المقالة 4 :
الوطن
الحديث عن الوطن يعني الحديث عن إحدى أغلى ممتلكات الإنسان فيهذه الحياة، فالإنسان يُولد في مكان محدد على هذه الأرض، ويكبر فيه، ويمارس فيه جميع أنشطة حياته اليومية، والعلاقة التي تربط الأرض بالإنسان علاقة خاصة لا تشابهها أي علاقة أخرى تربط الإنسان بالإنسان، الوطن يُمثِّل الأم الحانية التي ترعى صغارها، والأب الذي يسعى إلى إسعاد أبنائه بأي شكل ممكن، فالوطنُ يُعطِي بلا ثمن، ولا يتنازل عن وطنه إلا كل من تخلَّى عن فطرته الإنسانية السويّة لأنه كيان مُقدَّس، وكما قيل بأن حبَّ الأوطان من الإيمان.
لا يُقاس حب الوطن بما يُقال من شعارات أو يُردَّدُ من عبارات، بل هو سلوك يوميّ يعكس الإنسان من خلاله مشاعره تجاه وطنه، فيحرص على الممتلكات العامة، ويكون الجندي الأول الذي يحمي ثغور الوطن وإن لم يكن فيها، فكل مواطن هو على ثغر من ثغور وطنه، لأن أعداء الأوطان يسعون إلى النَّيل منها بكل الوسائل الممكنة، بما في ذلك الغزو الثقافي والفكري والاجتماعي، وهنا يأتي دور المواطن الصالح في ترسيخ مفهوم المُواطنة الحقَّة التي يفدي من خلالها وطنه بماله ودمه أن يُدرك أهمية الوطن وتأثيره على حياة الأفراد الذين يعيشون فيه، فهناك مجموعة متنوعة من الكائنات الحية التي تعيش على هذه الأرض، والتي أودع الله فيها مجموعة من الصفات والخصائص التي تُمكِّنها من العيش بانسجام في مواطنها، وفي حال خرجت هذه الكائنات الحية من موطنها فإنه ستجد صعوبة بالغة في العيش في غير المواطن التي اعتادت عليها، فلا يمكن أن نتخيل دُبًا قطبيًا يعيش في صحراء قاحلة، كما يصعب على الكائنات الحية التي تعيش في البيئة الاستوائية العيشفي منطقة القطب المُتجمِّد، ويُشبه هذا الأمر الحالة التي يعيشها المغتربون بعيدًا عن أوطانهم حيث تتغير عليهم اللغة والثقافة والعادات والتقاليد
فقد وُلد النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة، ونشأ فيها حتى بُعث بالنبوة للعالَمِين، وبعد أن جهر المسلمون بدينهم لم يجد النبي -عليه الصلاة والسلام- بُدًّا من الهجرة إلى المدينة المنورة من أجل أن تتمكّن الدعوة الإسلامية من بلوغ أهدافها فتصل إلى أرجاء الأرض كافّة، وكان موقفه يوم الهجرة دليلًا على حبه لوطنه حين نظر إلى مكة وقال بأنها أحب البلدان إليه ولولا أن أهلها أخرجوه منها لمَا خرج، وما هي إلا سنوات معدودة حتى عاد إليها فاتحًا ودخل الناس في دين الله أفواجًا.
أما عن رأيي الشخصي.....
