياس وزن المكعب داخل الماء باستخدام ميزان يوضع أسفل المكعب حسب الطريقة الاعتيادية!
    فقال زيد:
    - تقصد أننا بحاجة لميزان يقيس الوزن من الأعلى؟؟
    عندها قال طلال وهو ينهض من مكانه:
    - سنستخدم عصا الارتكاز الطويلة ونثبت فوقها عصا الاتزان التي استخدمناها في تجربة الروافع، ونقوم بتثبيت خيطين متساويين في الطول بخطافين متماثلين على طرفيها ، احدهما نعلق به الجسم والآخر لإضافة موازين التمراك..
    فهتف حسام بحماسة وهو يهب من مكانه، ليساعد طلال في موازنة عصا الاتزان فوق عصا الارتكاز الطويلة:
    - فكرة ذكية ما شاء الله..
    ثم وضع إشارة بالقلم على منتصف عصا الاتزان، قائلا:
    - بهذه الطريقة نستطيع التأكد من كون عصا الاتزان مرتكزة من المنتصف تماما خلال خطوات العمل..
    أما أصيل الذي بدا واجما للحظات محاولا استيعاب ما يحدث، فقد التفت إلى حسان، الذي أخذ يجرب طريقة لتعليق المكعب بخطاف الخيط المتدلي من عصا الاتزان:
    - هلا أفهمتني ما الذي تحاول فعله!!
    فرد حسان:
    - فكر معي بطريقة نعلق بها المكعب..
    فأجابه أصيل بسرعة:
    - وهل هذا يحتاج إلى تفكير؟ لف خيطا حول المكعب من الجهات الأربع ثم اعقده من الأعلى على شكل حلقة، لا يحتاج الموضوع إلى ذكاء خارق أيها الذكي!!
    لكن طلال علق قائلا وهو يزيد في طول الخيط المتدلي من طرف العصا:
    - أحسنت.. فكرة جيدة، لا تستخف بأي فكرة فقد تغيب عن البال أحيانا!
    فرك أصيل يديه بسعادة وصاح:
    - مرحى، لقد حصلت على إعجاب المعلم طلال أخيرا، ستعوضني بلا شك عن الملاحظات التي كتبتها عني للمعلم برهان في المرة السابقة..
    فقال طلال بابتسامة:
    - هذا إن لم تجبرني على تغيير رأيي!
    فعلق أصيل:
    - حسنا ولكن لا تصدق نفسك كثيرا كنت أجاملك فقط!
    ثم استدرك بسرعة:
    - أمزح طبعا، دعنا نكمل التجربة..
    فضحك حسام:
    - يبدو أن ملاحظات طلال قد بدأت تؤتي أكلها..
    وفي تلك الأثناء كان معاذ وزيد قد وجدا الطريقة المناسبة لتعليق أوزان التمراك في طرف الخيط الآخر، وبدءا بلف الخيوط حولها مع عقدها على شكل حلقات، وعلق زيد:
    - بما أن الخيط خفيف جدا فلن يؤثر كثيرا في أوزان التمراك و يمكننا إهمال وزنه..
    فقال طلال:
    - هذا صحيح ولكن من باب الاحتياط؛ حاولا أن تقتصدا قدر الاستطاعة في استخدام الخيوط..
    أما علاء الذي كان يدرك تماما بأن طلال لن يحابيه في كتابة ملاحظاته، التي سيرفعها للمعلم برهان عن أدائه في التجربة، فقد شعر بالحرج من قلة مشاركته وتشتت ذهنه، ودعا الله في سره أن يلهمه فكرة تعوضه عن تقصيره، وهو يشارك معاذ وزيد في لف التمارك بالخيوط..
    كان ياسر قد أعد جدولا جديدا بأربعة أعمدة وأربعة صفوف لتدوين الملاحظات، وكتب عنوان كل عمود في الصف الأول:


