_
*عند صالة المغادرة، يتحرى معي ضابط المطار*
- ما ٱسم البلد الذي تود الذهاب إليه؟
= السودان.
-*يرسل اِبتسامة* ثم يضيف ماذا؟
= أريد الذهاب إلى وطني السودان.
-وطن؟ هل لبلد يلفظك أنت وإخوتك إلى المجاري، يستحق أن تطلق عليه موطن؟!
=نحنا من اختار تلك المجاري لنسكن فيها، والآن أريد العودة إليها.
- *ينظر بكل اِستغراب* من ثم يضيف لماذا تريد الرجوع والجميع يريد الفرار من ذلك المكان؟
= ذلك المكان يخصني، وله ٱسم (السودان) وسيظل ذلك الٱسم خالدًا.
- جيد لك ذلك، رحلتك سوف تكون عند العاشرة، ولكنك ستندم!
=ولماذا الندم؟
- الموت يسير في كل ركن من بلادكم؛ لذلك لن ترى الحياة مرة أخرى.
= ماذا؟
أنا لم أرى الحياة منذ مغادرة صالة مطار الخرطوم، فالموت على تراب تلك *المجاري* حياة.
- ذلك الذي تدعوه وطن لن يكون له وجود بعد اِنتهاء تلك الحرب، وسوف تذهب روحك سدى.
=من قال أن تلك الحرب سوف تمسح أرض السمر من الوجود؟ أعتقد أنك لم تسمع النشيد الوطني، أطفالنا يرددون " إن دعى داعي الفداء لن نخن، نتحدى الموت عند المحن"، برأيك ماذا سوف يفعل أسود بلادي حينما تكون الدعوة من أجل الوطن؟!
*ينهض الضابط ويضع يده أعلى جبينه*
- فليعش سُودانكم حرًا أبيًا
_