واحدة بواحدة
دخل أحد الغرباء مدينة، وأخذ يتجول في شوارعها، حتى وصل أمام طبّاخ
يشوي اللحم، وتتصاعد من الشواء رائحة شهية، ورأى وسط الدكان مائدة طويلة
فوقها خبز نقيٌّ ولحمٌ مشويٌّ، وسمكٌ مقليٌّ.. وبما أن هذا الغريب كان خاوي البطن
فقد بقي مدة يتشمّمُ هذه الرائحة الزكية وهي تسيل لعابه .
وعندما أراد الإنصراف ناداه صاحب الدكان قائلاً : ( يا سيد يجب أن تدفع ثمن
ما شممت ) فأجابه صاحبنا : ( لكنِّي لم آكل شيئا حتى ادفع الثمن ) إلا أن
صاحب الدكان تمسك بطلب الثمن .
وعند ذلك تفطن صاحبنا إلى حيلة ، فوضع يده في جيبه ، وحرك الدراهم التي
عنده . فسمع صاحب الدكان رنينها وظن أنها ستكون من نصيبه ، ولكن الغريب قال
له : ( هل سمعت الدراهم يا سيدي ؟ )
فاجابه ( نعم ، نعم سمعت ذلك ) فقال له صاحبنا : ( حسن ، واحدة بواحدة . أنا شممت ولم
آكل ، وأنت سمعت ولم تقبض ).
فتعجب صاحب الدكان من ذكاء الرجل ، وأستدعاه إلى دكانه ، وقدَّم له غداءً شهيا فأكل حتى شبع .
(( عن مجلة العرفان ))