    قوة الطفو ( الفرق بين الوزنين)
    وزنه في الماء
    وزنه في الهواء
    المكعب



    الكبير



    الأوسط



    الصغير

    عندما قال طلال، وهو يعلق المكعب الكبير بخطاف الخيط المتدلي من أحد الجوانب:
    - لمزيد من الدقة علينا أن نعيد وزن المكعبات باستخدام هذا الميزان الجديد، ويمكننا بالطبع مقارنته مع الوزن الذي حصلنا عليه من الميزان السابق ذي الكفتين..
    وقف علاء ليحافظ على ضمان ارتكاز عصا الاتزان من منتصفها فوق عصا الارتكاز وبدأ حسام يعلق التمارك في خطاف الخيط المقابل، إلى أن بدأت عصا الاتزان المائلة باتجاه المكعب تتزن تدريجيا، ومن ثم أخذ يعلق نواة نواة إلى أن قال طلال وهو يلاحظ استواء عصا الاتزان:
    - أظن هذا يكفي..
    وأكد علاء قوله كما أكده زيد وحسان، أما معاذ فقد قال:
    - أشعر بأن العصا مائلة قليلا باتجاه أوزان التمراك
    وأكد ياسر كلامه:
    - وأنا أشعر بهذا أيضا ربما عليك أن تزيل نواة يا حسام!
    وما إن فعل حسام ذلك حتى بدت عصا الاتزان مائلة قليلا باتجاه المكعب مرة أخرى، فقال طلال:
    - الوزن السابق كان أفضل!! ما رأيكم؟؟
    فوافقه ياسر و قال حسام بعد أن أعاد النواة واتزنت العصا مرة أخرى:
    - وزن المكعب ثماني تمارك ونصف..
    فقال معاذ الذي بدا غير راض عن النتيجة تماما:
    - لو استطعنا إزالة نصف نواة لكان أفضل، أظن أننا بحاجة لتقسيم التمراك إلى ثمانية أقسام عوضا عن أربعة!
    فقال زيد:
    - لا بأس فنحن نتوقع نسبة من الخطأ في القياس
    فعلق أصيل مشيرا إلى حبات الرمل؛ التي أخذت تنساب بانتظام داخل الساعة الرملية الموضوعة على المنضدة أمامهم، معلنة مرور ثلاثة أرباع الوقت المتاح:
    - سينتهي الوقت وأنتم تضيعونه بهذه الدقة الزائدة!
    أردف طلال:
    - كانت ملاحظة جيدة، أما الآن واستثمارا للوقت دعونا نركز في الخطوات المتبقية..
    وقرأ ياسر المقارنة بين وزن المكعب في الحالتين:
    - باستخدام الميزان ذي الكفتين؛ وجدنا أن وزن المكعب ثماني تمارك وربع، أي أنه يقل بنواة واحدة عن الوزن الذي وجدناه الآن!
    فقال طلال:
    - الحمد لله هذا جيد فالنتيجة متقاربة، ونسبة الخطأ فيها مقبولة..
    قال معاذ:
    - لو اعتمدنا القياس بإزالة النواة لكانت النتيجة متطابقة..
    فقال طلال:
    - ولكننا لا نستطيع اعتمادها من الناحية التجريبية، فلم تكن عصا الاتزان مستوية وقتها أبدا باتفاق الجميع!
    هز معاذ رأسه مستسلما:
    - ربما..
    فتابع طلال وهو يقرب وعاء الماء من المكعب:
    - والآن علينا أن نقيس وزن المكعب في الماء
    وهمّ حسام بإزالة أوزان التمراك من الجهة الأخرى ليبدأ من جديد، فاستوقفه علاء قائلا:
    - لحظة يا حسام، هدفنا أن نقيس قوة الطفو، لذا لا داعي لأن نعيد وزن المكعب داخل الماء من البداية، دعونا نضع الوعاء وهو فارغ تحت المكعب المعلق ثم نزيد الماء تدريجيا إلى أن يطفو المكعب فوق سطح الماء، عندها ستميل عصا الاتزان باتجاه أوزان التمراك التي كانت توازن المكعب وهو معلق بالهواء، ومن ثم نبدأ بإزالة الأوزان نواة نواة إلى أن تتوازن العصا مرة أخرى، وبهذا تكون قوة الطفو مساوية لأوزان التمراك التي تمت إزالتها..
    تهلل وجه طلال:
    - مدهش يا علاء ما شاء الله، رائع جدا..
    وهتف حسام بفرح:
    - لقد اختصرت علينا الوقت أيها العبقري!
    وأكد زيد:
    - فكرة رائعة هيا نبدأ التنفيذ..
    قالها وهو يفرغ الماء من الوعاء ويسكبه في الدلو، ليضع الوعاء فارغا تحت المكعب، في حين كان معاذ وياسر وحسان يحاولون فهم الفكرة الجديدة، أما أصيل فقد قال بنفاد صبر:
    - كم أكره الشعور بأنني المغفل الوحيد هنا!!
    فقال طلال:
    - ركز قليلا فالفكرة بسيطة، كل ما في الأمر أننا سنقيس قوة الطفو بشكل مباشر، بدلا من أن نقوم بقياس وزن المكعب في الماء ثم نطرحه من وزنه في الهواء!! هل وضحت الفكرة الآن؟؟
    فتابع حسان موضحا وهو يراجع معلوماته:
    - وزن الجسم في الماء سيكون أقل من وزنه في الهواء وذلك بسبب قوة الطفو التي تدفعه إلى أعلى، ونحن الآن أوجدنا وزنه في الهواء عن طريق موازنته مع أوزان التمراك ووجدنا أنه يساوي ثماني تمارك ونصف، بعد ذلك سنبدأ بملء الماء في الوعاء تحت المكعب المعلق إلى أن يطفو فيخف وزنه وتميل عصا الاتزان باتجاه الثماني تمارك ونصف فنبدأ بتخفيف الوزن فيها إلى أن تتزن العصا مرة أخرى، عندها تكون الأوزان التي تمت إزالتها مساوية لقوة الطفو.. أليس كذلك؟؟
    فقال طلال:
    - بالضبط تماما..
    فكر أصيل قليلا قبل أن يقفز فرحا:
    - الحمد لله فهمتها فهمتها..
    فابتسم حسام معلقا:
    - فكيف إن وجدتها!!
    فأجابه أصيل ضاحكا:
    - لقد بدأت أتفهم شعور أرخميدس الآن؛ عندما صاح وجدتها وجدتها.. والله يستر علينا!!
    فضحك حسام حتى استلقى على قفاه، وضحك الجميع حتى طلال لم يقاوم الضحك هذه المرة، وبعد أن هدأت الضحكات قليلا قال معاذ الذي كان آخر من فهم ما عناه أصيل بكلامه وهو يجاهد ليوقف ضحكاته:
    - لو دخل علينا أحدهم الآن لظن أننا أصبنا بنوبة جنون – نسأل الله العافية..
    فعلق ياسر باسما:
    - هل أدون هذه في الملاحظات!
    فابتسم طلال:
    - لا بأس فبعض الضحك مفيد للصحة..
    عندها قال أصيل بلهجة صبغها بطابع الجدية تهكما:
    - لا لا عليك أن تنتبه لنفسك يا سيد طلال، لقد أصابتك العدوى حتما..
    فأجابه طلال:
    - لا تقلق حتى هذه الضحكات بحساب.. والآن إلى الخطوة التالية..
    أخذ زيد يصب الماء في الوعاء تحت المكعب المعلق بالخيط حتى بدأ الجزء السفلي منه ينغمر في الماء تدريجيا، وأخذ يزيد الماء بحذر شديد رويدا رويدا حتى إذا ما وصل الماء إلى الخط الفاصل الذي رسمه علاء حول المكعب، طفا المكعب ومالت عصا الاتزان باتجاه أوزان التمراك، وبعد أن تأكد الجميع من كون المكعب طافيا فوق الماء، بدأ حسام بتخفيف أوزان التمراك وهو يزيلها نواة نواة ويتوقف بعد كل واحدة حتى تستقر عصا الاتزان من جديد أمام العيون المحدقة المترقبة، حتى قال معاذ أخيرا:
    - هذا يكفي، لقد اتزنت العصا..
    ووافقه الجميع، فقال حسام بعد أن عد الأوزان التي أزالها من الخطاف:
    - تمراك وثلاث أنوية..
    فقال ياسر:
    - أي تمراكان إلا ربع، وهذه النتيجة تزيد بربع تمراك عن وزن الماء المزاح الذي وجدناه سابقا، فقد كان تمراكاً ونصف..
    قال زيد مبتهجا:
    - إذا أخذنا نسبة الخطأ بعين الاعتبار، فهذا يعني أننا أثبتنا فعلا بأن قوة الطفو تساوي وزن السائل المزاح..
    وارتسمت علامات الفرح على الوجوه وهتف علاء بسعادة:
    - الحمد لله لقد حققنا الهدف من التجربة أخيرا
    فقال طلال:
    - ليس قبل أن نتأكد تجريبيا من أن هذه النتيجة هي نفسها للمكعبات الأخرى، فنستطيع بعد ذلك تعميمها..
    في حين قال معاذ:
    - لو وجدنا وزن الماء المزاح باستخدام هذا الميزان المعلق أيضا لكانت النتيجة أفضل وأكثر تطابقا!
    صرخ أصيل محتجا:
    - أرجوك لا تعكر فرحتنا بهذه الدقة الزائدة!!
    فابتسم طلال وهو يلاحظ حبات الرمل وهي تنساب بإصرار من عنق الساعة الرملية معلنة قرب انتهاء الوقت:
    - لا بأس سنقوم بذلك فيما بعد، يكفينا أننا استطعنا تحديد الفرق في الوزن بين الميزان المعلق والميزان ذي الكفتين، ويمكننا إضافتة ذلك للنتيجة..
    فقال ياسر وهو يدون الملاحظة:
    - الفرق هو ربع تمراك تقريبا..
    وقال حسام:
    - لقد دونت خطوة العمل الأخيرة من هذا الجزء والحمد لله
    قال طلال مشجعا أصدقاءه:
    - لم يبق أمامنا إلا إعادة خطوات الجزء الثاني للمكعبين الاخرين بسرعة قبل انتهاء الوقت..
    تبادل الأصدقاء الأدوار في إعادة الخطوات مع المكعبات التالية بناء على توجيهات طلال؛ حتى يتمكن كل واحد منهم المرور على أجزاء التجربة كلها وفهمها، وفي اللحظة التي سقطت فيها آخر حبة رمل من القمع العلوي في الساعة الرملية لتعلن انتهاء الوقت المتاح لهم، دخل المعلم برهان ليجدهم ساجدين شكرا لله كعادتهم عند تحقيق أي هدف بنجاح فابتسم قائلا:
    - دعونا نشارككم الفرحة برؤية النتائج التي حصلتم عليها والتقرير الذي أعددتموه يا أبنائي..
    فناوله طلال التقرير الذي دمجت فيه خطوات العمل التي كتبها حسام مع ملاحظات ياسر وجداوله، والذي صبغه ياسر بلمسة فنية مضيفاً إليها الرسوم التوضيحية التي أبدعها بإتقان، وذيله طلال بتقييمه لأداء كل واحد منهم ودوره في التجربة، مما جعل المعلم برهان يقول بفخر وهو يطلع على ذلك بنظرة خبيرة فاحصة:
    - ما شاء الله، أنتم فعلا أبناء مدرسة النصر، وفرسانها العلماء الذين نفاخر بهم..
    فهمس حسان لأصيل معلقا بصوت ظنه غير مسموع:
    - وكأننا اكتشفنا شيئا جديدا!!
    فابتسم المعلم برهان:
    - ولكنها الطريق لفتح الأبواب أمام اكتشافات جديدة بإذن الله؛ ففهم الطريقة العلمية في التجارب من خلال تطبيقها على قواعد سابقة، يعوّدكم على التفكير السليم والاستنتاج المنطقي..
    احمرت وجنتا حسان وابتسم أصيل هاتفا:
    - أجل يا معلمي، بل ويدخل في عقولنا ما صعب علينا فهمه، ويجعلنا نعذر الآخرين إن وجدوها..
    وانفجر الجميع بالضحكات، ليردد المعلم برهان كالعادة:
    - أضحكونا معكم يا فرسان..
    فاعتذر طلال موضحا:
    - كانت ملاحظة أثارها أصيل حول أرخميدس عندما هتف بـ "وجدتها "..
    فضحك المعلم برهان قائلا:
    - يا لتفكيركم أيها الأولاد..
    ثم استطرد مغتنما الفرصة:
    - كلنا مدينون لأرخميدس و فيثاغورس وإقليدس وغيرهم من العلماء الذين قدموا العلم النافع فانتفعت به البشرية على مر القرون، وقد زالوا هم وما زالت آثارهم، وجاء المسلمون من بعدهم فدرسوا علومهم وجربوها ثم أضافوا عليها وطوروها، هذه هي طريقة ابن الهيثم والبيروني والخازن ومعظم العلماء المسلمين الأوائل، عندما أخلصوا في طلب العلم باحثين عن الحقيقة ناسبين الفضل لأهله منصفين من سبقهم من العلماء، دون إتباع للهوى، ولا ميل مع الآراء، فحفظ الله جهودهم ونفعنا بها ونسأله سبحانه أن يجزيهم عنا خير الجزاء، فاجتهدوا يا أبنائي لعل الله أن يكرمكم بعلم نافع خالص لوجهه الكريم، يجعله سببا في نهضة أمتنا وإعادة مجدها بعد توانيها وهوانها، فيسعد العالم كله بفتح مبين وخير عميم وسلام تهنأ به البشرية جمعاء بل والكون بأسره بإذن الله..


    ***

    إلى هنا نأتي إلى نهاية حلقتنا العلمية الخاصة، التي نأمل أن تكونوا قد استفدتم واستمتعتم معها..


    ولا تنسوا أن حلقات مدرسة الفروسية لا تزال مستمرة على مغامرات بإذن الله، فكونوا معنا ^^

    لا تنسونا من صالح دعائكم، وقل رب زدني علما..

    وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    التعديل الأخير تم بواسطة asmaamonitor ; 10-22-2021 الساعة 11:24 PM سبب آخر: طلب من العضو
    أهلا بكم في رواية الأنمي العربية الأولى من نوعها "مدرسة الفروسية" على مغامرات:

    رواية "مدرسة الفروسية" حصريا ولأول مرة مجانا على النت ^^


    ولا تنسونا من صالح دعائكم
    وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

  2. #2
    ~¤ سبيستوني هادئ ¤~ الصورة الرمزية alfurussiah
    تاريخ التسجيل
    05 Jun 2019
    الحنس:
    أنثى
    المشاركات
    245

    طلب من المشرفات لو سمحتم، لتعديل الموضوع، وشكرا ^^

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    ارجو المعذرة تبين ان الموضوع الذي نشرته بالاعلى تكرر مرتين..
    فعليا هو ينتهي عند هذه الجملة:

    "....يكرمكم بعلم نافع خالص لوجهه الكريم، يجعله سببا في نهضة أمتنا وإعادة مجدها بعد توانيها وهوانها، فيسعد العالم كله بفتح مبين وخير عميم وسلام تهنأ به البشرية جمعاء بل والكون بأسره بإذن الله.."


    أما ما بعدها فهو مكرر لذا ارجو حذفه

    مع الحفاظ على الفقرة الأخيرة الملونة باللون الأخضر

    أرجو أن يكون الطلب واضحا وجزاكم الله خيرا

    وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


    أهلا بكم في رواية الأنمي العربية الأولى من نوعها "مدرسة الفروسية" على مغامرات:

    رواية "مدرسة الفروسية" حصريا ولأول مرة مجانا على النت ^^


    ولا تنسونا من صالح دعائكم
    وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

  3. #3
    ✾سبيستوني محترف✾ الصورة الرمزية raheel.hussen
    تاريخ التسجيل
    13 Jan 2011
    الحنس:
    أنثى
    المشاركات
    12,462
    حلقة مفيدة ومعقدة في نفس الوقت
    بصراحة لا اعلم كيف افسر هذه التجارب فالامور تختلط عليّ
    المهم ^^
    حلقة جميلة استمتعت بقراءتها
    سلمت الانامل^^




    الـــصــداقـــة بــــذرة لا تـــنبت الا فــــي الـــقــــلــــوب الـــصــافـــيــة


    ان لــــم اشــــعـــــر بـــألـــمــــك يــــا صـــديـــقــي فــأبــتـــعـــد عــنــي فـــلا خـــيـــر فيــّــنــي

    تـــــــوأمــــــي ‿♡





    الحمد لله ع ابسط النعم


    ◕ ‿ ◕

  4. #4
    ✾ سبيستوني حالم ✾ الصورة الرمزية artimis
    تاريخ التسجيل
    08 Jan 2017
    الحنس:
    أنثى
    المشاركات
    37,416
    مرحبا بك تجربة فريدة من نوعها احببتها ^^

    من جيد أن علاء بدى مجد و مركز قليلا على عادته ♥

    ( ليانا المحاربة الشرسة. آيريس المحاربة الأسطورية. كآثرين أسطورة غامضة ) ♡

    يمنع إستخدام أي من أسماءي ف المنتدى و شكرآ ♥




  5. #5
    ~¤ سبيستوني هادئ ¤~ الصورة الرمزية alfurussiah
    تاريخ التسجيل
    05 Jun 2019
    الحنس:
    أنثى
    المشاركات
    245
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة alfurussiah مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    ارجو المعذرة تبين ان الموضوع الذي نشرته بالاعلى تكرر مرتين..
    فعليا هو ينتهي عند هذه الجملة:

    "....يكرمكم بعلم نافع خالص لوجهه الكريم، يجعله سببا في نهضة أمتنا وإعادة مجدها بعد توانيها وهوانها، فيسعد العالم كله بفتح مبين وخير عميم وسلام تهنأ به البشرية جمعاء بل والكون بأسره بإذن الله.."


    أما ما بعدها فهو مكرر لذا ارجو حذفه

    مع الحفاظ على الفقرة الأخيرة الملونة باللون الأخضر

    أرجو أن يكون الطلب واضحا وجزاكم الله خيرا

    وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم



    الحمد لله تم إعادة تنسيق الموضوع أخيرا، وجزى الله خيرا المشرفة الكريمة لتنفيذ الطلب ^^

    أرجو ان تكون الان اسهل للقراءة والفهم ^^



    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة raheel.hussen مشاهدة المشاركة
    حلقة مفيدة ومعقدة في نفس الوقت
    بصراحة لا اعلم كيف افسر هذه التجارب فالامور تختلط عليّ
    المهم ^^
    حلقة جميلة استمتعت بقراءتها
    سلمت الانامل^^

    يسعدني كلامك هذا أختي، بارك الله فيك ^^

    لقد تم قبل قليل إعادة تنسيق الحلقة وقد ظهرت معها الجداول التوضيحية والحمد لله، إذا احببت إعادة قراءتها فسيكون هذا جيدا، وإذا كان لديك اي سؤال فلا تترددي بطرحه، فنحن هنا للاجابة إن شاء الله ^^


    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة artimis مشاهدة المشاركة
    مرحبا بك تجربة فريدة من نوعها احببتها ^^

    من جيد أن علاء بدى مجد و مركز قليلا على عادته ♥



    تسعدني تعليقاتك وتفاعلك مع الشخصيات دائما عزيزتي، اسعدك الله ^^
    بارك الله فيك وجزاك الله خيرا لكلماتك الطيبة..


    (الحمد لله قبل قليل نزلت الحلقة (29) بعد طول غياب ) ^^

    ودعواتكم

    وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
    أهلا بكم في رواية الأنمي العربية الأولى من نوعها "مدرسة الفروسية" على مغامرات:

    رواية "مدرسة الفروسية" حصريا ولأول مرة مجانا على النت ^^


    ولا تنسونا من صالح دعائكم
    وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

  6. #6
    ~¤ سبيستوني هادئ ¤~ الصورة الرمزية alfurussiah
    تاريخ التسجيل
    05 Jun 2019
    الحنس:
    أنثى
    المشاركات
    245

    تعديل رابط الحلقة 28!

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة alfurussiah مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته (:
    كيف حالكم يا محبي العلوم وعشاقه؟؟
    كما وعدناكم، في الحلقة الثامنة والعشرون من "مدرسة الفروسية" على مغامرات؛
    ها نحن أتيناكم، وجئناكم بالحلقة العلمية الخاصة من رواية مدرسة الفروسية، لتتابعوا بالتفصيل خطوات التجربة العلمية التي أجراها أبطال المستوى السادس في مدرسة النصر للفروسية ^^
    للتذكير هنا:

    رابط الحلقة 28

    فهل أنتم مستعدون؟؟


    إذن هيا بنا، إلى قاعة التجارب العلمية، في مدرسة النصر للفروسية..

