مع التطور الذي حصل للعالم, العيش من بدون أنترنيت يبدو مستحيلا فحتى التقديم على الشركات والدراسة والحجز اصبح على الأنترنيت ومما لا شك فيه ان هذا العالم الخيالي الواسع الجميل يحمل في طياته امورا مذهلة وعجيبة تسحر كل من دخل له ولا يكاد يخرج منه أبدا
الا اننا لا بد أن نتعرف انه في بعض الأحيان يغلبنا المرح والفرح ونبقى في عالم الأنترنيت أكثر مما ينبغي ولذلك يرغب العديد منا في وضع ساعات محددة للأنترنيت
او التقليل منه
وأنا كنت على رأس هؤلاء ففي مرحلة الثالثة من الكلية كان علي ان أتدارك دراستي ونفسي وعيوني المسكينة وان أرحمها قليلا واريحها ولكن المشكلة اني كنت مدمنا بشكل كبير ومن هنا بدأت الحكاية
أجتمعت مع اهلي في عطلة نصف السنة وتناقشنا في تأثير الأنترنيت على المنزل وكان من الواضح تراجع المستوى الدراسي لكل مني ومن أخواتي ولذلك قررنا بعد أتفاق ان نقوم بألغاء الأشتراك لذلك الشهر ونجرب شهرا من دون أنترنيت لاننا نعلم ان بقي الأنترنيت لن نتوقف عن أستخدامه طوعا
كان صباح اليوم الأول جحيما لم أكن اعرف ماذا أعمل جربت بعض الألعاب على حاسوبي (اغلبها تلعب على الأنترنيت ) لم تكن ممتعة جربت ان أتناول فطورا أخر لم يكن الأمر مسليا لم أصدق نفسي حينما عدت الى غرفتي واخرجت كتبي للمذاكرة.
كان الملل يقتلني ولا أنكر اني ولأول مرة في حياتي قمت بالمذاكرة لساعتين للتخلص من الملل
بعد الساعة 12 ظهرا عاد الملل لذلك قررت ان اجرب التلفاز قليلا
كنت وخلال السنوات ال3 الفائتة قد ابتعدت عن التلفاز تدريجيا فحتى المسلسلات والأفلام كنت أقوم بمشاهدتها على حاسوبي
كان الأمر ممتعا قليلا بحثت في قنوات الرسوم المتحركة وأذكر اني شاهدت حلقة من مسلسل كرندايزر وأيضا القناص على سبيستون
وبعدها أنتقلت الى سلسلة من قنوات الأنباء والأخبار ( مجرد محاولة لضياع الوقت ) ولكني صدمت ببعض الأنباء المشوقة وايضا تبعتها بمشاهدة بعض اللقطات من قنوات الأفلام.
كنت أحسب الدقائق لحلول العصر فالبيت لم يعد يطاق كنت اريد أخرج لأي مكان
ولهذا أخذت جولة طويلة طويلة بالتمشي في المنطقة ذهابا وأيابا وبعدها عدت للمنزل لاحظت ان الجميع يتشاجر على التلفاز حيث ان لدينا تلفازا واحدا في المنزل.
لقد علمت اني لم أكن الوحيد الذي أعاني لذلك كان لابد من حل يشملني ويشمل أخوتي معي بقيت أفكر حتى حل العشاء ونحن نتناول عشاء مبكرا (6) عادة
بعد الساعة 6 قررت أن اقرأ بعض الكتب التي أشتريتها سابقا بداع الفضول وبدأت برواية 1984 ولا أنكر كانت رواية مشوقة وكانت مدخلي الى عالم الكتب
حيث اني قرأت بعض الكتب قبلها ولكن لم تكن تستهويني مثل ما فعلت هذه الرواية لما فيها من أفكار فلسفية وامور محيرة كانت رائعة بحق
اذكر اني قرأت 60 صفحة متواصلة وبعدها قررت الخروج مرة أخرى لأخذ جولة في المناطق التي لم أمر بها صباحا.
كان الجو ساحرا بحق لقد أمضيت بضع الدقائق وأنا أتأمل النجوم وأقول في نفسي " متى كانت أخر مرة نظرت فيها للسماء الجميلة هكذا ؟ سنة ام سنتان او ربما سنين مضت بدون ان أحدق بها " بعد ان حدقت بها نظرت من حولي كان بعض الناس ينظرون لي >< كان الأمر محرجا جدا ولهذا اسرعت بالذهاب الى المنزل
كانت الساعة حوالي 9 قررت أن استحم وأنام كنت منهكا فقد تمشيت لساعات طوال اليوم.
استيقظت تقريبا في ال5 صباحا ولم أكن اعلم ماذا أفعل فأنا لم أعتد الأستيقاظ بهذا الوقت المبكر لذلك قررت أن أعد فطوري بنفسي وأيضا ان أمارس الرياضة بعدها فلا شيء افضل من بداية يومك بطريقة صحية.
وبعد أن انهيت ممارستها قررت أن افكر في حل لأخوتي واخواتي وهكذا بدأ المشوار.
بعد أن استيقظ اخي اخذته معي وذهبنا للتسوق , أشترينا الألعاب التالية (شطرنج, ورق لعب, دومينو وايضا منوبولي -monopoly- وايضا لعبت uno)
ان ما يميز هذه الألعاب انها بأستثناء الشطرنج كلها سهلة للتعلم جدا و بسيطة ولكن أهم هذه الأمور انها العاب جماعية حيث انه كلما زاد العدد كانت المتعة أكبر
عدنا تقريبا وقت الظهر وبدأ التحدي في محاولة فهم لعبتي monopoly , uno فانا لم ألعبهما في طفولتي وهكذا بدأنا بتجربة مرحة في محاولة أكتشاف كيف تلعبان وايضا بكل تأكيد شرحنا كيف تلعب كل لعبة منها لأخواني وأخواتي
مضت ساعات بسرعة ولم أحس ان وقت الظهر قد أنقضى . ولكن كنت أعلم ان الألعاب وحدها لم تكن تجدي وهكذا كنت أفكر في أمر نتشارك فيه جميعا وأيضا ممتع
وفي العصر بدل الخروج (كانت ساقاي تؤلماني لهذا قررت عدم الخروج اليوم) أجتمعنا مع أخواتي لنقرر ماذا نصنع في الساعات القادمة وأنتهى النقاش في ان نحاول أعداد الحلويات.
قمنا بتقسيم المهام فأنا كان علي الأشراف وعلي أخي احضار المكونات أما اختي الصغيرة فعليها صنع العجين وأختي الكبرى عليها طبخ أي كان ما نصنع
مضى الوقت كالسحر بين الضحك وبين الأخطاء ولا أنكر ان الحلويات التي صنعناها كانت فظيعة الطعم ولكن كنا مجبرين على أنهائها فنحن من صنعها ولا أحد غيرنا سيأكلها.
حينما حان المساء أنشغل الجميع بالمذاكرة لدروسه ولهذا قررت ان لا أتخلف عن المجموعة واذاكر ايضا وبعد ان أنهيت المذاكرة وجدت الأمر غريبا
فأنا لم اشاهد التلفاز وايضا لم اقرأ الرواية ولا أحس اني أضعت وقتي بلا فائدة فقد أستمتعت فعلا. ولكن اليوم أنتهى بسرعة
في اليوم الثالث استيقظت في ال7 كأنت والدتي قد أعدت الفطور فأخبرتها اني لا أريدها ان تعد لي فطورا طوال هذا الشهر فأنا أبحث عن اي شي لأي لأضيع به وقتي ولهذا أجد ألأمر ممتعا ان اعد فطوري بنفسي.
في الصباح قررت المذاكرة لكي أستمتع في المساء. الأمر الغريب اني كنت أذاكر من دون أن احس بالملل ففي الحقيقة لم يكن هناك شيء معين انتظره عكس ما كان الوضع أيام الأنترنيت فقد كنت أذاكر وانا احسب الدقائق لأنتهاء ساعات المذاكرة.
في منتصف الظهر كانت العائلة كلها جالسة ولهذا قررنا ان نلعب بالورق جميعا وقد أجبرت والداي على المشاركة رغم انهما لم يريدا ذلك ولكن هذه هيه قوة الأخ الكبير , ولكني ندمت لأحقا لقد شكل والداي فريقا رائعا وهزومنا نحن الأربعة شر هزيمة
أعترف الأن لم أتخيل ان والداي ماهران في هذا النوع من الألعاب بل في كل الألعاب القديمة.
في العصر قررت التسكع قليلا مع اخي (لم نكن نخرج كثيرا سويا ولكن هذا كله تغير) وأعطينا لأخواتي دفة القيادة لصناعة الحلويات
وأثناء التجول قررت مع أخي ان نبحث عن شيء ممتع وسألته عن أصدقاءه ماذا يفعلون في العادة
فأجابني أن اغلبهم يلعبون كرة القدم في النادي.
قررنا زيارة النادي وكنت أفكر ان نشترك في نادي السلة او ربما الطائرة ولكني صدمت ان لديهم نادي كرة منضدة ( تنس الطاولة ) وأشتركنا فورا
أحب اخي هذه اللعبة كثيرا ولهذا أستغللت الأمر وكنت امنعه من الذهاب الى النادي حتى ينهي كل واجباته اما اخواتي فكنا نلعب معهن واحدة من الألعاب الكثيرة التي اشتريناها وايضا
لعبنا لعبة (انسان, نبات, حيوان, جماد ,مدينة) وايضا لعبت الكلمات المتقاطعة وجربنا ان نتنافس فيها
وبعدها جربنا ان نلعب سودوكو ( كنت دائما الفائز فيها كونها تعتمد على الرياضيات )
وهكذا توالت الأيام
في الصباح المبكر رياضة وأعداد فطور مختلف كل يوم وايضا اصبحت اشتري من مصروفي الفواكه لأعد عصائر طبيعية (لا أنصحكم بتجربة طعمها فكانت سيئة جدا في البداية) وبعدها أما مذاكرة او قراءة قصة وفي الظهر نلعب جميعا وأحيانا يشاركنا والداي (لم ننتصر عليهم ولا مرة واحدة طول الشهر) وفي العصر أخي اصبح كل يوم يذهب للنادي وفي أحيان كثيرة اذهب معه ولكن في بعض الأحيان انشغال بأعمال المنزل فكما تعلمون للأخ الكبير واجبات
ولكوني كنت أشعر أحيانا بالملل في المساء أتصلت باًصدقائي القدامى في المنطقة وقررنا ان نلتقي مرة أو مرتين في الشهر في الليل
اما المساء فأصبحت اعود منهكا من النادي او من اللعب ولهذا اما اذاكر او اقرأ المزيد من القصص وأحيانا اشاهد التلفاز واستحم وأنام.
مضت الأيام بسرعة لم اتوقع ابدا ان استطيع الأعتياد على هذا الجو والوضع بسرعة بل الأغرب اني كنت مستمعا في كل أيامي ففي اوقات الفراغ كنت أفكر في امور جديدة نلعبها ونتشارك بها وجربنا العديد من الأمور
وخلاصة التجربة.
1- الأستيقاظ المبكر
2- توطيد علاقتي بأخواتي وأخي بشدة
3- أمضاء الكثير من الوقت مع العائلة
4- ممارسة الرياضي بشكل يومي والقيام بنشاطات صحية
5- المذاكرة المستمرة حيث اني أمضي ساعات الملل في المذاكرة لكوني لا أجد شيئا افضل منها
6- الأشتراك بنادي والتعرف على مجموعة جديدة من الناس
7-اصبح الألتقاء بألأصدقاء القدامى أمرا شهريا وحتى اليوم فمن الممتع ان نلتقي وندردش فكل منا اختار مجالا مختلفا ولدينا الكثير لنتحدث عنه
لا اخفي عليكم انها كانت من أجمل تجارب حياتي كان أسبوعا رائعا وجميلا وأكثر منه أمتاعا
كل ما تطلبه الأمر الشجاعة لأطفاء الأنترنيت وتقبل الواقع فنحن في النهاية بشر بارعون في التكيف مع الوضع ومهما حصل سنجد طرقا لنستفيد ونمتع أنفسنا ولكننا نحتاج ان نعطي نفسنا الفرصة لتحقيق ذلك
بكل تأكيد لقد أعدنا الأنترنيت الشهر الذي تلاه ولكننا تعلمنا امورا كثيرة ولا نزال حتى اليوم نستخدمها ولا أنكر اني أتمنى ان اقوم بعمل تجارب جديدة في المستقبل القريب.
في المتعة فائدة