الوطن شيئ ثمين مصيره بيدنا نحن, واجبنا نحوه هو جعله يرتقي الى أسمى معاني الجمال لا أن نهمله, فلقد ضحى من أجله الكثير قبلا في سبيل نموه وازدهاره , علينا الافتخار بالوطن وأن نعمل من أجله الكثيرو الحفاظ عليه وعلى جماله الفاتن ليسحر كل من يراه , الوطن قطعة من الروح بل هو الروح بأكملها و هو الكيان الذي ينبض في الاعماق, ولا شيءَ غيره يستطيع أن يشعل فتيل الحياة في القلب لأنّه مسقط الرأس ومثوى الأهل والأحبّة والجيران والأصدقاء، واليكم هذه القصة التي تتحدث حول حب الوطن في اسمى معانيه :
قصة عن حب الوطن
الوطن، تلك الكلمةُ الصغيرة من حيث عدد الحروف، العميقة من حيث المعنى، الضاربة في وجدان كلّ من يسمع بها، حروفٌ ثلاثة قد تجعل المرء يبكي إذا سمع بها، أو يستبدّ به الحنين، كلّ ذلك كفيلة به هذه الحروف، وإذا أراد أحد أن يكتب قصة عن حب الوطن فحسْبُه أن يتذكّر قصصَ الشرفاء الذين عشقوا أوطانهم، ويستلهم منهم قصصًا تصلحُ لِأنْ يقرأها أيّ شخص، كبيرًا كان أم صغيرًا، ويأخذ منها درسًا مهمًّا جدًّا، عنوانه
الوطن فوق الجميع
في المأثور العربيّ أنّ رجلًا كان يشتغل في تهريب السِّلَع الغذائيّة إلى بلده من بلد مجاور، لم يكن هدفه أنْ يجني مالًا، ولكنّه كان يشفق على أهله الذين لا يجدون هذه البضائع في بلدهم، وإن وجدوها فهي باهظة الثّمن، فكان يأتي بها لهم بأسعار زهيدة، ولأنّه يشتغل في التّهريب فقد أصدرت حكومة بلاده قرارًا يقضي بملاحقته والقبض عليه وسجنه عقوبة له لخرقه القوانين السائدة في بلده، ولكنّه ظلّ متخفّيًا عن عيون الجنود والحكومة، ولم يمسكوا به.
وفي يوم كان هذا الرّجل مختبئًا في كهف في جبال قريته الحدوديّة، وإذ برجل مصاب يتكلّم بلهجة قريبة للهجة قريته، فحسِبَه من القرى المجاورة، فنهض إليه وساعده، وعالج جرحه، وتركه في الكهف، وذهب ليحضرَ له طعامًا وشرابًا، ولكنّه حين عاد إلى البيت وجد زوجته تستمع إلى المذياع، وعلِمَ منها أنّ الجنود يبحثون عن طيّار قد أسقطوا له طائرته فوق بلادهم، وهذا الطيّار يبدو أنّه من الصّهاينة المجرمين، فطلب من زوجته أن تصفه له كما وصفوه في المذياع، فإذا هو يشبه ذلك الرجل الذي آواه في الكهف وعالجه، وأيضًا هو مصاب، ولا بدّ أنّ ذلك كان بسبب إسقاط طائرته، فعاد إلى الكهف، فوجد الرّجل مستيقظًا متيقّظًا كالضّبع الذي يريد الغدر بفريسته،
ــ فقال له: هل أنت الطيّار الصهيونيّ الذي أُسقطت طائرته؟
ــ فقال: نعم، فماذا تريد منّي؟
ــ قال: سآخذك إلى الحكومة لتقبض عليك، وآمل أن يقتلوك لأنّ أمثالك لا يليق بهم سوى القتل!
ــ قال الطيّار: وتسلّم نفسك؟ يبدو أنّك هارب منهم أيضًا، وإذا ذهبت إليهم سيمسكون بك، وسيسجنونك معي في زنزانة واحدة!
ــ قال الرجل: اخسَأ، ليس مثلي من يشاطرك مكانًا واحدًا ولو كان ذلك في الجنّة، سآخذك، سيقبض عليك جنود بلادي، وستكون عبرة لكل المجرمين من أمثالك.
وبينما هم كذلك استغلّ الطيّار لحظة شرود من ذلك الرّجل، وأراد أن يغدر به، ولكنّ اللّٰه -سبحانه- شاء أن يرتدّ كيده عليه، فنبّه ذلك الرّجل إلى غدر الطيّار، فضربه على رأسه وأفقده وعيه، ثمّ حمله على ظهره وذهب به إلى مخفر الشّرطة ليسلّمه، وتقدّم إلى رئيس المخفر وقال له:
ــ يا حضرة الجنديّ، هذا عدوّي وعدوّكم أراد أن يهرب فأمسكت به، وجئتكم به لا أبالي ما ستفعلون بي، وإن شئت فهات الأصفاد وضعها في معصمي، فلا أبالي بعد اليوم أسجنتموني أم لا، المهمّ عندي أن أكون وفيًّا لوطني ولا أغدر به. تقدّم إليه رئيس المخفر، وقبّل جبينه، وأطلَقَ سراحه،
ــ وقال له: ليس من شيمنا أن نكافئ أبناء الوطن الأوفياء بالسّجن، ومثلُكَ يستحقّ أكاليل الغار على وفائه، فاذهب واعمل ما شئت، فوطنك لا يغدر بك، ويعزّ عليه أن يراك خلف القضبان وأنت الذي جئته بعدوّه مكبّلًا مشدود الوثاق.
وعاد الرّجل إلى عمله، واستمرّ بتأمين البضائع الرّخيصة لأبناء قريته، ولكن هذه المرّة تحت أنظار حكومة بلاده، وبرضاها؛ فهو اليوم بطل قد أسدى لوطنه خدمة لا تقدّر بثمن، وأمسك بعدوّ غادِرٍ حاقدٍ لا يؤمَنُ جانبُه. والعبرة من هذه القصّة أنّ الذي يرى وطنه فوق كلّ شيء، ويدافع عنه بشرف ونزاهة فإنّ اللّٰه -تعالى- سيكون معه، وينجّيه من المخاطر، ويتولّاه برحمته، وهذه قصة عن حب الوطن قد جادَ بها هذا المقال
فيما يلي بعض الابيات الشعرية التي تتحدث عن حب الوطن وتعبر هذه الابيات عن العديد من المشاعر التي تخص وطننا الغالي من حب وفداء وتضحية وغيرها :
وطني يجاذبني الهوى في مهجتي
هو جنتي هو مرتعي هو مسرحي
آوي اليه وملء عيني غفوة
هو من أحلق فوقه بجوانحي
ما لارأت عين ولاسمعت به
فيه الحواري والملائك تستحي
وطني أحبك لابديل
أتريد من قولي دليل ؟
سيظل حبك في دمي
لالن أحيد ولن أميل
سيظل ذكرك في فمي
ووصيتي في كل جيل
حب الوطن ليس ادعاء
حب الوطن عمل ثقيل
ودليل حبي يا بلادي
سيشهد به الزمن الطويل
وهنا ننتهي من هذه الابيات . اود أن أنبهكم أن هذه الابيات غير مكتملة بل هي بعض الاجزاء التي أعجبتني من أشهر القصائد .
و أود أن ألفت انتباهكم الى أن هناك الكثير من الناس يرددون نفس العبارة الا وهي : احب وطني.
لكنهم يقولونها بلسانهم لابقلوبهم , لايفيدون وطنهم ولو بشيئ صغير , وكما قال الله تعالى " يقولون بألسنتهم ماليس في
قلوبهم....." أصدقائي حب الوطن ليس شئ نردده فقط لنثبت للناس أننا نحب وطننا..
حب الوطن: عمل, واجتهاد, وسعي, وتعب .
وكما قال الشاعر في قصيدته :
حب الوطن ليس ادعاء
حب الوطن عمل ثقيل
لذا علينا أن ننتبه لما يخرج من أفواهنا ونكون مدركين له جيدا فحين نقول الوطن أغلى من أرواحنا يجب أن ندافع عنه لآخر قطرة دم وآخر يوم في العمر فالانسان بلا وطن كالجسد بلا روح ومامن شيئ أغلى الانسان من وطنه.
المجد لك ياوطني والعشق لك في كل البيادر والاحيان بل والازمان , كيف لا وأنت العالق في نفوذ جمالنا بيدك الضاربة لكل الخلجات , المجد لك ياوطني والحب والعشق لك دوما .
وفي ختام هذا المقال أقول لكم : اياكم ثم اياكم خذلان الوطن, أوصيكم وصية الام لابنها , أن تحفظوا أوطانكم , فهي مصدر كرامتكم وعزتكم , و غدر الوطن وخيانته ماهي الا دليل على الجبن والذل والهوان والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .
رغم المحن أعشقك ياوطن