ابدأ بالبحث عنه في ذكرياتي , ابحث في الكتب , ولكنني لا اجده . اقرأ كلمات مضحكة , ادرك انها مضحكة , ولكنني لا استطيع الضحك .
فالضحك مزاجي للغاية .
فقد يفارق الانسان على حين غرة, ثم يعود اليه فجأة وعلى غير انتظار , بل واحياناً في اشد اللحظات شقاء في الحياة . انه مزاجي للغاية .
لم يستطع احد حتى الان ان يكشف سر نشوئه . فبزوغه النفسي فردي تماماً , ويفسر بطرق مختلفه . بعضهم يقول ان الضحك يتأتى من الوعي بالتفوق , ويظن اخرون ان كل ما يفاجئ بقبحة يستدعي للضحك .
يتحقق الضحك من الناحية الفيزيائية على نحو غريب جداُ :
اذ يتقلص الحجاب الحاجز , وتقذف الرئتان الهواء بقوة , فتدب الحركة في عظلات الوجه .
يمنح هذا الوضع الناس قدراً كبيراًمن السرور , وهم مستعدون دائماً للبحث عنه , ولبذل الوقت والمال من اجل ان يحظوا به .
يتطور الضحك تاريخياً .
فقصص القرن السادس عشر الفكاهية عاجزة في ايامنا عن دفع احد الى الابتسام . واعمال رابيلة الكاريكاتورية مدعلة للنفور . وحتى نكات شكسبير لا تبدو لنا مضحكة . ذلك ان الحجاب الحاجز في العصر الحديث يتتطلب مؤثرات مختلفة تماماً .
غير ان الضحك لا يتمتع بالمرتبة نفسها عند كل الامم .
الا ان هناك تفرعاً اخر ليس الاخير اهمية ايضاً, هو التفرع الصوتي .
فلتتذكروا كيف يضحك معارفكم , او من تلتقونهم مصادفة , وسبق قان ضحكتم معهم . امّا اذا لم تكن لكم ملاحظاتكم الشخصية , فانني سأوافيكم بملاحظاتي التي تستطيعن التحقق منها فيما بعد .
((ها – ها – ها !))...... ضحكة علنية , جريئة , تعبر عن ادراكك الكامل لحقك في الوجود . هذه الضحكة يضحكها الجنرالات, والاقرباء المسنون الذين ينتظر منهم الناس منهم إرثا, ومديرا النواحي . ومن النساء لا يضحكها إلا ممثلات يلعبن ادوار عجائز هزاليّات .
- ((هو – هو – هو !))......ضحكة شريرة لا تبشر بخير . دائماً يكون عليك ان تنتظر بعدها عبارة (( لم اتوقع !)) او: (( ومن سمح لكم بذالك ؟)). هذه الضحكة تخض الحجاب الحاجز قليلاً جداً.وبهذه الطريقة يضحك المديرون الناقمون , ولاعبو القمار الذين يتلاعبون بالاوراق الرابحة , والنساء لا يضحكن على هذا النحو ابداً.
- ((هِئ – هِئ – هِئ !))...... ضحكة لئيمة . تبقى الحجاب الحاجز ساكناً تقريباً . انها ضحكة الدنى من الاعلى , ضحكة خالية من الفرح , سببها الخوف او اللؤم , انها الضحكة الوحيدة التي لها هدف . هكذا يضحك الموظفون على امام رؤسائهم . غير ان لهذه الضحكة عند النساء معنى خاص تماماً , فهي بتلكؤ مقصود اسعة النتشار بين (( سيدات المجتمع ))المسنات. تعني انك تتسامحين وانت مدركة علو مقامك .
- ((هي – هي – هي !))...... ضحكة خجولة , نسائية في معظم الاحوال .((هي – هي – هي – عيب عليك!)).
هكذا يضحكون المعلمون الريفيون خريجوا المدارس الدينية , التلاميذ الذين نصبوا شركاً لاحد.
تلك هي تفرعات الضحك الصوتية , غير ان هنالك ضحكة (( السعار الصامت )) .
ثمة كذلك نوع من (( الضحك عبر الدموع )) ..... وهناك من الضحك ما هو غباء خالص . مثلاً عبارة : (( هي قهـ - ـهـ - ـهـ - قهـ - )) عند الكاتب ليشن .
وهناك ضحكة الاشرار والاخوة قطاع الطرق عند شكسبير , ضحك يكاد يكون صامتاً, ولا يستدل عليه الا منه تكشيرة مفتعلة ومن اهتزاز الكتفين .
اَخ , ما اكثر انواع الضحك في الدنيا , ولكن هناك ضحكاً واحداً اذا ما تذكرته تصبح الحياة اكثر دفئاً .
انه الضحك بلا سبب ....., الضحك من اجل الضحك , الهادئ منه والرنان , كله بهجة , كله فرح الحياة الوضاء. انه يرن في القلب مثل جرس فضي . ينادي ويوقظ الروخ الغافية , وكل من يسمعه يأخذ ويبتسم بهدوء وسرور ........