    *****


    أنهى المعلم برهان كتابة الهدف من التجربة فوق لوح قاعة التجارب في المدرسة، قبل أن يلتفت إلى طلبة المستوى السادس المتحلقين حوله، قائلا:
    - والآن إن فهمتم هدفنا من تجربة اليوم، ووعيتم تماما النتيجة التي نحن بصدد الوصول إليها، فستسهل عليكم إيجاد الخطوات المناسبة لتحقيقها..
    و رغم أن تجارب علم الطبيعة من أكثر التجارب العلمية التي تثير حماسة الطلبة، إلا أن علاء بدا غير قادر على التركيز في أي شيء، وعقله مشتت بين الوثيقة التي يحاول وعي ما ورد فيها، والاختبار الذي يسعى للترشح إليه، وهو يحدث نفسه:
    - لا شك أن أبي ورجاله سيقفون في وجه أي مخطط شرير يستهدف المروج الخضراء، ولكن ماذا عني أنا!! إلى متى سأظل بعيداً عنهم!! لا خيار آخر، ولا وقت لدي، يجب أن أُرشح للاختبار القادم بأي ثمن وعليّ أن أعود إلى مدينتي بسرعة...
    لكنه انتبه من شروده ذاك فجأة على صوت المعلم برهان، الذي خاطبه بقوله، وهو يضع الساعة الرملية على المنضدة الكبيرة لتبدأ بالعد التنازلي:
    - ما الذي تنتظره يا علاء لقد بدأ رفاقك إعداد أنفسهم للتجربة، فماذا عنك؟
    تلعثم علاء قليلا وأخذ يلتفت يمنة ويسرة إذ وجد أنه الوحيد الذي لم يتحرك من مقعده بعد إنهاء شرح المعلم برهان لهدف التجربة الرئيس، وبدا حائرا حتى أنقذه نداء حسام بقوله:
    - هيا يا علاء تعال بسرعة لتختار الجزء الذي ستقوم به، فقد بدأ طلال بتوزيع المهام..
    فنهض علاء من مكانه وأسرع باتجاه أصحابه الذين كانوا يتناقشون في خطوات عمل التجربة وهم يستعرضون ما لديهم من أدوات، استعدادا للبدء في تنفيذها، وحمد الله في سره، أن العمل تعاوني، وإلا لوجد نفسه في موقف لا يحسد عليه..
    وكأن المعلم برهان قد قرأ ما جال بخاطره فقال:
    - لا داعي لنذكركم بأن العمل الجماعي لا يعني الاتكال على الآخرين..
    وابتسم المعلم برهان وهو يراقب الطلبة المتحلقين حول طلال- قائد المجموعة في تجارب علم الطبيعة- قبل أن يخرج من القاعة كعادته حتى يشجع الطلبة على إنجاز التجربة بأنفسهم والتفكير بالخطوات المناسبة دون اللجوء إليه إذا ما استعصى عليهم أمر..
    أعاد طلال على مسامع الجميع المعلومات الرئيسة، وهو يركز عينيه في عيني علاء، بنظرات ذات مغزى:
    - اتفق العلماء منذ القدم على صحة ما قال به أرخميدس، من أن للسائل قوة تدفع الجسم الموضوع فيها للأعلى، وأطلقوا عليها اسم قوة الطفو، ويمكننا إثبات ذلك ببساطة؛ لأن وزن الجسم في السائل أخف كما نعلم، فهذا يعني أن هناك قوة تدفعه للأعلى..
    فقال حسان:
    - حسنا لقد فهمنا هذه الجزئية وقلنا بأننا سندونها في أول التقرير، فلماذا الإعادة!!
    فوخزه ياسر بيده محاولا أن يفهمه بأن طلال يفعل ذلك من أجل علاء الذي لم يكن معهم في البداية، وكاد حسان أن يسأله بصوت عال عن معنى تلك الوخزة، لولا أن حسام أسرع يقول:
    - بما أننا متفقون جميعا على سهولة هذه الخطوة و سبق أن قلنا بأننا سنكتفي برسوم توضيحية لاتجاهات القوى في حالة جسم يسقط في الماء، ومقارنته بجسم يسقط في الهواء، فدعنا نعرج على الخطوة الثانية قبل أن يدركنا الوقت..
    ولم يكن طلال بحاجة إلى تذكيره بضرورة الانتباه إلى الوقت ولكنه أخذ ذلك بعين الاعتبار، فقال بابتسامة لم يخف معناها على حسام:
    - جزاك الله خيرا يا حسام لتذكيرنا بالوقت..
    وتابع وهو ينقل بصره بين الجميع:
    - والآن علينا أن نثبت بأن قوة الطفو هي نفسها وزن السائل الذي يزيحه الجزء المغمور من الجسم، ومن ثم نثبت أن حجم الجزء المغمور هو نفسه حجم السائل المزاح.
    فعلق أصيل مازحا:
    - وإذا لم يثبت ذلك معنا نكون قد اكتشفنا بأن كلام العلماء طوال القرون الماضية خاطئ!
    فرد عليه حسان متهكما:
    - بل سنضطر لإعادة التجربة مرة أخرى يا عزيزي!!
    فضحك حسام وهم بأن يقول شيئا؛ لولا أن طلال أعادهم بسرعة إلى صلب التجربة بقوله:
    - وقتنا محدود وعلينا أن نفكر بسرعة بأفضل الطرق التي تقلل من نسبة الخطأ في القياس والحساب..
    قال زيد وهو يستعرض المكعبات والأجسام المختلفة التي أحضرها من أحد الرفوف:
    - أظن أننا كلما استخدمنا أجساما كبيرة، كان ذلك أفضل..
    أضاف معاذ - الذي ملأ حوضا كبيرا بالماء ووضعه على الأرض:
    - يكفينا- على ما اعتقد- استخدام نوع واحد من السوائل، والماء يقوم بالغرض، أليس كذلك؟
    فأجابه طلال:
    - أجل فنحن بصدد دراسة العلاقة بين قوة الطفو وحجم الجسم، بغض النظر عن السائل المستخدم..
    فعلق ياسر:
    - إذن سنحتاج إلى أجسام مختلفة في الحجم، ثلاثة على الأقل!
    أومأ طلال بالإيجاب مضيفا:
    - نريد أجساماً مصنوعة من المادة نفسها أيضا، حتى نركز على اختلاف الأحجام وحسب..
    كان زيد يفرز المكعبات الكبيرة حتى أخرج ثلاثة مكعبات خشبية مجوفة، مفتوحة من جانب واحد، قائلا:
    - هذه ستفيدنا، سنضعها في الماء على شكل قارب..
    فقال طلال:
    - جيد فهذا سيسهل المهمة كثيرا عند قياس حجم الجزء المغمور، خاصة وأن سماكتها قليلة..
    ثم وجه خطابه لعلاء الذي بدا مشتت الفكر بعض الشيء:
    - هل هناك ما يشكل عليك يا علاء؟
    رد علاء ببعض الحرج متحاشيا النظر في عيني طلال:
    - في الحقيقة لم أفهم تماما الهدف الرئيس من التجربة بعد! وما هو الشيء الذي سنثبته بالتجربة!! ولكنني أخشى أن أكون سببا في تأخيركم!!
    فقال طلال يطمئنه:
    - لا تقلق، ستفهم كل شيء حالاً بإذن الله..
    وبتصرف سريع وجّه طلال كلامه لرفاقه:
    - دعونا نجمع الأدوات كلها أولا..
    قال جملته وهو يتجه نحو أحد الرفوف، ليحضر منه الميزان ذا الكفتين، في حين أحضر حسام حبال القياس والأثقال.. وبعد أن اكتملت الأدوات جلس الأصدقاء حولها في حلقة دائرية على الأرض، وأخذ حسام بتدوينها:
    - ثلاثة مكعبات كبيرة مختلفة الحجم، وعاء مملوء بالماء ،ووعاء آخر أكبر منه، ودلو ماء، حبال قياس، بالإضافة إلى الأثقال و الميزان..
    لكن أصيل سألهم فجأة:
    - لماذا هذه الأوعية الكثيرة؟؟ ألا يكفي وعاء واحد مملوء بالماء!!
    فأسرع حسان يجيبه:
    - وأين تريد أن تجمع الماء المزاح أيها الذكي!!
    فقال أصيل بجدية:
    - لن يكون الماء المزاح كثيرا فلماذا هذا الوعاء الكبير! ألا يكفينا وعاء صغير؟؟
    فأجابه معاذ:
    - وكيف ستضمن أنك جمعت الماء المزاح كله من جميع الأطراف! سنضع وعاء الماء المملوء داخل الوعاء الكبير؛ ومن ثم سنضمن أننا لم نضيّع قطرة واحدة من الماء المزاح، وبهذا نقلل نسبة الخطأ في القياس..
    هز أصيل رأسه متفهما، في حين علق ياسر:
    - نحتاج إلى دقة كبيرة في العمل، خاصة ونحن نضع وعاء الماء المملوء داخل الوعاء الكبير، حتى لا ينسكب الماء داخل الوعاء الكبير قبل أن نبدأ فيختلط علينا الماء المزاح مع الماء المسكوب من قبل، أظن أنه كان علينا أن نضع وعاء الماء في الوعاء الكبير أولا، ثم نملأه بالماء!
    جثا معاذ على ركبتيه وهو يحاول حمل الوعاء المملوء بالماء ليضعه في الوعاء الكبير، ورغم محاولاته الجاهدة للحفاظ على توازن الوعاء، إلا أن بعض القطرات انسكبت منه داخل الوعاء الكبير، عندها هب حسام واقفا وهو يهتف:
    - سنحتاج إلى منشفة لتجفيف الوعاء الكبير، هذا كل ما في الأمر!
    فتهلل وجه طلال:
    - لقد حلت مشكلة كبيرة، أضفها إلى قائمة الأدوات لو سمحت..
    ثم أخذ دلو الماء قائلا:
    - قبل ذلك سنحاول إعادة ملء الوعاء بالماء إلى فوهته تماما، ومن ثم نجفف الماء المسكوب في الوعاء الكبير دفعة واحدة
    وبمهارة شديدة استطاع طلال أن يضيف الماء بقطرات متتالية - أمام العيون المثبتة عليها بتوتر- حتى امتلأت الفوهة تماما دون أن تنزل قطرة واحدة إلى الوعاء الكبير، فوضع الدلو على الأرض بينما هتف حسام:
    - ما شاء الله، دقة متناهية يا طلال، كأنك حسبت عدد القطرات اللازمة لملئ الوعاء بالضبط، وأجزم أننا لو أضفنا قطرة واحدة فقط لانسكب الماء!
    فعلق أصيل ( متفلسفا):
    - الفضل في ذلك يعود لظاهرة التوتر السطحي!
    فابتسم حسام:
    - حسنا لقد عرفنا أنك فهمت تلك الظاهرة أخيرا..
    وضحك الجميع في حين قام طلال بتجفيف الوعاء الكبير بالمنشفة تماما، قبل أن يقول:
    - والآن الخطوة التالية، ما رأيكم أن نبدأ بإثبات كون حجم السائل المزاح هو نفسه حجم الجزء المغمور، وبعد ذلك نثبت الجزء الثاني لنخلص إلى النتيجة بأن قوة الطفو هي نفسها وزن السائل المزاح وهكذا نحقق الهدف من التجربة؟
    أعرب الجميع عن موافقتهم على الفكرة، فتابع طلال:
    - إذن فلنبدأ بوضع المكعب الكبير أولا برفق، حتى لا نزيح من الماء كمية أكبر مما سيزيحه المكعب بنفسه
    فأمسك زيد المكعب الكبير وجعل جانبه المفتوح للأعلى وهو يضعه برفق داخل الماء، وبعد أن تأكد من أن سطح المكعب السفلي قد لامس سطح الماء رفع يده، فانغمر ثلث المكعب تقريبا داخل الوعاء مزيحا كمية من الماء، لتنسكب داخل الوعاء الكبير
    وأخذ طلال يتأمل صفحة الماء المهتزة اثر وضع المكعب فيها قائلا:
    - هيا استعدوا لتدوين الملاحظات..
    كان ياسر قد أنهى رسم جدول بأربعة صفوف وأربعة أعمدة على لوح صغير، وكتب عنوان كل عمود في الصف الأول ( المكعب، حجم الماء المزاح، حجم الجزء المغمور من المكعب ، ملاحظات أخرى)


    ملاحظات أخرى
    حجم الجزء المغمور من المكعب
    حجم الماء المزاح
    المكعب



    الكبير



    الوسط



    الصغير


    فقال مبادرا:
    - سأبدأ بملاحظتي الأولى حول طريقة قياس الحجم، إذ لا داعي لها في هذا الجزء بما أن هدفنا هو أن نثبت فقط بأن حجم الجزء المغمور هو نفسه حجم الماء المزاح..
    فسأله أصيل بتعجب:
    - ما هذا الذي تقوله يا ياسر!! كيف سنثبت أن لهما الحجم نفسه دون أن نقيس حجم كل منهما، ومن ثم نقارن بينهما لنثبت أنهما متساويان؟؟
    لكن معاذ أسرع يجيبه وقد فهم قصد ياسر:
    - الأمر واضح، سنستفيد من كون المكعب مجوفاً مفتوحاً من الأعلى وذا سماكة قليلة، لقد خطرت الفكرة نفسها لي، عندما أشار طلال بأن المكعب المفتوح سيسهل المهمة!
    هز أصيل رأسه بطريقة مضحكة:
    - ما شاء الله عليكم، يبدو أنني آخر من يفهم الأشياء هنا!
    فابتسم حسان قائلاً:
    - لا تقلق فأنا معك، بالكاد وعيت الفكرة الآن!
    عندها التفت طلال نحو علاء الذي بدا وكأنه يتابع مشهدا لا يعنيه:
    - هيا يا علاء جاء دورك، عليك تحديد الجزء المغمور من المكعب..
    فنظر إليه علاء مستفهما:
    - كيف؟؟
    عندها انتبه أصيل فعلق قائلا:
    - كأنها الكلمة الأولى لك اليوم!! ما الذي أصابك يا علاء؟ هل أنت على ما يرام؟؟
    وقبل أن يحيد الموضوع عن مساره، قال طلال:
    - ضع إشارة بالقلم على المكعب تحدد الجزء المغمور منه بالماء ولكن انتبه حتى لا تدفع المكعب للأسفل فيزيح كمية إضافية من الماء، كن حذرا!
    أمسك علاء بالقلم- وكأنه يمسكه للمرة الأولى رغم أن فهمه لهدف التجربة بدأ يكتمل تدريجيا- وكانت العيون مثبتة على يد علاء بقلق؛ خشية أن تنسكب كمية إضافية من الماء، وهو يحاول رسم خط عند التقاء المكعب بسطح الماء بحذر شديد، وبعد أن رسم عدة خطوط صغيرة من جميع جوانب المكعب بنجاح، تنفس الجميع بارتياح وعلق حسام:
    - لقد أنجزت الجزء الأصعب من المهمة بسلام ولله الحمد، سأتابع تدوين الخطوات الآن وأنا مرتاح..
    ابتسم علاء:
    - جزاك الله خيرا على هذا التشجيع..
    فقال طلال:
    - لقد أحسنت فعلا يا علاء، والآن إلى الخطوة التالية..
    فأخرج علاء المكعب من الماء ووصل بين الخطوط المتقطعة ليكمل الخط الفاصل بين الجزء الطافي من المكعب خارج الماء والجزء المغمور منه فيه، ثم حاول جهده أن يرسم الخط الفاصل داخل المكعب بدقة. بعد ذلك قام معاذ بإخراج وعاء الماء من الوعاء الكبير ومن ثم سكب الماء المزاح الموجود داخل الوعاء الكبير في المكعب، وتجمعت العيون فوق المكعب ليتأكدوا من أن الماء المزاح فعلا أخذ حجم الجزء المغمور، ثم هتف أصيل بفرح:
    - لقد فهمت الفكرة أخيرا، حقا لا داعي لقياس الأحجام، فقد أخذ الماء المزاح حجم الجزء المغمور، وهذا يعني أن حجم الماء المزاح هو حجم الجزء المغمور من المكعب، فإذا تكررت النتيجة مع المكعبات الأخرى؛ نكون قد أثبتنا الجزء الأول من التجربة..
    فعلق حسام ضاحكا وهو ينظر إلى ياسر:
    - سجل هذه في قسم الملاحظات: أصيل فهمها أخيرا!
    وضحك الجميع، قبل أن يقول علاء وهو يدقق النظر داخل المكعب وخارجه وقد بدأ ينسجم مع التجربة:
    - كأن مستوى سطح الماء المزاح داخل المكعب اقل من الخط الفاصل، أي أن حجم الماء المزاح أقل من حجم الجزء المغمور من المكعب بقليل!
    فأجابه طلال موضحا:
    - خذ بعين الاعتبار أن هناك قطرات ماء ضائعة نتيجة الالتصاق بالوعاء الكبير، فإذا أخذنا نسبة الخطأ هذه بعين الاعتبار، كانت النتيجة مقبولة، ولذلك قال زيد أنه كلما كان حجم الأجسام أكبر كانت نسبة الماء الضائع إلى نسبة الماء المزاح أقل، وبالتالي نقلل نسبة الخطأ في التجربة..
    هز علاء رأسه متفهما:
    - هكذا إذن..
    لكن زيداً تساءل باستغراب:
    - غريب! صحيح أن سماكة أسطح المكعب قليلة جدا، ولكن يفترض أن حجم الوعاء من الداخل اقل من حجمه من الخارج ولو بنسبة قليلة، أفلم يعوض ذلك النقص في الماء المزاح؟؟
    فرد عليه طلال بعد تفكير:
    - يبدو أن كمية القطرات الضائعة من الماء المزاح أكثر، خذ بعين الاعتبار ظاهرة التبخر أيضا إضافة إلى كثرة الأسطح التي ستلتصق فيها القطرات وتسبب ضياعها..
    بدا علاء مذهولا وهو يستمع إلى ذلك النقاش العميق، حتى شعر بأنه يحتاج إلى سنوات كثيرة ليصل إلى هذا المستوى من التفكير، في حين قال ياسر:
    - لقد أضفت هذه الملاحظات في الجدول، فإذا تكررت الحال نفسها مع بقية المكعبات، وحسبنا نسبة الفرق بين الأحجام استطعنا أن نعرف كمية القطرات الضائعة أيضا
    فضحك أصيل الذي لم يكلف خاطره بالتفكير في ما دار بين زيد وطلال:
    - يا عيني عليك يا ياسر، لقد انضممت رسميا إلى معشر العلماء، ما رأيك أن نعدها قطرة قطرة!!
    فابتسم ياسر:
    - ليس إلى هذه الدرجة، كانت مجرد ملاحظة!
    فقال طلال:
    - ولكنها ملاحظة رائعة- ما شاء الله- لقد أعجبتني فعلا!
    واستطرد بسرعة، وقد خطرت بباله فكرة طارئة قبل أن يفسح المجال أمام تعليقات إضافية:
    - ما رأيكم أن نوزن هذا الماء المزاح أولا ونُثْبت أن قوة الطفو هي نفسها وزن الماء المزاح، قبل أن نكرر الخطوات السابقة مع المكعبات الأخرى؟
    فقال حسام متأملا:
    - تقصد أن نحقق هدف التجربة بجزأيها في خطوة واحدة!!
    ثم هتف:
    - فكرة جيدة ستختصر الوقت علينا
    لكن ياسر قال:
    - عندها علينا أن نضيف عموداً آخر للجدول، وأنا لم أعمل حسابا لهذا!
    فعاتبه أصيل:
    - كان عليك أن تعمل حسابا لخطوات مفاجئة أثناء العمل، فقد حدث معنا هذا من قبل!
    فقال زيد:
    - قدر الله وما شاء فعل..
    و قال حسان:
    - هذا جدول مبدئي و لا داعي لأن تكون الأعمدة متساوية أضف عموداً على الهامش، فنحن سنعيد رسمه على أية حال عندما نعد التقرير!
    وقبل أن يتم حسان جملته كان ياسر قد عدل في رسم الجدول دون أن تضيع الملاحظات التي دونها من قبل:



    وزن السائل المزاح
    ملاحظات أخرى
    حجم الجزء المغمور من المكعب
    حجم الماء المزاح
    المكعب




    الكبير




    الوسط




    الصغير












    أبدى طلال إعجابه قائلا:
    - جزاك الله خيرا يا ياسر، والآن إلى الخطوة التالية..
    وقبل أن يتم جملته قفزت فكرة طارئة أخرى لذهن حسام، فقال بحماسة:
    - ما رأيكم أن نستخدم أدوات القياس التي صممناها بأنفسنا في المستوى الخامس، بدلا من الأدوات المعتادة!
    فهتف معاذ و زيد بالموافقة:
    - فكرة ممتازة!!
    في حين قال حسان:
    - ستزيد نسبة الخطأ في التجربة في هذه الحال!
    لكن طلال قال:
    - بل ستكون فرصة مناسبة لنختبر مدى دقة أدواتنا، وسنفاجئ المعلم برهان بها
    فقال زيد:
    - إذن دعونا نستخدم ( التمراك) للوزن فهو أفضل المقاييس التي قدمناها كما قال لنا المعلم برهان..
    أما أصيل الذي بدأ يشعر بالملل فقد قال:
    - أخشى أن ينتهي الوقت ونحن لم نحقق الهدف المطلوب منا بعد!
    فأسرع طلال يرد عليه:
    - اطمئن من هذه الناحية، فقد أخذت ذلك بعين الاعتبار ولا تنس أننا قمنا بدمج خطوتين بخطوة..
    وبسرعة كان حسام قد نهض ليحضر الأدوات والأثقال من فوق الرف الخاص بها، قبل أن يعود إلى مكانه مرة أخرى وهو يضعها على الأرض أمامهم، وأخذ علاء يتأمل الأثقال المصنوعة من أنوية التمر، متسائلا:
    - ما هذا؟؟ أهذا هو التمراك الذي تحدث عنه زيد؟؟
    فأجابه طلال:
    - هذه احدى الموازين الخاصة التي قمنا بابتكارها السنة الماضية بعد أن درسنا أدوات القياس و الموازين، فكما تعلم فإن القيراط المستخدم في الأوزان يعادل وزن ثلاث حبات شعير، والمثقال المعروف يعادل أربعاً وعشرين قيراطا أي اثنتين وسبعين حبة شعير، و على هذا المنوال يبتكر العلماء مقاييسهم الخاصة، وقد كلفنا المعلم برهان السنة الماضية بعمل مماثل فكانت النتيجة هي أننا اتفقنا على استخدام أنوية التمر، وقمنا بإلصاق كل أربع حبات معاً كمقياس ثابت..
    فقال حسان:
    - هذا بالطبع بعد أن اتفقنا على نوع واحد من التمر و جمعنا عدداً كبيرا من الأنوية، وقمنا بوزنها عدة مرات قبل أن نخلص إلى ذلك المقياس الذي أطلقنا عليه اسم (تمراك)..
    فأضاف أصيل باسما:
    - كنا سنسميه طليل نسبة إلى العالم طلال كامل..
    فضحك حسام:
    - ألا يكفيك ما نالك منه في ذلك الوقت!!
    فشاركه أصيل الضحك والتعليق:
    - ذكرتني عندما حاولنا تكوين اسم للمقياس باستخدام حروف أسمائنا الأولى، كان أمرا مسليا جدا.. لقد فاتك يا علاء منظر طلال وقد بدأ يفقد أعصابه وقتها!!
    لكن طلال تابع بجدية:
    - لا وقت للسخرية الآن، وهيا بنا إلى الخطوة التالية..
    قال جملته الأخيرة وهو يحمل المكعب المملوء بالماء ليضعه على أحد كفتي الميزان الذي مال إلى الأسفل، في حين أخذ حسام يضع أثقال التمراك في الكفة المقابلة إلى أن مالت الكفة تقريبا بعد أن وضع حسام التمراك العاشر، فقال طلال:
    - حسنا سنكتفي بتسعة تمارك ومن ثم نزيد أجزاء التمراك المفردة..
    وبالفعل أخذ حسام يضيف نواة نواة من أنوية التمر المفردة والمعدة بشكل خاص، وبعد أن أضاف نواتين تساوت الكفتان تقريبا. فقال ياسر:
    - حسنا سأدون هذا: وزن المكعب مع الماء المزاح تسعة تمارك ونصف..
    وأردف طلال، وهو يرفع المكعب من فوق كفة الميزان، ويسكب الماء منه:
    - والآن سنزن المكعب وحده، لنحسب وزن الماء المزاح..
    فقال حسام وهو يناوله المنشفة:
    - لا تنس تجفيف المكعب جيدا تلافيا لخطأ القياس..
    فابتسم أصيل وهو يخاطب ياسر:
    - وأنت يا أخ دون ملاحظة، حول أهمية منشفة حسام في التجربة..
    فضحك حسام، وهو يضع أوزان التمراك في الكفة المقابلة، معلقا:
    - وسيكون من الجميل أيضا أن تضيف على ذلك أهمية الدور الذي أقوم به مع التمراك!
    عندها علق طلال باسما:
    - جاء دوري لأذكرك بعدم الغرور..
    وتابع وهو يلاحظ التمراك السابع الذي وضعه حسام:
    - تمهل قليلا الآن ودعنا نتابع اتزان الكفتين بإضافة نواة نواة..
    وبالفعل اتزنت الكفتان بعد ثمان تمارك وربع، وبعد أن دون ياسر هذه الملاحظة، قال زيد:
    - هذا يعني أن وزن الماء المزاح تمراك واحد وربع..
    فتساءل معاذ:
    - حسنا ماذا بعد؟؟ أوجدنا وزن الماء المزاح والآن علينا أن نجد قوة الطفو، فكيف سنحسبها؟؟
    خيمت لحظة صمت، قبل أن يقول طلال كمن يراجع معلوماته:
    - قوة الطفو هي الفرق بين وزن الجسم في الهواء ووزنه في السائل، ونحن قد أوجدنا وزن الجسم في الهواء، وبقي علينا أن نجد وزنه في الماء..
    فقال معاذ:
    - وهنا مربط الفرس، كيف سنجد وزن المكعب في الماء؟؟
    أطبق الصمت من جديد عليهم وهم غارقون بالتفكير قبل أن يقول طلال:
    - حسنا سنترك هذه الخطوة مؤقتا، ودعونا نكمل التجربة بإعادة الخطوات السابقة للمكعبات الأخرى..
    وبالفعل تناوب الأصدقاء بإعادة خطوات التجربة مع المكعب الأوسط ثم الصغير، ليحصلوا على النتائج نفسها تقريبا، ولم يبق أمامهم إلا الخطوة الأخيرة التي سيكملون من خلالها تحقيق هدف التجربة، وأخيرا قال حسام بعد أن أكمل تدوين خطوات العمل التي قاموا بها:
    - علينا أن نفكر بطريقة مختلفة، فلن يكون من السهل قياس وزن المكعب داخل الماء باستخدام ميزان يوضع أسفل المكعب حسب الطريقة الاعتيادية!
    فقال زيد:
    - تقصد أننا بحاجة لميزان يقيس الوزن من الأعلى؟؟
    عندها قال طلال وهو ينهض من مكانه:
    - سنستخدم عصا الارتكاز الطويلة ونثبت فوقها عصا الاتزان التي استخدمناها في تجربة الروافع، ونقوم بتثبيت خيطين متساويين في الطول بخطافين متماثلين على طرفيها ، احدهما نعلق به الجسم والآخر لإضافة موازين التمراك..
    فهتف حسام بحماسة وهو يهب من مكانه، ليساعد طلال في موازنة عصا الاتزان فوق عصا الارتكاز الطويلة:
    - فكرة ذكية ما شاء الله..
    ثم وضع إشارة بالقلم على منتصف عصا الاتزان، قائلا:
    - بهذه الطريقة نستطيع التأكد من كون عصا الاتزان مرتكزة من المنتصف تماما خلال خطوات العمل..
    أما أصيل الذي بدا واجما للحظات محاولا استيعاب ما يحدث، فقد التفت إلى حسان، الذي أخذ يجرب طريقة لتعليق المكعب بخطاف الخيط المتدلي من عصا الاتزان:
    - هلا أفهمتني ما الذي تحاول فعله!!
    فرد حسان:
    - فكر معي بطريقة نعلق بها المكعب..
    فأجابه أصيل بسرعة:
    - وهل هذا يحتاج إلى تفكير؟ لف خيطا حول المكعب من الجهات الأربع ثم اعقده من الأعلى على شكل حلقة، لا يحتاج الموضوع إلى ذكاء خارق أيها الذكي!!
    لكن طلال علق قائلا وهو يزيد في طول الخيط المتدلي من طرف العصا:
    - أحسنت.. فكرة جيدة، لا تستخف بأي فكرة فقد تغيب عن البال أحيانا!
    فرك أصيل يديه بسعادة وصاح:
    - مرحى، لقد حصلت على إعجاب المعلم طلال أخيرا، ستعوضني بلا شك عن الملاحظات التي كتبتها عني للمعلم برهان في المرة السابقة..
    فقال طلال بابتسامة:
    - هذا إن لم تجبرني على تغيير رأيي!
    فعلق أصيل:
    - حسنا ولكن لا تصدق نفسك كثيرا كنت أجاملك فقط!
    ثم استدرك بسرعة:
    - أمزح طبعا، دعنا نكمل التجربة..
    فضحك حسام:
    - يبدو أن ملاحظات طلال قد بدأت تؤتي أكلها..
    وفي تلك الأثناء كان معاذ وزيد قد وجدا الطريقة المناسبة لتعليق أوزان التمراك في طرف الخيط الآخر، وبدءا بلف الخيوط حولها مع عقدها على شكل حلقات، وعلق زيد:
    - بما أن الخيط خفيف جدا فلن يؤثر كثيرا في أوزان التمراك و يمكننا إهمال وزنه..
    فقال طلال:
    - هذا صحيح ولكن من باب الاحتياط؛ حاولا أن تقتصدا قدر الاستطاعة في استخدام الخيوط..
    أما علاء الذي كان يدرك تماما بأن طلال لن يحابيه في كتابة ملاحظاته، التي سيرفعها للمعلم برهان عن أدائه في التجربة، فقد شعر بالحرج من قلة مشاركته وتشتت ذهنه، ودعا الله في سره أن يلهمه فكرة تعوضه عن تقصيره، وهو يشارك معاذ وزيد في لف التمارك بالخيوط..
    كان ياسر قد أعد جدولا جديدا بأربعة أعمدة وأربعة صفوف لتدوين الملاحظات، وكتب عنوان كل عمود في الصف الأول:


    قوة الطفو ( الفرق بين الوزنين)
    وزنه في الماء
    وزنه في الهواء
    المكعب



    الكبير



    الأوسط



    الصغير

    عندما قال طلال، وهو يعلق المكعب الكبير بخطاف الخيط المتدلي من أحد الجوانب:
    - لمزيد من الدقة علينا أن نعيد وزن المكعبات باستخدام هذا الميزان الجديد، ويمكننا بالطبع مقارنته مع الوزن الذي حصلنا عليه من الميزان السابق ذي الكفتين..
    وقف علاء ليحافظ على ضمان ارتكاز عصا الاتزان من منتصفها فوق عصا الارتكاز وبدأ حسام يعلق التمارك في خطاف الخيط المقابل، إلى أن بدأت عصا الاتزان المائلة باتجاه المكعب تتزن تدريجيا، ومن ثم أخذ يعلق نواة نواة إلى أن قال طلال وهو يلاحظ استواء عصا الاتزان:
    - أظن هذا يكفي..
    وأكد علاء قوله كما أكده زيد وحسان، أما معاذ فقد قال:
    - أشعر بأن العصا مائلة قليلا باتجاه أوزان التمراك
    وأكد ياسر كلامه:
    - وأنا أشعر بهذا أيضا ربما عليك أن تزيل نواة يا حسام!
    وما إن فعل حسام ذلك حتى بدت عصا الاتزان مائلة قليلا باتجاه المكعب مرة أخرى، فقال طلال:
    - الوزن السابق كان أفضل!! ما رأيكم؟؟
    فوافقه ياسر و قال حسام بعد أن أعاد النواة واتزنت العصا مرة أخرى:
    - وزن المكعب ثماني تمارك ونصف..
    فقال معاذ الذي بدا غير راض عن النتيجة تماما:
    - لو استطعنا إزالة نصف نواة لكان أفضل، أظن أننا بحاجة لتقسيم التمراك إلى ثمانية أقسام عوضا عن أربعة!
    فقال زيد:
    - لا بأس فنحن نتوقع نسبة من الخطأ في القياس
    فعلق أصيل مشيرا إلى حبات الرمل؛ التي أخذت تنساب بانتظام داخل الساعة الرملية الموضوعة على المنضدة أمامهم، معلنة مرور ثلاثة أرباع الوقت المتاح:
    - سينتهي الوقت وأنتم تضيعونه بهذه الدقة الزائدة!
    أردف طلال:
    - كانت ملاحظة جيدة، أما الآن واستثمارا للوقت دعونا نركز في الخطوات المتبقية..
    وقرأ ياسر المقارنة بين وزن المكعب في الحالتين:
    - باستخدام الميزان ذي الكفتين؛ وجدنا أن وزن المكعب ثماني تمارك وربع، أي أنه يقل بنواة واحدة عن الوزن الذي وجدناه الآن!
    فقال طلال:
    - الحمد لله هذا جيد فالنتيجة متقاربة، ونسبة الخطأ فيها مقبولة..
    قال معاذ:
    - لو اعتمدنا القياس بإزالة النواة لكانت النتيجة متطابقة..
    فقال طلال:
    - ولكننا لا نستطيع اعتمادها من الناحية التجريبية، فلم تكن عصا الاتزان مستوية وقتها أبدا باتفاق الجميع!
    هز معاذ رأسه مستسلما:
    - ربما..
    فتابع طلال وهو يقرب وعاء الماء من المكعب:
    - والآن علينا أن نقيس وزن المكعب في الماء
    وهمّ حسام بإزالة أوزان التمراك من الجهة الأخرى ليبدأ من جديد، فاستوقفه علاء قائلا:
    - لحظة يا حسام، هدفنا أن نقيس قوة الطفو، لذا لا داعي لأن نعيد وزن المكعب داخل الماء من البداية، دعونا نضع الوعاء وهو فارغ تحت المكعب المعلق ثم نزيد الماء تدريجيا إلى أن يطفو المكعب فوق سطح الماء، عندها ستميل عصا الاتزان باتجاه أوزان التمراك التي كانت توازن المكعب وهو معلق بالهواء، ومن ثم نبدأ بإزالة الأوزان نواة نواة إلى أن تتوازن العصا مرة أخرى، وبهذا تكون قوة الطفو مساوية لأوزان التمراك التي تمت إزالتها..
    تهلل وجه طلال:
    - مدهش يا علاء ما شاء الله، رائع جدا..
    وهتف حسام بفرح:
    - لقد اختصرت علينا الوقت أيها العبقري!
    وأكد زيد:
    - فكرة رائعة هيا نبدأ التنفيذ..
    قالها وهو يفرغ الماء من الوعاء ويسكبه في الدلو، ليضع الوعاء فارغا تحت المكعب، في حين كان معاذ وياسر وحسان يحاولون فهم الفكرة الجديدة، أما أصيل فقد قال بنفاد صبر:
    - كم أكره الشعور بأنني المغفل الوحيد هنا!!
    فقال طلال:
    - ركز قليلا فالفكرة بسيطة، كل ما في الأمر أننا سنقيس قوة الطفو بشكل مباشر، بدلا من أن نقوم بقياس وزن المكعب في الماء ثم نطرحه من وزنه في الهواء!! هل وضحت الفكرة الآن؟؟
    فتابع حسان موضحا وهو يراجع معلوماته:
    - وزن الجسم في الماء سيكون أقل من وزنه في الهواء وذلك بسبب قوة الطفو التي تدفعه إلى أعلى، ونحن الآن أوجدنا وزنه في الهواء عن طريق موازنته مع أوزان التمراك ووجدنا أنه يساوي ثماني تمارك ونصف، بعد ذلك سنبدأ بملء الماء في الوعاء تحت المكعب المعلق إلى أن يطفو فيخف وزنه وتميل عصا الاتزان باتجاه الثماني تمارك ونصف فنبدأ بتخفيف الوزن فيها إلى أن تتزن العصا مرة أخرى، عندها تكون الأوزان التي تمت إزالتها مساوية لقوة الطفو.. أليس كذلك؟؟
    فقال طلال:
    - بالضبط تماما..
    فكر أصيل قليلا قبل أن يقفز فرحا:
    - الحمد لله فهمتها فهمتها..
    فابتسم حسام معلقا:
    - فكيف إن وجدتها!!
    فأجابه أصيل ضاحكا:
    - لقد بدأت أتفهم شعور أرخميدس الآن؛ عندما صاح وجدتها وجدتها.. والله يستر علينا!!
    فضحك حسام حتى استلقى على قفاه، وضحك الجميع حتى طلال لم يقاوم الضحك هذه المرة، وبعد أن هدأت الضحكات قليلا قال معاذ الذي كان آخر من فهم ما عناه أصيل بكلامه وهو يجاهد ليوقف ضحكاته:
    - لو دخل علينا أحدهم الآن لظن أننا أصبنا بنوبة جنون – نسأل الله العافية..
    فعلق ياسر باسما:
    - هل أدون هذه في الملاحظات!
    فابتسم طلال:
    - لا بأس فبعض الضحك مفيد للصحة..
    عندها قال أصيل بلهجة صبغها بطابع الجدية تهكما:
    - لا لا عليك أن تنتبه لنفسك يا سيد طلال، لقد أصابتك العدوى حتما..
    فأجابه طلال:
    - لا تقلق حتى هذه الضحكات بحساب.. والآن إلى الخطوة التالية..
    أخذ زيد يصب الماء في الوعاء تحت المكعب المعلق بالخيط حتى بدأ الجزء السفلي منه ينغمر في الماء تدريجيا، وأخذ يزيد الماء بحذر شديد رويدا رويدا حتى إذا ما وصل الماء إلى الخط الفاصل الذي رسمه علاء حول المكعب، طفا المكعب ومالت عصا الاتزان باتجاه أوزان التمراك، وبعد أن تأكد الجميع من كون المكعب طافيا فوق الماء، بدأ حسام بتخفيف أوزان التمراك وهو يزيلها نواة نواة ويتوقف بعد كل واحدة حتى تستقر عصا الاتزان من جديد أمام العيون المحدقة المترقبة، حتى قال معاذ أخيرا:
    - هذا يكفي، لقد اتزنت العصا..
    ووافقه الجميع، فقال حسام بعد أن عد الأوزان التي أزالها من الخطاف:
    - تمراك وثلاث أنوية..
    فقال ياسر:
    - أي تمراكان إلا ربع، وهذه النتيجة تزيد بربع تمراك عن وزن الماء المزاح الذي وجدناه سابقا، فقد كان تمراكاً ونصف..
    قال زيد مبتهجا:
    - إذا أخذنا نسبة الخطأ بعين الاعتبار، فهذا يعني أننا أثبتنا فعلا بأن قوة الطفو تساوي وزن السائل المزاح..
    وارتسمت علامات الفرح على الوجوه وهتف علاء بسعادة:
    - الحمد لله لقد حققنا الهدف من التجربة أخيرا
    فقال طلال:
    - ليس قبل أن نتأكد تجريبيا من أن هذه النتيجة هي نفسها للمكعبات الأخرى، فنستطيع بعد ذلك تعميمها..
    في حين قال معاذ:
    - لو وجدنا وزن الماء المزاح باستخدام هذا الميزان المعلق أيضا لكانت النتيجة أفضل وأكثر تطابقا!
    صرخ أصيل محتجا:
    - أرجوك لا تعكر فرحتنا بهذه الدقة الزائدة!!
    فابتسم طلال وهو يلاحظ حبات الرمل وهي تنساب بإصرار من عنق الساعة الرملية معلنة قرب انتهاء الوقت:
    - لا بأس سنقوم بذلك فيما بعد، يكفينا أننا استطعنا تحديد الفرق في الوزن بين الميزان المعلق والميزان ذي الكفتين، ويمكننا إضافتة ذلك للنتيجة..
    فقال ياسر وهو يدون الملاحظة:
    - الفرق هو ربع تمراك تقريبا..
    وقال حسام:
    - لقد دونت خطوة العمل الأخيرة من هذا الجزء والحمد لله
    قال طلال مشجعا أصدقاءه:
    - لم يبق أمامنا إلا إعادة خطوات الجزء الثاني للمكعبين الاخرين بسرعة قبل انتهاء الوقت..
    تبادل الأصدقاء الأدوار في إعادة الخطوات مع المكعبات التالية بناء على توجيهات طلال؛ حتى يتمكن كل واحد منهم المرور على أجزاء التجربة كلها وفهمها، وفي اللحظة التي سقطت فيها آخر حبة رمل من القمع العلوي في الساعة الرملية لتعلن انتهاء الوقت المتاح لهم، دخل المعلم برهان ليجدهم ساجدين شكرا لله كعادتهم عند تحقيق أي هدف بنجاح فابتسم قائلا:
    - دعونا نشارككم الفرحة برؤية النتائج التي حصلتم عليها والتقرير الذي أعددتموه يا أبنائي..
    فناوله طلال التقرير الذي دمجت فيه خطوات العمل التي كتبها حسام مع ملاحظات ياسر وجداوله، والذي صبغه ياسر بلمسة فنية مضيفاً إليها الرسوم التوضيحية التي أبدعها بإتقان، وذيله طلال بتقييمه لأداء كل واحد منهم ودوره في التجربة، مما جعل المعلم برهان يقول بفخر وهو يطلع على ذلك بنظرة خبيرة فاحصة:
    - ما شاء الله، أنتم فعلا أبناء مدرسة النصر، وفرسانها العلماء الذين نفاخر بهم..
    فهمس حسان لأصيل معلقا بصوت ظنه غير مسموع:
    - وكأننا اكتشفنا شيئا جديدا!!
    فابتسم المعلم برهان:
    - ولكنها الطريق لفتح الأبواب أمام اكتشافات جديدة بإذن الله؛ ففهم الطريقة العلمية في التجارب من خلال تطبيقها على قواعد سابقة، يعوّدكم على التفكير السليم والاستنتاج المنطقي..
    احمرت وجنتا حسان وابتسم أصيل هاتفا:
    - أجل يا معلمي، بل ويدخل في عقولنا ما صعب علينا فهمه، ويجعلنا نعذر الآخرين إن وجدوها..
    وانفجر الجميع بالضحكات، ليردد المعلم برهان كالعادة:
    - أضحكونا معكم يا فرسان..
    فاعتذر طلال موضحا:
    - كانت ملاحظة أثارها أصيل حول أرخميدس عندما هتف بـ "وجدتها "..
    فضحك المعلم برهان قائلا:
    - يا لتفكيركم أيها الأولاد..
    ثم استطرد مغتنما الفرصة:
    - كلنا مدينون لأرخميدس و فيثاغورس وإقليدس وغيرهم من العلماء الذين قدموا العلم النافع فانتفعت به البشرية على مر القرون، وقد زالوا هم وما زالت آثارهم، وجاء المسلمون من بعدهم فدرسوا علومهم وجربوها ثم أضافوا عليها وطوروها، هذه هي طريقة ابن الهيثم والبيروني والخازن ومعظم العلماء المسلمين الأوائل، عندما أخلصوا في طلب العلم باحثين عن الحقيقة ناسبين الفضل لأهله منصفين من سبقهم من العلماء، دون إتباع للهوى، ولا ميل مع الآراء، فحفظ الله جهودهم ونفعنا بها ونسأله سبحانه أن يجزيهم عنا خير الجزاء، فاجتهدوا يا أبنائي لعل الله أن يكرمكم بعلم نافع خالص لوجهه الكريم، يجعله سببا في نهضة أمتنا وإعادة مجدها بعد توانيها وهوانها، فيسعد العالم كله بفتح مبين وخير عميم وسلام تهنأ به البشرية جمعاء بل والكون بأسره بإذن الله..


    ***

    إلى هنا نأتي إلى نهاية حلقتنا العلمية الخاصة، التي نأمل أن تكونوا قد استفدتم واستمتعتم معها..


    ولا تنسوا أن حلقات مدرسة الفروسية لا تزال مستمرة على مغامرات بإذن الله، فكونوا معنا ^^

    لا تنسونا من صالح دعائكم، وقل رب زدني علما..

    وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

    استدراك سريع:

    تبين أن رابط الحلقة المرفق مع الموضوع لا يقود إلى الحلقة 28، بل إلى رد آخر!!! ^^

    هنا:

    رابط الحلقة 28 من مدرسة الفروسية


    إذا كان بالامكان تعديل الرابط في الموضوع لو سمحتم، فسأكون شاكرة جدا وعذرا للازعاج^^

    وجزاكم الله خيرا
    وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
    أهلا بكم في رواية الأنمي العربية الأولى من نوعها "مدرسة الفروسية" على مغامرات:

    رواية "مدرسة الفروسية" حصريا ولأول مرة مجانا على النت ^^


    ولا تنسونا من صالح دعائكم
    وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 193
    آخر مشاركة: 12-15-2021, 04:41 PM
  2. مقابلات حصرية، مع ابطال مدرسة الفروسية ^^
    بواسطة alfurussiah في المنتدى أكشن
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 10-24-2021, 11:19 PM
  3. الحلم ( بطلة رواية مدرسة الفروسية على مغامرات)
    بواسطة alfurussiah في المنتدى زمردة
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 10-22-2021, 06:47 PM
  4. مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 04-15-2020, 11:04 AM
  5. مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 10-23-2019, 12:57 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •