السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جمعة طيبة مباركة لكل أحباب المنتدى والعائلة السبيستونية، اتمنى انكم بخير وعلى خير انتم وجميع أهليكم.
هذه الأيام يتغير لقبي السبيستوني بسرعة أصبحت "أصيلا"، أسأل الله ان يجعلنا من الاصيلين.
يقول الله عز وجلّ في محكم تنزيله: "نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَٰذَا الْقُرْآنَ"
بشهادة من القوي العزيز فان قصة يوسف عليه السلام هي من احسن القصص، ولِما يقصها الله تعالى علينا؟ لان فيها من الاعتبار الشديد الذي يغفل الكثير من الناس عنه، والله هو الحق وقوله حق جلّ في علاه. فانّ هذا القرآن الذي بين ايدينا فيه كل الحلول لهذا الكون سواء علمنا بها ام جهلنا بها، فان العلم فتح من الله جل في علاه والقرآن كلام الله فيه من العلوم ما لا يعلمها الا هو تعالى ويفتح به على من يشاء من عباده.
فدعني أذكر نفسي واياك بعبرتين كبيرتين من هذه السورة العظيمة، والعبرة الاولى ان لا تتجرأ على الذنب وتظن انّك سوف تتوب بعد ذلك وان التوبة امرها سهل، وهذا ما فعله اخوة يوسف وبغض النظر عن الحكمة في هذه الحادثة التي تحدثنا على العدل بين ابنائنا تفاديا للحقد ومداخل الشيطان، فان العبرة هنا كبيرة جدا فقد ارادوا قتله ثم قال احدهم: "نقتله ونتوب" وكأن التوبة شيء يشترى ويباع.
وهذا امر خطير جدا ويحدث كثيرا في زماننا هذا، سواء الذي يسرق او يضرب او يسيء الى جاره، او سواء الذي تنصحه فيقول متثاقلا: "هدانا الله" وكان لديه متسع من الوقت للتوبة، ثم في المنعرج الاول يعود الى افعاله السيئة، نسأل الله العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة.
وطبعا هناك فرق بين النفس اللوامة، التي تجعل الانسان يلوم نفسه على ما يفعل و يندم ثم يعود الى ما يفعل ثم يتوب وهكذا، وبين الذي يستهزء فانا كلامي موجه للمستهزئين طبعا، فالاول سوف يتوب الله عليه ويثبت بإذن الله تعالى.
واذكرك ان اخوة يوسف منعوا من التوبة 40 سنة (والله اعلى واعلم طبعا ان كان اكثر او اقل)، وفي هذه المدة لم ينس يعقوب عليه السلام ابنه يوسف عليه السلام بل زادت حالته شدة وسوء، وهذا عكس ما ظنه الاخوة فقد ظنوا انه سوف ينساه مع الوقت و يتجه اليهم بدلا منه عليه السلام.
ولكن يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، ما عند الله لا يدرك بالحيلة و اقول لك نصيحة سوف تنفعك بإذن الله تعالى الواحد الاحد، في هذا الزمان المليء بالعصرنة و التقدم وسرعة الافكار، فان نجاتك دائما في الله وليس في حيلك وليس في تعلم الحيلة تحججا بمواكبة العصر، وحتى وان كان التوكل على الله وتجنب الحيلة يعتبر الان سذاجة في هذا العصر، الا انه المنجي بإذن الله تعالى.
كن على يقين تام انه مهما ادركت من الحيلة فلن يصيبك الا ما كتب الله لك وما اصابك لم يكن ليخطئك وما اخطأك لم يكن ليصيبك، وليست شطارتك وحيلتك هي التي منعتك وانما حكمة الله أكبر من ان تفهمها. فسر مع الناس بقلب صاف نقي خال من الحيل وان كان محيطك يمكر لك سوء، فتأكد ان كيدهم في نحورهم و سوف يفضحهم الله لك عاجلا او آجلا ان انت احسنت التوكل على الله و اكثرت الدعاء والصدقة طبعا فهي تدفع البلاء وغضب الربّ جل في علاه.
العبرة الثانية، وهي ان المخرج بيد الله ومهما كانت الشدة التي انت فيها فان لله ابوابا لا يمكنك استيعابها سوف يفتحها الله لك من حيث لا تدري ان انت احسنت التوكل عليه جلّ في علاه واكثرت الدعاء و فعل الخيرات.
يوسف عليه السلاّم خرج من السجن الذي القي فيه منسيا مهمّشا "بتفسير رؤيا"، بل تلك الرؤيا كانت سببا في نجاة مصر والامم الاخرى، وجعلته في مقام ومنصب علي وهو اعلى منصب تحت حاكم مصر وان كان يوسف عليه السلام هو الحاكم الحقيقي لو تأملنا في القصة جيدا. والعبرة هنا ان هذا الامر ليس للانبياء عليهم السلام فقط فهو للجميع وكل حسب يقينه في الله، فانت ان ايقنت ان الله سوف يفتح لك بابا لم تظن انه سوف يفتح، فانه سوف يفتح بإذن الله تعالى و الله قال في محكم تنزيله ادعوني استجب لكم.
في النهاية اقول لك: "لا تستوحش طريق الحق لقلّة السالكين"، و اؤكد لك انه حتى ولو انتقلنا الى كوكب زحل للعيش فان الجانب الروحاني وصلتك بالله هي الحل في كل شيء، وصلتك بالقرآن هي اهمّ شيء، وليس الحيلة والاحتيال هنا وهناك.
الحلول بين يديك وانت اختر ما شئت فلا تزر وازرة وزر أخرى.
تحياتي ♥