مآ الحيآة إلاّ مسرحية ،
لكل شخصية قنآعهآ الخآص الذي يحجب عنآ رؤية ملآمحهآ الحقيقية ،
فعلى خشبة المسرح لآ يتسنّى لنآ سوى رؤية تلك الوجوه المقنّعة ،
و خلف الكوآليس ، تسقط الأقنعة !
على الخشبة ، وجه ضآحك ، سعيد ، لرجل في أوآخر العمر ،
يلآعب - بكل حنآن - عددآ من الأطفآل الصغآر ،
شئ جميل حقآ أن توجد شخصية كتلك ، تشعرك بالسعآدة كلمآ نظرت إليهآ ،
لكن مهلآ مآ ترآه ليس سوى نصف الحقيقة !
أنظر في عينيه جيدآ و ستلآحظ حتمآ تلك النظرة العميقة الكئيبة التي أنهكتهآ الحيآة .
فخلف الستآر ، تلك العيون تبكي بحرقة ،
و تحكي قصة أب مسكين رمآه أبنآءه في دآر المسنين !
إختفت الرحمة ، تلآشى الضمير ، تحجّرت القلوب !
و في العآلم الإفترآضي الذي يعدّ أيضآ جزءآ مهمآ من المسرحية ،
كتآبة فتآة شآبة على موآقع التوآصل " أمّي أغلى مآ عندي " ،
بينمآ ورآء شآشة ذلك الجمآد وجه أكثر جمودآ ،
هي في كل مرة تصرخ فى وجه أمّهآ بأعلى صوت ،
متنآسية قول الله عزّ و جلّ : " وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا "
نسينآ كلآم الله فأنسآنى انفسنآ !
و في مكآن آخر طفل صغير يتأرجح بين المآرة ،
و يهتف بصوته الضعيف الذي لآ يكآد يُسمع من شدّة الإكتضآظ : " سجآئر ، سجآئر ، من يشتري سجآئر ! "
البعض يمّر و يتذمر بصوت عآل حتّى يُسمع الصغير صوته عمدآ ،
و البعض الآخر ينظر إليه بنظرة إحتقآر و إزدرآء ليحكم بموته في كل نظرة مرة ،
لكنه بالفعل يموت في اليوم ألف مرّة .
ذلك الصغير الذي سحبته دوآمة الحيآة لتجعله يبيع السجآئر ،
كآن لآجئآ قصفت القنآبل الظآلمة منزله بمن فيه و لم ينجو سوآه ،
هو لم يسرق و لم ينهب ، هو فقط يدآفع بكل مآ أوتي من قوة ،
عن بقآيآ الحيآة التي مآزآلت عآلقة فيه .
و هذآ قنآع المشهور الذي ترتدينه العديد من فتيآت هذآ العصر ،
عصر الموضة و مآ يسمى ب " موآد التجميل "
تخرج الممثلآت على المسرح متأنقآت ، ليبهرن المشآهدين بجمآلهنّ .
في إعتقآدهنّ جمآل الروح لآ يصمد أمآم المظهر .
ثم يعدن إلى خلف الكوآليس ليقمن بإزآلة تلك المسآحيق ليظهرن وجوههن الحقيقية ،
وجوه بآئسة ، تبحث بيأس عن من يهتم لأمرهآ ،
متنآسيآت أنّ الجمآل الحقيقي هو جمآل الروح و العقل !
لنذهب إلى زآوية أخرى من زوآيآ الحيآة المتدآخلة طرقهآ ،
لنرى كيف أن المروءة في هذه الأيآم مصطنعة لآ وجود لهآ تقريبآ .
في المشهد فتآة متأنقة ترتدي عقدآ جميلآ ، تستقل القطآر للذهآب إلى مكآن عملهآ ،
و سآرق يهددهآ بأدآة حآدة و يأمرهآ يتسليم أملآكهآ .
و الفتآة المسكينة ترتعد خوفآ و تسلمه حقيبتهآ و العقد ليفر هو هآربآ بعد فعلته .
المشكلة هنآ أن الجميع ينظر إلى المشهد و لآ يحرك سآكنآ ، رجآلآ كآنوآ أو نسآءآ .
هم فيمآ بينهم يتنآفسون و يتفآخرون بمروءتهم شفويآ ،
ووقت الفعل يفرون هآربين بسرعة تفوق سرعة ذلك السآرق !
هنآ فصل جديد آخر ، ممثلة هذآ الجزء مختلفة قليلآ عن مآ سبق ،
هي الشخصية التي حين تسألهآ عن حآلهآ تجيب قآئلة :" أنآ بخير "
هي ممثلة بآرعة حقآ !
فهي تجعلك تصدق فعلآ أنهآ بخير ، لكنهآ في الحقيقة عكس مآ تدعيه تمآمآ .
فخلف الكوآليس ، حيث لآ يمكن أن نرى نحن المشآهدون ،
شخص أثقلته هموم الحيآة و مشآكلهآ فبآت يملأ الليل بكآءًآ .
من الصعب جدآ أن يكون كآهلك مثقلآ بالهموم بينمآ تكتم الأمر و تدعي بأنك على مآ يرآم !
و في منتصف مسرحية الحيآة ، نلتقي بأشبآه الأصدقآء ،
هذآ الجزء من التمثيلية هو الأطول ،
و نهآيته هي الأسرع !
هو أمآمك يقوم بمدحك ، وورآء الستآر يقوم بذمك .
يصآدقك لسنوآت طويلة ،
لتكتشف في النهآية أن تلك الصدآقة
لم تكن سوى مجرد قنآع لئيم للوصول إلى المصلحة
.
على خشبة هذآ المسرح العظيم ، يصعد شخص آخر ، و إبتسآمة عريضة تعلو مُحيآه ،
و يبدأ مبآشرة بتقديم فصله ،
هو يلعب دور الطيب المُرآعِي الحسآس الذي يسآعد النآس بلآ مقآبل .
لكنه خلف كوآليس يقوم بالقآء قنآعه بعيدآ ،
لتظهر سمآت وجهه الحقيقية التي تدل على خبث النية ،
و همس في نفسه :
" أغرقتهم في الخير الذي قدمته لهم ، لكل شيئ ثمن ، لقد وقعوآ في المصيدة ! "
ليس كل مآ نرآه صحيح فالمظآهر خدّآعة !