خُلق الإنسان للجنة ، وجاء إلى الدنيا ليعمل عملاً صالحاً يُعد سبباً لدخول الجنة ، لذلك حينما يغفل الإنسان عن المهمة الأساسية التي جاء من أجلها ، ويأتيه ملك الموت ، لا يندم إلا على شيء واحد ، يقول : ﴿حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ﴾
[سورة المؤمنون :99-100]
﴿يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي ﴾
[سورة الفجر : 24]
﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ﴾
[سورة الفرقان : 27]
حقيقة الحياة الدنيا أنها معدودة ، وأن الإنسان يعيش فيها بضعة أيام ، وأن هذه الأيام هي وعاء عمله ، وأن العمل سبب لدخول الجنة ، وأن الإنسان في الأصل خُلق لجنة ربه.
إن ألصق آية في القرآن الكريم بالزمن هي سورة العصر ، وهي قوله تعالى : ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾
[ سورة العصر : 1-3]
والخسارة التي وردت في الآية الكريمة هي خسارة محققة لكل إنسان ؛ لأن مضي الزمن وحده يستهلك عمر الإنسان ، والإنسان العاقل لا الذي يعدُّ عمره عداً تصاعدياً ، يقول : أنا بلغت الخمسين ، بلغت الستين ، بلغت السبعين . العاقل هو الذي يعدُّ عمره عدّاً تنازلياً ، يقول : كم بقي لي من حياتي ؟ وهل بقي لي بقدر ما مضى ؟ وهذا الذي مضى كيف مضى ؟ إنه كلمح البصر ، إنه كساعة من نهار .
#لفضيلة الدكتور النابلسي