النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: تأملات في اسم الله (الرزاق)

  1. #1
    ~¤ سبيستوني لطيف ¤~ الصورة الرمزية assiaaaa12
    تاريخ التسجيل
    25 Jun 2021
    الحنس:
    أنثى
    المشاركات
    2,007

    تأملات في اسم الله (الرزاق)

    الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

    فالرزاق -سبحانه وتعالى- هو الذي لا تنفد خزائنه، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إنَّ
    يَمِينَ اللَّهِ مَلأَى لاَ يَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ
    وَالنَّهَارَ، أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَوَاتِ
    وَالأَرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَنْقُصْ مَا فِي يَمِينِهِ، وَعَرْشُهُ عَلَى
    الْمَاءِ، وَبِيَدِهِ الأُخْرَى الْفَيْضُ -أَوِ الْقَبْضُ- يَرْفَعُ
    وَيَخْفِضُ» [متفق عليه].

    شهود آثار اسم الله الرزاق:

    إذا تأمل الإنسان في رزق الله -عز وجل- لعباده؛ امتلأ قلبه يقينًا وتوكلاً
    عليه -سبحانه وتعالى-؛ فترتاح نفسه ويطمئن قلبه، قال الله -تعالى-: {وَمَا
    مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ
    مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هود: 6].

    فيتأمل في نزول المطر من السماء، وما يملكه أحد، به تحيا الخلائق كلها،
    وبه تجري الأنهار وتمتلئ العيون والآبار، ويشرب الناس ويزرعون، وتشرب
    بهائمهم وتعيش، ويتغذى الإنسان على ذلك كله، ولو أراد الله -سبحانه
    وتعالى- أن يمنع ذلك كله أو شيئًا منه؛ لمنعه، بل لو أراد الله -سبحانه
    وتعالى- لجعل هذه الأمطار سببًا لهلاكهم، كما يفعل الله -عز وجل- فيمن شاء
    مِن عباده بأنواع الفيضانات وشدة الأمطار وإغراقها للبلاد والعباد، فلو
    شاء الله -عز وجل- أن يفعل ذلك بمن شاء لفعل -سبحانه وتعالى-، فالله يرزق
    كل مخلوق، ويقسم الأرزاق بين خلقه جميعًا.. البشر وغيرهم، المؤمن والكافر؛
    فالكل يُزرق، ولا يملك أحد رزقًا لأحد.

    معاملة اسم الله الرزاق بمقتضاه من فعل العباد:

    الرزق من الله وحده:

    إذا استحضر العبد ذلك؛ سأل الله -عز وجل- الرزق، وابتغى منه الفضل، كما قال إبراهيم -عليه السلام-: {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [العنكبوت: 17].

    وإذا استحضر العبد أن الرزق مِن الله شكره ولم يشكر غيره؛ لأن الله وحده هو الذي أعطى ومنع، بل إذا شكر هذا الغير يشكره على أنه سبب.

    وإن من ضعف اليقين أن ترضي الناس بسخط الله -تعالى-، وأن تحمدهم على رزق
    الله -تعالى-، وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله -تعالى-، فإن رزق الله لا
    يجره إليك حرص حريص، ولا يرده كراهة كاره، والله بحكمته وجلاله جعل الروح
    والفرج في الرضا واليقين، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط.

    فهذا مِن ضَعف الإيمان وضعف شهود القدر وضعف استحضار أن الله هو "الرزاق"
    أن تحمد الناس على رزق الله الذي ساقه إليك، وعلى أنهم الذين أعطوا وكان
    من الممكن أن يمنعوا، وأن يظن الإنسان أن الأمور بأيدي الناس أو أن يذمهم
    على ما لم يؤته الله، فما حُرم منه الإنسان إنما هو أمر مكتوب يكتبه الله
    -عز وجل- عليه، فالله هو الذي لم يقدِّر له هذا الشيء، ولم يؤته إياه،
    وليس الناس.

    فمن ضعف اليقين أن يقول المرء: فلان حرمني، أو فلان سبب في منعي من ذلك،
    أو نحو هذا.. فلا ينبغي للإنسان أن يشغل نفسه كثيرًا بالناس، فإنهم لن
    يمنعوا عنك رزقًا أراده الله -عز وجل- لك، فليس ذلك في مقدرتهم، كما قال
    النبي -صلى الله عليه وسلم-: «يَا
    غُلاَمُ، إِنِّي أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ: احْفَظِ اللَّهَ؛ يَحْفَظْكَ،
    احْفَظِ اللَّهَ؛ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ، إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ،
    وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ، وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ
    لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ
    إِلاَّ بِشَىْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ، وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى
    أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ
    اللَّهُ عَلَيْكَ، رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ» [رواه أحمد والترمذي، وصححه الألباني].

    طلب الرزق بما أحله الله -عز وجل-:

    وإذا أيقن الإنسان أن الله هو الرزاق؛ لم يطلب الرزق بما حرَّمه الله -عز
    وجل-، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ رُوحَ القُدُسِ نَفَثَ
    في رُوعِي أنّ نَفْسًا لنْ تَمُوتَ حَتّى تَسْتَكْمِلَ أجَلَها
    وَتَسْتَوْعِبَ رِزْقَها، فاتّقُوا اللهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلبِ، ولاَ
    يَحْمِلنَّ أَحَدَكُمُ اسْتِبْطاءُ الرِّزْقِ أنْ يَطْلُبَهُ بِمَعْصِيَةِ
    اللهِ، فإنّ الله -تعالى- لا يُنالُ ما عِنْدَهُ إلاّ بِطاعَتِهِ» [رواه
    البزار وأبو نعيم في الحلية، وصححه الألباني].

    فلا يقولن عبد كلمات كتلك التي تقال: أريد أن آكل عيشًا! و: أريد أن أربي
    أولادي! مبررًا بذلك ارتكابه الحرام! فالكفرة يفعلون ذلك، وكثير مِن
    العصاة والمجرمين يفعلون ذلك، وليس هذا بعلة ولا عذر في ارتكاب المعاصي
    والذنوب فضلاً عن الكفر والنفاق، فإن الرزق يأتي من الله -عز وجل-، وليس
    معنى ذلك أن لا يأخذ العبد بالأسباب، ولكن يأخذ منها ما حل، كما قال النبي
    -صلى الله عليه وسلم-: «فاتّقُوا اللهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلبِ» [صححه
    الألباني في صحيح الجامع برقم: 2085]، فليطلب الطلب الجميل، يطلب؛ لأن
    الله قد أمره بذلك، فقد أمره بابتغاء الرزق: {فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [العنكبوت: 17].

    وليستعمل رزق الله -عز وجل- في عبادته ويشكر ربه -سبحانه وتعالى- على ما
    أعطاه، أما أن يترك الإنسان الطلب ولا يبتغي رزق الله، فهذا ليس من هدي
    الأنبياء، كما تكلم بعضهم أنه كان قد خرج في طلب معاشه فقرأ أو سمع أو
    تذكر قول الله -سبحانه وتعالى-: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}
    [الذاريات: 22]، فقال: "إن رزقي ها هنا -أي: في السماء- وأنا أطلبه من ها
    هنا!" -أي: من الأرض-، فدخل المزبلة وظل بها، وذكروا أنه كان يرزق ويطعم
    فيها، ونحو هذا.. !

    فهذا بالقطع ليس من هدي الأنبياء، ولا أمر به القرآن، وليس معنى أن الرزق
    في السماء ألا يطلب من الأرض، ولكن ليتعلق قلب الإنسان بمن يرزقه من
    السماء؛ فاجعل قلبك متعلقًا بالله -سبحانه وتعالى- وبرزقه الذي قدَّره لك
    في السماء، ولا يعني ذلك ألا يمشي الإنسان في مناكب الأرض، كما قال الله
    -عز وجل-: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10]، وكما قال الله -سبحانه وتعالى-: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} [الملك: 15].

    وإن رُزق الإنسان بطريقة غير شرعية فقد يكون ذلك امتحانًا من الله -عز
    وجل- لعباده، فأهل المعاصي يُرزقون، فلا مانع في أن يرزق أهل المخالفة
    وأهل البدع كذلك؛ ولذلك نقول: ليس معنى كونه قد رزق مثلاً رغم ترك الأسباب
    أن هذا هو المشروع، لا بل الرزاق -سبحانه وتعالى- أمر الإنسان أن يبتغي
    منه الرزق، وأن يطلب فضله -سبحانه وتعالى-.

    شهود آثار اسم الله الرزاق:

    إن رزق الله -عز وجل- للكائنات ليس مقتصرًا على الأرزاق الظاهرة من
    الأموال والغذاء والماء وغيرها، بل إن أجزاء الكائن الحي نفسها ترزق وهي
    في مكانها، فيدبر الله -عز وجل- القوت في بدن الإنسان والتم الحذف كلمة غير محترمة5، فبقدرته
    -عز وجل- يرزق كل ذي قوت قوته، ثم يدبر ذلك القوت في الأعضاء بحكمته
    تدبيرًا متقنًا محكمًا.

    فإذا تأمل الإنسان الهواء الذي يتنفسه، والذي هو رزق من الله -عز وجل- لا
    يعلم أهميته وقدر النعمة به إلا من حرمه، كمن حبس في مكان ضيق مثلاً أو
    حبس نفسه، أو ضاقت عليه مجاري نفسه، أو ابتلي بداء في الصدر يجعله لا
    يستطيع أن يتنفس، فيعرف -حينئذ- قدر نعمة الهواء الذي يتنفسه، فهذا الهواء
    إذا تنفسه الإنسان وصل إلى كل خلية من خلايا جسمه؛ إذ يسوق الله -عز وجل-
    إلى كل خلية ما تحتاج إليه.

    وكذلك الأمر في التم الحذف كلمة غير محترمة5 والنبات، وهذه العملية تتم والإنسان مستيقظ أو
    نائم على السواء، وهو في غفلة عن هذا، فهو لا يدري كم حملت كرات الدم
    الحمراء مثلاً من هذا الأكسجين إلى أجزاء بدنه، وما هي التفاعلات الكثيرة
    المتعددة التي جعلت هذا الهواء المتنفس يتحول إلى ما تنتفع به الخلايا.

    ولو توقفت بعض هذه العمليات المعقدة في جسم الإنسان؛ لما وصل هذا الهواء
    إلى أجزاء الجسم، ولماتت، ولتعذر عليها أن تستمر، ولأضرت بالإنسان بعد
    ذلك، فعند حدوث خلل في الدورة الدموية لبعض الأعضاء ونقص في وصول الأكسجين
    إلى هذا الجزء من الجسم، فعند ذلك يظهر لنا أن الله -عز وجل- هو الذي يدبر
    هذا الهواء في الجسد كله بكل أجزائه، ونعرف أننا لا نملك شيئًا من ذلك، بل
    هو رزق يسوقه الله -عز وجل- إلى كل أجزاء بدننا، وكذلك الأمر مع الطعام
    والماء الذي نشربه؛ إذ يدبر في الأبدان تدبيرًا متقنًا محكمًا.

    معاملة اسم الله الرزاق بمقتضاه من فعل العبد:

    ينبغي على العبد المؤمن أن يستعمل نعم الله عليه في عبادته، ويشكره عليها،
    وأشرف الأرزاق: "الإيمان، والعلم والعمل، والحكمة، وتبيين الهدى المستنير
    الذي جاءت به الرسل.. "؛ فهذه هي أعظم النعم، وأشرف الأرزاق

  2. #2
    ✾ سبيستوني حالم ✾ الصورة الرمزية artimis
    تاريخ التسجيل
    08 Jan 2017
    الحنس:
    أنثى
    المشاركات
    37,219
    السلام عليك الحمد لله على كل شي احببت موضوعك مميز √

    فقد بينت لنا عظمة الخالق و عظمة إسمه الجليل استمتعت بقراءته √

    جزاك الله خيراً على تقرير رائع و مواضيع ملهمة دمت بٱمان ^^

    ( ليانا المحاربة الشرسة. آيريس المحاربة الأسطورية. كآثرين أسطورة غامضة ) ♡

    يمنع إستخدام أي من أسماءي ف المنتدى و شكرآ ♥




  3. #3
    ~¤ سبيستوني عريق ¤~ الصورة الرمزية tadj2007
    تاريخ التسجيل
    03 Sep 2020
    الحنس:
    ذكر
    المشاركات
    1,578
    ​عظيييم

المواضيع المتشابهه

  1. مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 06-21-2016, 06:28 PM
  2. إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين
    بواسطة sacy في المنتدى أكشن
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 01-10-2016, 07:14 PM
  3. عبد الرزاق
    بواسطة abderezek في المنتدى رياضة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 07-05-2015, 11:16 PM
  4. فلسفة عبد الرزاق الجبران في لصوص الله
    بواسطة alimayad في المنتدى أكشن
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 03-15-2015, 10:36 PM
  5. تأملات في ملكوت الله (1)
    بواسطة r_k في المنتدى زمردة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-03-2011, 03:49 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •